عادل تاعرابت.. موهبة استثنائية ضلت طريقها إلى المجد
تتوالى السنين وتتوالى معها وقائع وأحداث، تكون رحيمة ببعض، وقاسية على آخرين بأحداثها وظروفها، نتعجب لأسماء كيف انتهى بها المطاف عكس المنتظر، تراها نجوما تتلألأ ولكن سرعان ما تأفل، أحدهم اعتبر من بين أفضل المواهب التي تنبأ لها من عاصروها وشهدوا لبداياته بمستقبل مشرق، لكن مستقبله كان حالكا لم يشهد حتى لقبس نور من شدة الإخفاق والنكسات، هو عادل تاعرابت الموهبة الإستثنائية التي أضاعت طريقها إلى المجد.
رأى تاعرابت النور يوم 24 ماي 1989 بمدينة فاس، انتقلت عائلته إلى فرنسا وهو في عمر 9 أشهر، بدأ مشواره في كرة القدم مع فريق لينس الفرنسي سنة 2001 وتدرج في فئات النادي السنية إلى أن تم تصعيده سنة 2006 إلى الفريق الأول، لم ينجح في إقناع مدرب الفريق آنذاك بعدما خاض سوى مباراتين فقط، انتقل سنة 2007 إلى نادي توتنهام الإنجليزي، لم تجري الرياح كما اشتهاها تاعرابت وفشل في إثبات إمكانياته، إذ لعب معه 17 مباراة ولم يسجل أي هدف.
رغم الأرقام الضعيفة، عادل كان يمتلك موهبة كبيرة تحتاج فقط لمن يصقلها، انتبه فريق كوينز بارك رينجرز لما يتمتع به الدولي المغربي، ليقرر في الأخير انتداب تاعرابت سنة 2009، هنا كان لتاعرابت موعد مع النجومية، بعدما قدم مستويات كبيرة وكشف موهبته للعالم، إذ خاض مع الفريق الانجليزي 164 مباراة وسجل 34 هدف، أعير سنة 2013 إلي نادي فولهام ولكنه لم يقدم المنتظر منه لتراجع مستواه، إذ لعب لفولهام 16 مباراة وسجل هدفا واحدا فقط، قبل أن ينتقل سنة 2014 إلى نادي ميلان كفرصة أدركها تاعرابت لكي يعود لمستواه ويقنع مسؤولي الفريق بمؤهلاته الفنية، قدم مباريات ممتازة مع الروسونيري بمهاراته ومراوغاته الساحرة، نجح في تسجيل 4 أهداف من أصل 16 مباراة خاضها مع الفريق، اعتقد الجميع وأولهم مشجعو نادي ميلان أن فريقهم سيشتري عقد اللاعب إلا أن مسؤولي النادي رفضوا ذلك.
بخيبة أمل كبيرة انتقل تاعرابت سنة 2015 إلى نادي بنفيكا البرتغالي بعقد مدته 5 سنوات، انتقاله هذا كان مقصلة مساره، انضم للفريق وظل خارج الخدمة، قضى موسما ونصف الموسم غائبا عن المستطيل الأخضر، لينتقل سنة 2017 إلى نادي جنوى الإيطالي على سبيل الإعارة لمدة موسمين، في البداية قدم مباريات مقبولة في محاولة منه لانقاد مستقبله وإحياء مسيرته، إذ خاض معه 29 مباراة وسجل هدفين فقط، ولكن الإصابات والغياب المتواصل عن الملاعب أوقف زخم تاعرابت وازدادت حالته سوءًا ليقرر فريق جنوى هو الآخر التراجع عن فكرة شراء عقده ويعود إلى نادي بنفيكا، الذي أبلغه بضرورة البحت عن فريق جديد لأنه بات خارج مفكرته، ليصبح تاعرابت تائها ينتظر فريقا يمد له يد المساعدة وينقد ما تبقى من مسيرته.
11 فبراير 2009 هو تاريخ أول مباراة خاضها تاعرابت بقميص منتخب بلاده، وذلك في اللقاء الذي جمع المنتخب الوطني المغربي بنظيره التشيكي وقدم خلالها اللاعب أداء رائعا، شارك مع أسود الأطلس في 18 مباراة سجل خلالها 4 أهداف، وفي سنة 2011 قرر الاعتزال دوليا بعد علمه بعدم دخوله كأساسي في مباراة الجزائر ليغادر معسكر المنتخب قبل أن يعتذر للمغاربة ويعود ليشارك ضد منتخب تانزانيا، ومنذ ذلك الحين وهو غائب عن قائمة المنتخب الوطني المغربي للأزمة الصعبة التي يمر منها في مسيرته الاحترافية.
هذه حكاية تاعرابت، حكاية اللاعب الذي ارتبطت معه آمال محبيه، نهاية يصعب تصديقها ولو حتى أشد المتشائمين، بنفسه ستجده جالسا يجادل نفسه يعيد شريط مساره يحاول استيعاب ما أصبح عليه، ويقول “من أنا؟ لماذا أصبحت هكذا؟ وكيف وصلت لحالي هذا؟ هل أنا السبب؟ أم الظروف هي السبب؟ أم حظي العاثر هو السبب؟ ما الذي حدث؟ ليس هذا ما تمنيته وليس هذا ما أردت الوصول إليه” ليعود مجددا ويطبق فمه تائه بين أحلام ماضيه وكوابيس مستقبله.