بوصوفة.. اسم حارب في الخفاء ورحيله ترك فراغا ظاهرا داخل “الأسود”

المرء يُدرك قيمة ما كان يملكُه إلى أن يفقده، هي فطرة دنيئة لدى البشر، الأسى يغزو النفوس عندما تتحسس افتقادك لمن اعتدت تواجده، لمن كان فارسك الغامض وجنديك المجهول، ينتبهون فقط لمن تحت الأضواء دون أن يلتفتوا لمن يقاتل في الظل، كان خير لاعب ومن بين الأفضل في تاريخ كرة القدم الوطنية، قدم كل ما لديه للمنتخب طوال سنوات خدمته، كان المايسترو واللاعب الذي يجوب أرضية الملعب كالنحلة، تراه في كل جانب من المستطيل الأخضر، يساند المدافع ويمهد الكرات للمهاجم، مبارك بوصوفة النجم الذي تألق في الخفاء وترك مكانه ظاهرا داخل المنتخب الوطني.

رأى بوصوفة النور في 15 غشت سنة 1984، بالعاصمة الهولندية أمستردام، خاض تجارب عدة بعدد من الأندية والأكاديميات، إذ سبق وأن لعب في أياكس أمستردام ونادي تشيلسي الإنجليزي في مراحل تكوينه إلا أن بداية مسيرته الاحترافية كانت مع مع نادي غينت البلجيكي سنة 2004 واستمر معه لسنتين، سجل وسجل 14 هدفا من 63 مباراة، موهبته نالت إعجاب مسؤولي فريق أندرلخت وقرروا انتدابه سنة 2006،حمل قميصه في 223 مباراة، وسجل 61 هدفا، كان نجم الفريق الأول وأحد نجوم الدوري حينها، اختير كأحسن لاعب في الدوري البلجيكي ثلاث مرات مواسم 2006، 2009 و2010.

سنة 2011 شد بوصوفة الرحال إلى روسيا واللعب لنادي انجي مخاشكله، دافع عن ألوانه في 98 مباراة وسجل 15 هدفا، وبعد موسمين أعلن رئيس آنجي مخاشكله عن تغيير سياسته وذلك ببيع نجوم الفريق الأجانب، لينتقل سنة 2013 إلى نادي لوكوموتيف موسكو الروسي، شارك معه في 48 مباراة وسجل 6 أهداف، ليعود إلى نادي غينت البلجيكي سنة 2016 على سبيل الإعارة، ويشارك في 15 مباراة سجل فيها هدفين.

قرر سنة 2016 خوض تجربة على الأراضي الإماراتية باللعب لنادي الجزيرة الذي تألق معه لموسمين، لعب بقميصه 84 مباراة بجميع المسابقات، وسجل 12 هدفا، كما توج معهم الموسم الماضي بلقب الدوري الإماراتي، ليعرج في الانتقالات الشتوية لسنة 2019 إلى فريق الشباب الذي لعب معه 15 مباراة وسجل هدفا واحدا، ليوقع في صيف السنة الحالية لنادي السيلية القطرية الذي يلعب له حاليا.

حكايته مع المنتخب الوطني مؤسفة في جل فصولها، حكاية بطل غير متوج، قدم كل ما لديه للمنتخب ولكنه صادف الأخير في أسوء فتراته، بداية مسيرته الدولية كانت سنة 2006 مع المنتخب الوطني الذي اختاره وفضله على نظيره الهولندي رغم مساعي مسؤولي الأخير لتفضيل الطواحين على بلده الأم، شارك في تصفيات نسخ أمم إفريقيا حينها تأهل الأسود لبعضها، والفشل ظل ملازما للفريق في السنوات العجاف التي مرت على الكرة المغربية حينها، إلا أنه كان إحدى نقط ضوء الأسود ومن الأسماء التي توسم منها المغاربة خيرا في المستقبل.

سنة 2017 نجح المنتخب المغربي في بلوغ ربع نهائي كأس أمم إفريقيا، تحت قيادة الفرنسي هيرفي رونار، عقب مباريات أظهر فيها بوصوفة مستواه ووطنيته إذ لم تفارق لقطة بكائه وانهياره بعد تجاوز المغرب لدور المجموعات من المنافسة، كما نجح المنتخب الوطني في التأهل إلى نهائيات كأس العالم روسيا 2018 بعد غياب دام لـ20 سنة، ويشارك الأسود ويقدم مستويات نالت رضا وإعجاب المغاربة رغم الإقصاء من دور المجموعات الذي كان يضم كل من إيران، البرتغال وإسبانيا.

أجل مبارك بوصوفة اعتزاله اللعب دوليا إلى ما بعد نهائيات أمم إفريقيا مصر 2019، على أمل تحقيقه مع الأسود مع عجز عنه في النسخ الماضية، شارك وكان النجم الأول للمنتخب، توج برجل المباراة أمام كل من ناميبيا وجنوب إفريقيا قبل أن يغادر المنتخب الوطني المنافسة بإقصاء مفاجئ على يد منتخب البنين وينتهي مشوار الأسود بنكسة جديدة لم تكن منتظرة، ويُنهي معها مبارك بوصوفة مشواره الدولي الذي لم ينصف مستوياته وما أفناه لمنتخب بلاده.

رحيله جعل الجميع ينتبه لما تركه من فراغ في المنتخب، الكل افتقد ذاك اللاعب المحوري الذي لا يتوقف عن الركض خلف الكرة، النجم الذي كان يقاتل وحيدا حتى في أحوج الظروف وأسوء المباريات، الإسم الذي كان المحرك الفعلي والجندي المجهول للمنتخب الوطني.



whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
محامي يكشف العقوبات التي تنتظر “مومو” والمتورطين في فبركة عملية سرقة على المباشر







انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى