حوار.. فيزيائية مغربية بأمريكا: لا أرغب في أن يصبح مغني الراب أو المؤثرين قدوة لدى بعض الطلبة

كوثر حفيظي عالمة الفيزياء النووية، مغربية تنحدر من مدينة الرباط، استطاعت بعزيمتها وقوة شخصيتها أن ترسم لها مسارا استثنائيا، رغم جميع الصعاب والمشاكل التي واجهتها، فهي إذن فخر لكل مغربي ومغربية.

تنحدر عالمة الفيزياء من أسرة متواضعة بالمدينة القديمة بالرباط، عاشت طفولة قاسية، بسبب طلاق والديها وعمرها آنذاك لا يتجاوز أربع سنوات، لتجد نفسها محرومة من حنان وعطف الأم، ومع ذلك استطاعت أن تحدد مسارها الدراسي.

عشقها للفيزياء النووية جعلها تشغل مديرة قسم الفيزياء النووية في واحد من أكبر مختبرات العلوم بالعالم، وهو مختبر “أرغون” الوطني بالولايات المتحدة الأمريكية.

حاولت كوثر حفيظي أن تكشف لموقع “سيت أنفو”، في هذا الحوار الخاص، عن تفاصيل دقيقة من حياتها الشخصية والمهنية، وكيف تحاول اليوم مساعدة أبناء وطنها في تطوير مجال البحث العلمي.

هل يمكن أن تتحدثي لنا عن مساركِ الدراسي وكيف هاجرت إلى الخارج؟

بطبيعة الحال، أنا أقطن بالمدينة القديمة بالرباط، وبالضبط بحي “بوقرون” درست الابتدائي بمدرسة مراكش، وبعدها انتقلت إلى إعدادية عبد السلام سايح بباب شالة، ومن تم إلى ثانوية مولاي يوسف، حيث حصلت على شهادة الباكلوريا شعبة علوم رياضية.

بعد الحصول على شهادة الباكلوريا التحقت بجامعة محمد الخامس كلية العلوم تخصص رياضيات فيزياء وفي السنة الثالثة تخصصت في الفيزياء وحصلت على الإجازة سنة 1995، ونظرا لكون جل الذكاتر كانوا عاطلين عن العمل، بدأت أحلامي تنهار.

لكن لكوني كنت أعيش مع جدتي وعماتي، قامت إحدى عماتي ببيع مجوهراتها لأتمكن من متابعة دراستي في فرنسا، لأنني لم أحصل على أي منحة ولم أجد من يدعمني، رغم أنني كنت من الطلبة المتفوقين.

هل واجهتك تحديات في البداية للوصول إلى هذا المنصب؟

أنا بطبيعتي أختار الصعب ولا أختار الأشياء السهلة، منذ أن كنت صغيرة وأنا أتحدى نفسي وأركب الصعاب، لأن الإنسان يقاس بالصعاب التي واجهها في حياته، لأن الأشياء السهلة لا تساهم في تطوير شخصية الإنسان، ومجال الفيزياء النووية مجال أعشقه كثيرا وكنت مغرمة به، وأجد متعة لا توصف حينما أفهم خبايا المادة المرئية المتعلقة بالنجوم التي توجد بالسماء والضوء وغيرها.

وأظن أن من أهم الصعاب التي واجهتني في حياتي، هي التحديات التي واجهتها منذ الولادة، بحيث عانيت كثيرا حينما كان عمري أربع سنوات من طلاق والدي، لأنني كنت أحس بالنقص وأحس بغياب حنان الأم، لكون والدي هو من تكلف برعايتي رفقة والدته.

فالصعاب التي وجهتها وأنا طفلة كانت أصعب من الصعاب التي واجهتها في مساري المهني، لأن الطفل حينما يذهب إلى المدرسة يبدأ بالتسلح بالعلم والمعرفة ويبدأ في تحليل وضعه.

هل يمكن لك أن تحدثينا عن مجال عملك في مختبر “أرغون” الوطني؟

منذ أربع سنوات تقريبا وأنا أشغل منصب مدير مشارك في مختبر “ارغون” للعلوم الفيزيائية والهندسة، ونحن نشتغل كفريق مكتمل من أجل تطوير البحث العلمي من أجل المساهمة في تطور الاقتصاد الأمريكي وحل مشاكل المناخ والكربون والطاقات المتجددة والفيزياء النووية والبطاريات التي تستعمل في السيارات والطائرات.

ومن بين الأمور التي نشتغل عليها كذلك النظائر الطبية، وهي طرق واعدة لعلاج السرطان، لا سيما الذي يكون في مرحلة متقدمة من الانتشار في جسم الإنسان؛ وذلك بعد فهم التكوين الكيميائي لكل نوع من السرطانات.

أسست مؤخرا إلى جانب جامعة وجدة مبادرة لدعم الطلبة المغاربة، كيف جاءت هذه الفكرة؟

الفكرة كانت تراودني منذ سنوات، وذلك راجع لمعاناتي في بداية مساري الدراسي، لأنه لولا بيع المجوهرات من أجل الهجرة إلى الخارج، لكان مصيري مختلف، وبالتالي أحاول قدر المستطاع مساعدة هؤلاء الطلبة المتفوقين من أجل إتمام دراستهم.

هل تلقيت اتصالات من جهات عليا أو وزارات بعد إطلاق هذه المبادرة من أجل تعميمها بجميع ربوع المملكة؟

بصراحة، لم أتلق أي اتصال من أجل جهة ولا أنتظر أي اتصال من أحد، لأنني أريد مساعدة أبناء وطني، والنهوض بالبحث العلمي، لذا ربطت الاتصال برئيس جامعة محمد الأول ومدير المدرسة العليا للتكنولوجيا ونائبه، والذين لمست فيهم جدية وحماس غير عادي، فهم يحبون الطلبة بشكل كبير لدرجة أنهم في بعض الأحيان يضطرون لحل بعض المشاكل من مالهم الخاص.

أتمنى أن أضع يدي في يد مسؤولين في الدولة من أجل تعميم هذه المبادرة على جميع ربوع المملكة.

أنا لا أرغب في أن يصبح مغني الراب أو المؤثرين هم القدوة لدى بعض الطلبة، لأنه عوض أن نجد عالم فيزياء أو باحث هو القدوة، نجد أشخاص آخرين يلعبون هذا الدور.

وبخصوص الفرص التي ستتيحها هذه المبادرة للطلبة، فالجمعية ستعمل على منح الطلبة منح اجتماعية من أجل متابعة دراستهم، وستعمل الجمعية على جمع التبرعات من المؤسسات الكبرى، لدعم الطلبة المتفوقين.

كما سنحاول البحث عن شراكات للجامعة مع مختبرات عالمية لضمان توفير فترة تدريب لهؤلاء الطلبة المتفوقين.

 سؤال أخير هل تفكرين في العودة والاستقرار في المغرب؟

بصراحة أنا لا أفكر في العودة إلى المغرب، لأن أحلامي أكبر من تلك التي سأقوم بها في المغرب، وفي الحقيقة يجب طرح هذا السؤال على المسؤولين في المغرب، واش هما باغين مغاربة العالم يرجعوا المغرب؟.

أنا غادرت المغرب منذ 1995 ولدي حياتي الخاصة هنا بأمريكا، فقد عشت أكثر من 27 سنة بالغربة، وبالتالي يصعب العودة إلى المغرب، لأن لدي مسؤوليات كبيرة في أمريكا.

إذا كان رجوعي إلى المغرب سيكون له تأثير كبير ومفصلي في النهوض بالعلوم بالمغرب، فأكيد سأضحي من أجل بلدي، فهو الدم الذي يجري في عروقي.


قبل مواجهة بركان.. صدمة جديدة تدفع جماهير اتحاد العاصمة لمهاجمة الاتحاد الجزائري

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى