المهدي فاريا.. إسم ذهبي “خالد” في تاريخ الكرة المغربية
هي حكاية أسطورية اعتدنا سماعها بشغف ودهشة، حكاية من جاء من بعيد، بعيد جدا، من خلف البحار، من بلاد كرة القدم الخالصة، هناك عند السحرة، جلب شيئا منه ونثره على المنتخب، وعرف العالم بالمغرب وجعلهم يقفون احتراما له، هو المدرب الكبير المهدي فاريا، الإسم الذي حمل المنتخب الوطني للعالمية.
من أرض السامبا ولد المهدي فاريا أو “خوسي فاريا” في 26 أبريل 1933 ب”ريو ديجانيرو” البرازيل، وكباقي أقرانه هناك فقد ولد على حب كرة القدم وترعرع على شغفها ورضع من عشقها، عندما اشتد عوده لعب كمهاجم لبعض الأندية البرازيلية كبونسوسيسو، بانفوو فلومينينسي، ولكن بريقه كلاعب لم يتجاوز البحار، إلا أن عرج إلى التدريب كباقي النجوم الذين لا يستطيعون العيش عن الساحرة المستديرة، في بداياته كلف بتدريب شبان فريق فلومينينسي من سنة 1968 الى سنة 1979، احتك بعالم التدريب واكتسب الخبرة والرؤية التي تشفع له أن يغادر بلده للبحث عن مجده، وسافر سنة 1979 إلى قطر ليدرب المنتخب العنابي لأقل من 20 سنة.
هي أشهر فقط كانت كافية بان يظهر معدنه الحقيقي ويحتم على نادي السد القطري التعاقد معه في نفس السنة، وسرعان ما بدأ في حصد جل الألقاب المحلية هناك، قضى معهم ثلاث سنوات ليقرر بعدها تغيير الأجواء وخوض تحد جديد، ببلد لطالما اشتهر بحبه للكرة البرازيلية وغني بالمواهب ليقرر التوجه إلى المغرب ومن بوابة الجيش الملكي سنة 1983 والى سنة 1988، حقق معهم كل الألقاب الممكنة حيث كانت أزهى فترات العساكر التي كانوا يتربعون فيها على عرش الأندية المغربية.
وخلال تدريبه لنادي الجيش الملكي، تولى تدريب المنتخب الوطني أيضا في آن واحد حاملا على عاتقه مسؤولية كبيرة، واستطاع أن يدفعهما معا الى القمة ودون كلل، فإن تحدثنا عن إنجازاته فمعظمها تلك التي وقعها مع المنتخب الوطني كأول منتخب عربي يصل للدور الثاني من كأس العالم وذلك في مونديال 1986 بالمكسيك، فمن كان يتصور أن نتأهل على رأس المجموعة التي كانت تضم كل من انجلترا والبرتغال وبولونيا، فمن كان يتصور ان يفوز المنتخب على البرتغال الذين كانوا يلقبون ببرازيل أوروبا انذاك، ومن كان يتصور ان نقدم ذلك المستوى الكبير والندية الأكبر امام منتخب المانيا في الدور الموالي، رغم الخسارة بهدف وحيد فقط، منتخب فرض على جماهير الخصم التصفيق عليه قبل جماهيره، وشرف الكرة المغربية والعربية والافريقية، صحيح أن اللاعبيون كان لهم دورا كبيرا في ذلك الإنجاز ولكن من يستحق الثناء الأكبر هو فاريا، الذي أوجد التوليفة ونثر عليها سحر الكرة الجميلة، حتى أصبح المنتخب الوطني يلقب هو الآخر ببرازيل إفريقيا.
بعد ذلك الإنجاز التاريخي، قرر فاريا أن يغادر الجيش الملكي و ويوقف مشواره مع المنتخب الوطني، ليغيب عن الساحة الكروية حتى عاد ليمسك زمام فريق أولمبيك خريبكة لموسمين، حقق معه البطولة العربية سنة 1996، مؤكدا للجميع بأنه رجل الألقاب بإمتياز، ليعتزل بعدها كرة القدم بشكل نهائي ويقرر الإستقرار بالمغرب بعدما أكد في كل خروج إعلامي له أنه يعتبره بلده الثاني، لتتوالى السنين حتى يأتي اليوم الذي لا مفر منه، ويغادر الى دار البقاء سنة 2013.
هي حكاية خالدة من الزمن الجميل، حكاية تستحق أن يجف عليها الحبر وتشنف المسامع، حكاية رجل خلد اسمه في سجلات التاريخ بأحرف من الذهب، ضحى وقدم كل شيء للكرة المغربية وحملها للقمة، فأي انجاز سيحققه المنتخب الوطني مستقبلا، لابد ان نستحضر اسم المهدي فاريا.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية