ظاهرة “اللاإنجابيون”.. مغاربة “ضد” الإنجاب يتحدثون بوجه مكشوف -فيديو

وفاء بلوى

يعيش المغرب في السنوات الأخيرة تحولات اجتماعية وثقافية، غيرت ملامح الحياة والعلاقات بين الفرد ونفسه، وكذا الفرد ومحيطه، ومرد ذلك إلى نجاح التكنولوجيا في صنع مكان مهم لها في المعيش اليومي للمغاربة، ساهم في دخول أفكار جديدة، وأنماط عيش جديدة إلى حياة الشعب المغربي.

هكذا وصف أستاذ علم الاجتماع فؤاد بلمير واقع المغاربة، عند سؤاله عن كيف تسللت فكرة اللاإنجابية ـ وتعني العزوف عن الإنجاب ـ لتغدو مبدأ في حياة فئة من الشباب المغربي.

الخوف أول الدوافع

سكينة، شابة عشرينية، تشتغل كمربية أطفال، وتقول إنها تتبنى الفكر اللاإنجابي منذ سنتين، وتوضح أن الخوف من المعاناة دافعها الأساسي للعزوف عن الإنجاب، قائلة “أنا تانخاف عليه من الألم ديال المعاناة”.

وتشير سكينة إلى أن غريزة الأمومة في نظرها “ليست غريزية..، بل تبنى من خلال البيئة التي نشأت فيها الفتاة، الظروف، الوسط، المجتمع، كل هذا يشحن الفتاة بضرورة حصولها على طفل تعتني به في يوم من الأيام”.

من جانبه، يشاطر أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي أمين، سكينة قرارها بالعزوف عن الإنجاب، وكذا بعضا من أفكارها، ويضيف أن عمله كمدرس مكنه من الاحتكاك بشكل حثيث مع المراهقين، وبالتالي فهم نفسياتهم والمشاكل التي يعيشونها، والتي توصل بعضهم إلى اللجوء إلى الحبوب المنومة في سن مبكر للحصول على قسط من الراحة، ما كون عنده “قناعة” بصعوبة توفير ظروف نفسية ملائمة لتنشئة طفل بشكل صحي وسليم، مختزلا كلامه في “كنفضل أني ما نكونش سبب في معاناة واحد آخر”.

محمد، ثلاثيني متزوج، بدوره يقول إن اللاإنجابية كفكرة تبلورت عنده في سن مبكرة، إثر تساؤلات وجودية واجهها حول سبب وجود الأطفال في عالم يضم المعاناة، مؤكدا أن ذلك نابع من حبه للأطفال وعدم رغبته في معاناتهم، مشيرا إلى أنه محظوظ بلقاء شريكة حياة تتبنى نفس فكرته.

العائلة باغا الأولاد

وعن رأي العائلة والمحيط يقول محمد إن عائلته تعلم بشأن فكرته عن اللاإنجاب، فيما عائلة زوجته لا تعلم شيئا عن الموضوع، موضحا أنه يفضل أن تبقى لأمور على هذا النحو تجنبا لأي ضغط يمكن أن تتعرض له زوجته من طرف أهلها، سيما أن المجتمع ينتظر من المرأة أن تكون أما بالضرورة.

كلام يؤيده أستاذ علم الاجتماع فؤاد بلمير ويقول ” في المجتمع ثقافيا.. الكل يتوجه إلى المرأة .. وثقافيا المرأة بالنسبة له هي الولود، ما يجعل قرار اللاإنجاب في نظر المجتمع غير قابل للتصديق”.

بدورها سكينة تقول إن أصدقاءها حكموا عليها من خلال قناعتها بعدم الإنجاب، “كايصدرو أحكام، ولكن حيت صحابي ما تانتقلقش”، مشيرة إلى أنها تحاول التركيز في علاقتها مع أصدقائها على كل ما هو مشترك بينهم بعيدا عن قرار بالإنجاب من عدمه، فيما تتوقع أن عائلتها لن تتقبل الموضوع، ما لن يتسبب على حد قولها في أي تغيير لأنها غير مستعدة لتغيير فكرتها.

أمين أيضا يعلم أن عائلته تتحرق شوقا لرؤية أطفاله، سيما أنه الابن الوحيد لأبويه، بيد أنه حاسم في قراره “بالنسبة لي هذا الموضوع نوعا ما مرفوض” على حد تعبيره.

لأني أحب الأطفال..

ويجمع كل من محمد وسكينة وأمين على أن عزوفهم عن الإنجاب ليس أنانينة ولا هروبا من المسؤولية وإنما تقديرا لحجمها، وحبا في الأطفال، فمحمد يقول “إن الأمر مشابه لإحساس الفيلسوف طاليس عند سؤاله عن سبب عدم إنجابه، فكان رده “لأني أحب الأطفال””، فيما توضح سكينة أن “الأنانية هي أن تحكم على طفل بالتواجد في العالم بدافع الغرائز”، ويضيف أمين “أن القرار الأناني هو أنك تولد”.

لماذا لا نتبنى أطفال غيرنا؟

وفي السياق ذاته، يقول أمين “كاين بزاف ديال الناس فالخيريات اللي محتاجين اللي يساعدهم، علاش ما تتبناش واحد الولد؟”، وتتفق معه سكينة في رأيه موضحة أنه عوض الإنجاب تفضل تبني أطفال فرض عليهم الوجود، وتقول “هكذا ستكون قدمت إضافة للبشرية والإنسانية عامة، في حين إذا أنجبت طفلا فلا أظن أن ذلك إضافة”.

يشار إلى أن عدد الشباب المغاربة ممن يتبنون الفكر الإنجابي في تزايد، ويجاهرون بأفكارهم على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن الأمر بحسب المختصين في علم الاجتماع لا يعتبر لحد الساعة ظاهرة، وذلك في غياب معطيات علمية دقيقة عن عدد معتنقي اللاإنجابية.


بسبب العطلة المدرسية.. بلاغ هام من الشركة الوطنية للطرق السيارة

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى