أحمد فرس.. الاستثنائي صاحب الحكاية الخالدة

في كل ليلة دهماء تجده جلس وحيدا يجادل صمته، محدقا تائها بين ذكرياته بشوق وحنين، يتأسف عن كل لحظة استثنائية بالنسبة له مرت دون أن يعيدها الزمن ولو رحمة في حقه، صمته يبوح ويفشي كل صراعاته النفسية، يتذكر السنين الخوالي وكل ما مر في رحاب لعبته التي آمن بها منذ صغره، فنى نفسه لها وكان خير وفي، كان صانع سعادة المغاربة في زمنه، بلغ القمة وحجز لنفسه مكانا بين الأساطير، أحمد فرس، الاستثنائي صاحب الحكاية الخالدة.

رأى أحمد فرس النور في السابع من ديسمبر سنة 1946 بالمحمدية، نشأ وترعرع في المدينة التي ارتبط بها قلبا وقالبا، صال وجال دروب مدينة الزهور بكرته التي لم تكن تفارقه بالمرة، تارة تجده ماشيا يدحرجها، وتارة أخرى يكتفي بوضعها تحت ذراعه حاضن إياها جاعلا من أزقة المدينة شهودا لعلاقة الحب التي تجمعهما، قرر أن يلج إلى نادي شباب المحمدية الذي تعد له رمزية كبيرة في المدينة والبلاد، ارتقى المراتب ومر بمختلف فئات النادي السنية إلى أن بلغ للفريق الأول وهو في ريعان شبابه، موهبته الاستثنائية وإمكانياته غطت على صغر سنه وسرعان ما بات مهاجم الفريق الأول أو بالأحرى النجم الأول إن صح التعبير.

سحر فرس الجميع وقدم ما لم يكن في ذلك الوقت يصدق، ومع مرور السنوات تزداد حصيلته التهديفية وتزداد عدد الأندية الطالبة لوده سواء داخل أَو خارج المغرب، فمن أن يتوقع أن صيت فرس وصل إلى عملاق الكرة الإسباني كان ريال مدريد، الذي أشهر استعداده للانتداب فرس، إلا أن الأخير رفض العرض لغربته في الدفاع عن ألوان شباب المحمدية فقط غير مهتم للعرض الذي اعتبر مربحا من شتى الجوانب.

سجل طوال مساره الرياضي مع نادي شباب المحمدية 231 هدفا وتوج كهداف للبطولة المغربي سنوات 1969 و1973 برصيد 16 هدف في كل مرة، كما فاز مع شباب المحمدية بالدوري المغربي سنة 1980 وبكأس العرش سنتي 1972 1975 وفي ذات السنة حاز على السوبر المغربي، وكذا الكأس المغاربية للأندية البطلة سنة 1973.

لعل جوهر حكايته الأسطورية مقترن بمساره الحافل مع المنتخب الوطني المغربي، كان ظهوره الأول بالقميص الوطني سنة 1965، ومع توالي المباريات أصبح فرس ركيزة في الكتيبة الوطنية، لتبدأ سنوات الأنوار بتحقيق الانجازات وحصد الألقاب الفردية والجماعية مع جيل حقق كأس أمم إفريقيا سنة 1976، اللقب الغالي والوحيد، الانجاز الذي لم يقوى أي جيل من بعدهم على تكراره، كما حقق فرس الكرة الذهبية القارية الأولى في تاريخ المغرب كأفضل لاعب في القارة السمراء سنة 1975، ويعد الهداف التاريخي للمنتخب الوطني برصيد 42 من أصل 77 مشاركة وهو الرقم الذي ما زال صامدا إلى الآن.

حكاية أحمد فرس الخالدة، التي ستبقى حاضرة مهما حجبها غبار النسيان، حكاية حب للعبة وإخلاص ووفاء، قتال لإثبات الذات وبلوغ أعلى مراتب النجاح، لاعب أتى في زمن غير زمانه وترك انجازاته وأرقامه التاريخية صامدة لا تحطم، حقق مجده الخاص وعاد للخلف متخفيا عن الأضواء دون جلبة تاركا مكانه للخلف، يستحضر ما مر ويتذكر ما ولى مدركا أنه سيظل رمزا للكرة المغربية حتى وان ضل عن الأنظار.


تساقطات ثلجية ورياح عاصفية تضرب هذه المدن المغربية

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى