البطولة الوطنية أكثر من 100 عام من المنافسة.. تاريخ الأبطال – الحلقة 2

في الحلقة الثانية من سلسلة “البطولة الوطنية أكثر من 100 عام من المنافسة.. تاريخ الأبطال”، سنخوض في تاريخ واحد من الأكثر الأندية الوطنية تتويجا، والحديث هنا عن زعيم الأندية المغربية كما يحلو لجماهيره تسميته، الجمعية الرياضية للقوات المسلحة الملكية والمعروف اختصارا بالجيش الملكي.

نشأة النادي

تأسس فريق الجيش الملكي لكرة القدم، عقب استقلال المغرب وتحديدا سنة 1958، بأوامر وإشراف خاص من ولي العهد آنذاك الملك الراحل الحسن الثاني، القائد العام للقوات الملكية المسلحة، الذي كان من عشاق ومحبي رياضة كرة القدم.

وتجسدت رغبة الملك الراحل، في خلق فريق مغربي نخبوي يكون قاعدة للمنتخب، في إعلان إنشاء فريق الجيش الملكي لكرة القدم، حيث بدأ الاشتغال قبل بداية منافسات كأس العالم 1958، على إعداد فريق يضم أجود العناصر العسكرية، وذلك بالتنقيب عن اللاعبين الموهوبين الممارسين أو الذين سبق لهم ممارسة كرة القدم في إحدى الأندية، من المنخرطين في القوات المسلحة الملكية المغربية، على غرار الفرق العسكرية بأوروبا الشرقية وآسيا.

وتولى أحد صناع الفترة الذهبية لفريق الوداد الرياضي، محمد أنور المعروف بـ”الشتوكي”، الإشراف على أول فريق لكرة القدم للجمعة الرياضية للقوات المسلحة الملكية، حيث كان أول مدرب للجيش الملكي كما كان لاعب في الوقت نفسه.

وبحكم الخبرات الكثيرة التي راكمها رفقة الوداد في الأربعينيات حتى منتصف الخمسينيات، تولى الشتوكي، العمل مع أعضاء الفريق لتطوير جميع المستويات (المستوى الفني، اللياقة، التنظيم، الروح الرياضية..) للحصول على فريق تنافسي ومتكامل، يكون نموذجا محترفا لباقي الفرق، ونواة أساسية للمنتخب المغربي.

أول تشكيلة لفريق الجيش الملكي رفقة ولي العهد مولاي الحسن سنة 1958

رحلة صعود الجيش الملكي للقسم الأول

لم يتأخر الفريق الذي تم إنشاؤه حديثا، في البرهنة على علو كعبه وبصم إسمه ضمن كبار الأندية الوطنية، حيث في نفس سنة إنشائه، دخل الفريق العسكري غمار منافسة القسم الثاني، بعدما تقرر حل فريق أمل مراكش، فكان لابد من تعويضه بفريق آخر.

تقدم فريق الجيش الملكي بملتمس للجامعة من أجل تعويض الفريق المنحل، لكن طلب الفريق العسكري تواجه باعتراض من فريق الجمعية الرياضية السلاوية، لتقرر الجامعة إجراء مباراة سد فاصلة بين الطرفين، انتصر فيها الجيش الملكي ذهابا وإيابا بهدف لصفر في كل مباراة، ليضمن بذلك مكانته في القسم الثاني وتنطلق معه أحلام الفريق في السيطرة على منصات التتويج.

خاض الفريق العسكري أول مقابلة رسمية بالقسم الثاني ضد فريق اتحاد أسفي بملعب السطاد المغربي، و انتهت بتفوق العساكر ب 4مقابل1، وكان الجيش يضم حينها كل من الحارس حسني بنسليمان وبناصر وبوطاهر والشتوكي ومختطف وعزوز والعميد الزموري ومصطفى والعماري وزناية وبلمجدوب، وعزوز بلفايدة “مسجل أول هدف رسمي للفريق” والحسين الزموري وعبد القادر مختطف.

لم ينتظر الجيش الملكي بقيادة غي كليزو مرور السنوات كي يبرز أحقيته في اللعب بالقسم الأول، لكن قبل ذلك وفي أقل من أربعة أشهر من تأسيسه فاز بأول ألقابه بمسابقة كأس العرش لموسم 1958-59 و هو يزاول بالقسم الثاني، قبل أن ينهي الموسم محتلا المركز الأول في بطولة القسم الثاني بفارق 12 نقطة عن مطارده، بالفوز في 22 مباراة وهزيمة واحدة لا غير أمام “سناك” البيضاوي، إلا أن الجيش فاز في هذه المباراة بالقلم.

رغم تصدره لبطولة القسم الثاني، لم يضمن الجيش الملكي صعوده بعد للقسم الأول، حيث كانت تنتظره مباراة سد أخرى أمام فريق شباب العرائش، حيث لعبت المباراة تحت الأضواء الكاشفة ولأول مرة بالمغرب، بين الجيش الملكي وشباب العرائش سنة 1959 بالملعب الشرفي بالبيضاء، وانتهى وقت المباراة الأصلي بصفر لمثله، قبل أن يحسم الجيش الصعود من القسم الثاني شطر الجنوب بهدف في الشوط الإضافي الثاني.

الصعود للقسم الأول الهيمنة

  • من 1960 إلى 1970

مباشرة بعد صعوده لقسم الأضواء في البطولة الوطنية، فرض فريق الجيش الملكي نفسه منافسا شرسا على لقب البطولة، حيث نافس العساكر حتى آخر دورة في أول موسم له في القسم الأول، للتتويج بالبطولة، لكن تأجل حلم الفريق الحديث النشأة، بعد احتلاله للمركز الثاني خلف النادي القنيطري المتوج حينها بفارق 3 نقاط فقط.

سنة واحدة بعد ذلك نجح الجيش الملكي في الظفر بأول لقب للبطولة الوطنية في تاريخه سنة 1961، قبل أن يكتسح الفريق لقب البطولة لثلاث مواسم متوالية 1962، 1963 و1964، كاتبا بذلك رقم قياسي حينها بالتتويج باللقب لأربع مواسم على التوالي.

  • موسم أبيض 1965/66

شهد موسم 1964/65، تعرض الجيش الملكي للعديد من الأخطاء التحكيمية الفادحة، ظل معها الفريق العسكري يهدد بالانسحاب من البطولة الوطنية، إن استمرت الأخطاء المؤثرة ضد الفريق، فكان لقاء الماص النقطة التي أفاضت الكأس بتحكيم كارثي أثّر مباشرة على نتيجة اللقاء وعلى مصير البطولة بحكم أن الهزيمة كانت أمام المطارد المباشر، ليتخذ الفريق العسكري قراره بعدم المشاركة في البطولة والكأس للموسم الموالي 1965–66. فقضى الفريق العسكري موسما أبيضا بعيدا عن الملاعب المحلية.

في الموسم الموالي 1966/67، عاد فريق الجيش الملكي للمنافسة في البطولة المحلية، وكانت العودة جد قوية، حيث نجح الفريق العسكري في التتويج بلقب البطولة لهذا الموسم، بتشكيلة تضم العديد من النجوم من بينهم باموس والجيلالي فاضيلي والحارس بن جيلالي وبنعمر وعلال ومكي وعمار ومختطف وزناية، والذين قادوا الجيش لتحقيق اللقب الثاني على التوالي والسادس في تاريخه في موسم 1967/68، قبل أن يعود العساكر مع نهاية ستينيات القرن الماضي لتحقيق اللقب السابع موسم 1969/70.

  • من 1971 إلى 1983

عاش فريق الجيش الملكي، فترة عصيبة في هذه المرحلة، حيث لم ينجح الفريق في التتويج باللقب طوال 12 سنة، حيث كان أفضل إنجاز له خلال هذه الفترة هو تحقيقه لوصافة موسم 1970/71.

ويعود تدهور نتائج الفريق العسكري في هذه الفترة، إلى تعاقب 6 مدربين على الفريق في الثلاث سنوات الأولى، من قبيل اليوغوسلافي فيدينيتش ومحمد العماري وعمار وباموس والبرازيلي انول والإسباني بارينكا، قبل عودة الفرنسي كليزو سنة 1974، الفترة التي عرفت بداية انتداب المدنيين للفريق فبدأت رحلة تكوين فريق شاب قوي، والذي سيصبح فيما بعد النواة الأولى لجيل الثمانينات الذي حصد الأخضر واليابس.

  • من 1984 إلى 1994

بعد 12 سنة عجاف، عاد فريق الجيش الملكي للتوهج من جديد وذلك بعد حصده للقب البطولة الثامن في تاريخه سنة 1984، وهو اللقب الذي كان بوابة لتتويج قاري في الموسم الموالي، عقد الثمانينيات كان زاخرا بالنسبة للفريق العسكري، حيث نجح في تزيين شعاره بالنجمة الأولى بعد تتويجه باللقبين التاسع والعاشر موسم 1986/87 و1988/89، قبل أن تغيب بعدها شمس التتويج المحلي لسنوات عديدة حتى بداية الألفية الجديدة أمام استفاقة ودادية وبداية هيمنة رجاوية منتصف التسعينات.

  • من 1995 إلى 2004

غاب فريق الجيش الملكي منصات التتويج، أمام سيطرة الرجاء الرياضي على لقب البطولة لـ6 سنوات متتالية بداية من موسم 1995/96، حيث لعب الفريق العسكري الأدوار الثانوية طوال هذه السنوات، إذ كان أفضل إنجاز للفريق هو تحقيق الوصافة في موسم 2003/2004، بعد أن حل ثانيا بنفس عدد نقاط الرجاء “59 نقطة”، لكن النسبة العامة والمواجهات المباشرة كانت لصالح الفريق البيضاوي الذي، أجل عودة العساكر لمنصات التتويج لمرة أخرى.

  • من 2005 إلى 2008

بعد غياب دام لـ16 سنة متواصلة عن منصات التتويج، عاد العساكر بجيل شاب يزخر بأفضل المواهب الكروية الوطنية، للظفر بلقب البطولة موسم 2004/05، وعلى رأسهم يوسف القديوي، أحمد أجدو، محمد أرمومن وغيرهم، وبقيادة الجنرال امحمد فاخر، حيث انتزع الفريق العسكري لقب البطولة من قلب المركب الرياضي محمد الخامس، بعد فوزه على الرجاء الرياضي المتصدر حينها في الدورة الأخيرة من منافسات البطولة، ثلاث سنوات بعد ذلك توج الجيش الملكي بلقبه الثاني عشر والأخير في تاريخه في البطولة الوطنية موسم 2007/08.

  • 2009 إلى الآن

بعد تتويجه الأخير سنة 2008، دخل زعيم الأندية في سبات عميق، ابتعد به عن منصات التتويج لـ 11 سنة كاملة فبالرغم من منافسته عن اللقب موسم 2012/13، إلا أن الفريق تنازل عن اللقب في الدورات الأخيرة لمنافسه الرجاء الرياضي، ليكون ذلك ظهوره الأخير في “بوديوم” الكرة الوطنية، وتستمر النكسات حتى يومنا هذا.

رغم فترة الفراغ الطويلة التي مر بها الجيش الملكي ولازال الفريق يعيشها، إلا أن الفريق العسكري أثبت عبر كل السنوات الماضية قدرته على التعافي والعودة من جديد للتألق.. هذا التألق الذي كان دائما ينعكس إيجابا على المشهد الكروي المحلي وعلى نتائج المنتخبات الوطنية، بحكم تعدد الأندية القوية على غرار الوداد والرجاء وكذلك الجيش الملكي.

الجمعية الرياضية للقوات المسلحة، الجيش الملكي، أو الزعيم.. فريق كتب إسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة الوطنية، ونصب نفسه زعيما للأندية بكونه واحدا من أكثرها تتويجا في تاريخ البطولة الوطنية..


أصوات من داخل مكتب ومنخرطي الرجاء ترفض التعاقد مع مدرب سابق للفريق

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى