محمد سيدينا الطرفاوي: هذه مزايا الوصاية الإدارية على أراضي الجماعات السلالية
في هذا الحوار مع المعتقل السياسي السابق الدكتور محمد سيدينا الطرفاوي نحاول تسليط الضوء على رسالته التي خلقت جدلا واسعا حول الوصاية الادارية على أراضي الجماعات السلالية.
س. بعثت مؤخرا برسالة مفتوحة إلى برلماني الأقاليم المسترجعة تحثهم فيها على إدخال تعديل على مشروع القانون 62-17 بشأن الوصاية الإدارية على أراضي الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، فما هي طبيعة هذا التعديل؟
ج. يتعلق الأمر هنا بتعديل المادة الثانية من القانون الخاص بالوصاية الإدارية على أراضي الجموع وتدبير أملاكها، كما عرض على البرلمان في دورته الاستثنائية الأخيرة، وذلك قصدإخضاع أراضي الجموع القبلية المسترجعة لمقتضيات هذا القانون، بعدما لوحظ إغفاله لها،نظرا لكونها أراض غير محصية، كما تفيد بذلك البيانات الواردة برسم الخرائط الصادرة في هذا الموضوع عن الإدارة الوصية.وعليه، فهولا يعدو أن يكونإجراءاإداريا محضا، يندرج بسلاسة في سياق هذا القانون، ليشكل مجرد تمديد مجالي أو جغرافي لقاعدة الوصاية الإدارية على هذا النوع من الأراضي، لتشمل جميع جهات المملكة.
س.قلت إن الأمر يتعلق بمجرد تمديد لقاعدة الوصاية الإدارية على هذه الأراضي، فهل الأراضي المسترجعة أراضي جموع قبلية حتى يطالها هذا التمديد ؟
ج. طبعا، هي أراضي جموع، وهي في ملكية جميع القبائل الصحراوية ولا يوجد بصددها عقد تملك لمكون قبلي دون الآخر، وإنما توارثتها القبائل خلفا عن سلف لعدة قرون، وسندها في ذلك حيازتها وتعميرها وإحياؤها ، دون منازع على الإطلاق، بما في ذلك المستعمر الاسباني نفسه، الذي عمل من جانبه، على وضع عشرات الخرائط للقبائل الصحراوية، حدد فيها موقع كل مكون قبليورسم حدوده مع جيرانه، حسب التراضي والتوافق والتفاهم الذي كان قائما آنذاك بين مكونات النسيج القبلي بالمنطقة. وكل ذلك تبعا لأحكام الشريعة الإسلامية وحسب ما تقضي به النوازل والأعراف التي لا زالت سائدة إلى الآن.
س.وماذا عن القيمة المضافة و الفعلية لهذا التعديل إذا ما قدر له أن يدرج بين مقتضيات قانون الوصاية الإدارية على أراضي الجموع؟
ج. في هذه الحالة ستستفيد أراضي الجموع القبلية المسترجعة ، من جانب، من جميع المزايا والمنافع التي أتى بها هذا القانون بالنسبة لأراضي الجموع السلالية، من حيث حمايتها وتطهيرها عبر تمليكها لأصحابها جماعة أو أفرادا ، إلى جانب تنظيم إدارتها وهيئاتها التقريرية، وكذا الالتزام بإدراجها ضمن الدورة الاقتصادية المنتجة و ما يترتب عنه من إخراج ذوي الحقوق من وضعية الفقر والتهميش، وستستفيد، من جانب آخر، من عمل الإدارة الوصية، بعد أن تصبح مسلحة بترسانة قانونية وإدارية، على وضع حد نهائي لمسلسل تحفيظ الأراضي المسترجعة لفائدة إدارة الأملاك المخزنية (أو أملاك الدولة حاليا، وهي غير الملك العمومي) للأراضي القبلية بدون سند ولا قانون.
س.كيف؟ كل هذه المدن و كل هذه المشاريع التي أقيمت خارج المدارات الحضرية الموجودة بجنوب المملكة نبتت فوق أراض محفظة بصفة غير قانونية؟
ج. نعم،وصورة ذلك أنه إذا كان الفصل 35 من الدستور يضمن حق الملكية وينص على أنه لا يمكن الحد من نطاقها وممارستها إلا بموجب القانون أو بموجب نزع الملكية، فإنه، وإلى حد الآن، لا يوجد على مستوى المناطق المسترجعة، قرار واحد بنزع الملكية من أصحابها، كما لا يوجد أي مرسوم بالتحديد الإداريللأراضي موضوع مطلب التحفيظ إذا ما سلمنا جدلا بصحة اعتماد هذا الأجراءالإداري بصدد الأراضي المسترجعة.
س.إلا تعتقد أنه سيكون من شأن هذا الملف أن”يشوش” الآن على القضية الوطنية ؟
ج.لا أعرف معنى دقيقا لهذه الكلمة، و لكن دعنا نأخذها بمعنى الضرر الذي قد تلحقه الوصاية الإدارية التي نطالب ببسطها على أراضي الجموع القبلية بالمناطق المسترجعة.
ففي هذا المضمار، لا أكاد أتصور دفعا بالضرر قد تقوم به القبائل المعنية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن التعديل المقترح يطالب بالتحفيظ الجماعي أساسا للمكون القبلي أينما وجد أبناؤه سواء في مخيمات تندوف أو في الشتات أو داخل الجماعات السلالية القائمة حاليا. بينما يكمن التشويش الحقيقي في عدم تصفية وضعية أراضي الجموع القبلية، والاستمرار في الاعتقاد بأن المغرب ضم إليه القبائل الصحراوية مجردة من كل ملكية، ما عدا أمتعتها الخفيفة التي تحملها فوق أكتافها. وهذا أمر يلتقي، من جانب آخر، مع من يعمل على محو كل أثر للقبيلة و يجتهد في تجريدها من هويتها المادية (الأرض) و اللامادية (حضارة البيضان).