ماء العينين: “البيجيدي” عليه أن يتسلح بالجرأة لتقييم حصيلة عشر سنوات من تدبيره للشأن الحكومي
قالت آمنة ماء العينين، البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، “كنت شخصيا من أوائل من طرحوا السؤال علانية: ما هي رهانات حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة؟، هل يسعى لتصدرها أم أن له رهانا آخر؟، لازلت مقتنعة أن السؤال مشروع، وأن النقاش حول الموضوع نقاش جدي وحقيقي”.
وأضافت في تدوينة لها، عنونتها بـ”حزب العدالة والتنمية والانتخابات المقبلة”، أن “المؤسف هو هذا القدر من السطحية والاستعجال الذي تم به تسريب النقاش إلى الصحافة من مدخل ضيق، ومقاربة تقنية تبسيطية تنبئ عن غير قليل من العجز عن تعميق النقاش: تقليص المشاركة في الانتخابات من عدمه، هل نغطي كل الدوائر أم نختار الترشيح في بعضها كما فعل الحزب ذات انتخابات في سياق مختلف؟”.
وأوردت بأنه “بكل وضوح: لا أظن أن هذا هو السؤال الصحيح، وإذا كان حزب العدالة والتنمية- وهو بالتأكيد كذلك- مسكونا بما سيصلح للمغرب في المرحلة المقبلة، فالسؤال يجب أن يتجه إلى الإختيار الجماعي الذي سيؤطر المرحلة المقبلة بمضمون سياسي محسوم، سبق لي وأن تحدثت عن ضرورة التفاوض الجماعي للوصول إلى تسوية حقيقية تؤطر المرحلة المقبلة، حيث لا يتحمل الوضع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا التوجه للانتخابات المقبلة في نفس أجواء الصراع وكسر العظم التي حكمت الانتخابات الأخيرة، والتي أفرزت البلوكاج السياسي كجواب طبيعي عن منافسة لم تُقبل نتائجها بالنظر إلى نفَس الصراع العنيف الذي حكمها”.
وتابعت: “لكننا نحتاج الى فهم دقيق لمعنى التفاوض والتسوية، وهي مفاهيم ليست غريبة عن البيئة الديمقراطية، لأن التسويات الكبيرة هي توافق على المبادئ العامة المؤطرة، ثم يأتي التنافس الانتخابي على ما هو تحتها أو أصغر منها: البرامج الانتخابية، والاختيارات الإيديولوجية والتقنية، التفاوض والتسوية في ظل مناخ سياسي هش يحكمه الفراغ ويفتقد إلى نخب قوية، لا يتجسد في إرسال “الإشارات” بالرغبة في تقليص المشاركة الانتخابية حتى لا يحصل الحزب على المرتبة الأولى، كما أن معنى التفاوض والتسوية لا يكمن في إصدار بلاغات التكذيب أو التصريحات والتصريحات المضادة، هذا كله لن ينفع في شيء”.
وشددت أن “السؤال الحقيقي: هل سيستفيد المغرب من تصدر حزب العدالة والتنمية للانتخابات المقبلة؟ إذا كان الجواب نعم فالسؤال: بأي مضمون سياسي وبأي أطروحة وبأي عرض جديد وبأي نخبة جديدة لإخراج البلاد من نفق الانتظار؟، وإذا كان الجواب بالنفي؟، فما هو البديل المطروح حتى اقتنع بعض قيادي الحزب بالمغامرة المبكرة بتسريب نقاش تقليص المشاركة بما يحمله ذلك من معنى يحتاج إلى نقاش كبير؟”.
وأكدت أن “الجواب عن سؤال المرحلة المقبلة غير متحصل ولم ينضج بعد لا داخل حزب العدالة والتنمية ولا داخل دهاليز الدولة، وما دام هذا النقاش قد تفجر من خلال حزب العدالة والتنمية ومشاركته الانتخابية، رغم أنه ليس إلا فاعلا في مربع يضم فاعلين أكثر تأثيرا وكذلك أقل تأثيرا، فإنه مع ذلك- أي الحزب- مسؤول من موقعه على الرفع من مستوى النقاش ليغادر دائرة الإحصائي والتقني (عدد المقاعد والتراتبية الانتخابية) ليخوض في العمق: ما الذي يريده المغرب لنفسه في المرحلة المقبلة؟، ما هي الخيارات المطروحة في ظل التحديات الداخلية والخارجية؟، ما هي التسويات الكبرى التي يمكن أن تؤطر تحرك الفاعلين بأفق وطني تضامني دون المس بالقواعد الديمقراطية أو التلاعب بالرصيد الديمقراطي الهش”.
واعتبرت أن “التفاوضات والتسويات ما قبل الانتخابات تستند إلى قاعدة نظرية، وليس إلى منطق السوق في البيع والشراء وحسابات الربح والخسارة الصغيرة، على حزب العدالة والتنمية أن يفتح مؤسساته للنقاش الذي تحتضنه اليوم وسائل الإعلام وتغذيه التسريبات، لأن الأمر غير سليم، وعلى الحزب أن يتسلح بالجرأة اللازمة لتقييم حصيلة عشر سنوات من تدبيره للشأن الحكومي، وعليه أن يتسلح بالإرادة للدفاع عن نجاحاته ومكتسباته، وبالجرأة والتجرد اللازمين ليعترف بأخطائه ونقائصه وحدوده”.
ولفتت آمنة ماء العينين إلى أن “الأهم من هذا وذاك هو المضمون السياسي المؤطر، فبدونه لن يكون هناك فرق كبير بخصوص من يتصدر الانتخابات، حيث أصبحت حالة الركود العام وانحسار النقاش السياسي وغياب الأطروحات والاختيارات المنهجية، تشي باقتراب الكل من الكل وتشابه الجميع مع الجميع، فلا فرز ديمقراطي ولا انحيازات سياسية كبرى ولا تقاطبات على خلفية قضايا واختيارات جامعة، الكثير من الجمود والصمت والفراغ الذي تؤثثه مناقشات سطحية لقوانين انتخابية من قبيل أنماط الاقتراع والعتبات وتمثيليات الشباب والنساء، نحن لم نحسم في العمق لنتجه إلى السطح”.
ونبهت القيادية في حزب العدالة والتنمية إلى أن “الخوض في القضايا التقنية والثانوية هو نزوع للسهولة تختاره النخب السياسية حينما تكون عاجزة عن مجابهة الأصعب: قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعد الحسم في الاختيارات الكبرى”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية