عتيق السعيد: الخطاب الملكي قدم “توجيهات دقيقة” لتجاوز إشكالية الماء
أكد الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي، عتيق السعيد، أن الخطاب السامي الذي وجهه الملك محمد السادس، أمس الجمعة، إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، قدم تشخيصا وتوجيهات دقيقة لتجاوز إشكالية الماء.
وأوضح المحلل السياسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الملك قدم تشخيصا لوضعية العرض المائي، شمل توجيهات دقيقة تتسم بالآنية والاستعجالية لتجاوز إشكالية الجفاف وندرة المياه، وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلية.
وبعدما أكد على أهمية الموارد المائية باعتبارها عنصرا أساسيا في عملية التنمية وضرورة استكمال كل المشاريع والقطاعات الإنتاجية، لفت السعيد إلى أن جلالة الملك شدد على ضرورة تعزيز إطار تدبيري للموارد المائية بغية ضمان استدامتها من جهة، ودعم القطاع الفلاحي والسعي بنجاعة لتحقيق انتعاش أخضر قادر على الصمود في ظل المتغيرات المناخية، من جهة أخرى.
وأضاف أن الخطاب السامي يجسد حرص جلالته الدائم على مواصلة بناء السدود في مختلف جهات المملكة، مشيرا إلى أن المغرب انخرط خلال العقدين الأخيرين في سياسة ملكية حكيمة ذات رؤية متبصرة للمستقبل، انكبت بشكل مستمر حول مواصلة تحسين استراتيجية وطنية متطورة وشاملة تروم تشييد شبكة من السدود بسعات مختلفة.
وإدراكا من جلالته للطابع البنيوي لظاهرة الجفاف وندرة المياه وما تفرضه من تحديات، يتابع الأكاديمي، ما فتئ الملك يولي كامل الاهتمام لإشكالية الماء، ما تكلل بإخراج البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 “الذي يعد خارطة طريق لمواجهة التحديات المستقبلية التي تطرحها التغيرات المناخية، وفي مقدمتها توفير الموارد المائية بالكمية والجودة اللازمتين، بغية استكمال بناء السدود المبرمجة، وشبكات الربط المائي”.
من جهة أخرى، قال السعيد إن الخطاب الملكي قدم دعوة صريحة للجميع، حكومة ومؤسسات ومواطنين، للتحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل مع الوضع المائي، وأخذ إشكالية نقص الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، “وهو ما أصبح يستلزم اليوم وأكثر من أي وقت مضى إحداث تغيير حقيقي في السلوك المجتمعي ككل بما في ذلك الإدارات والمصالح العمومية، في تعاملها مع الموارد المائية”.
وأضاف أنه، في سياق ما يمر به العالم من تغييرات مناخية متقلبة ومتسارعة، دعا جلالة الملك إلى اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، وضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة، فضلا عن إيلاء عناية خاصة لترشيد استغلال المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشات المائية، من خلال التصدي لظاهرة الضخ غير القانوني، والآبار العشوائية.
وأكد المحلل السياسي، في هذا السياق، على الأهمية التي تكتسيها دعوة جلالة الملك إلى تنمية الموارد المائية وجعلها أولوية كبرى تقتضي إدماجها في السياسات العمومية الآنية، بما يدعم استدامة هذه الموارد في مختلف جهات المملكة.
وفي المحور الثاني من الخطاب السامي، توقف الأكاديمي عند تطرق جلالة الملك إلى مسألة النهوض بالاستثمار، الذي لا يقل أهمية عن إشكالية الندرة المتزايدة للموارد المائية وإكراهاتها، معتبرا أن جمع الموضوعين في نفس الخطاب له دلالاته هامة.
وخلص السعيد إلى القول إن تطوير القطاع الفلاحي وإنعاش باقي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية يبقى مرتبطا بوفرة الموارد المالية الكافية، وتحفيز الاستثمارات الكفيلة بخلق نهضة تنموية متجددة تتكامل فيها المشاريع في مختلف المجالات من أجل تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.