حوار.. قيادي بامي: التعديل الحكومي أفرغ خطاب العرش من محتواه والتحالف مع البيجيدي كان ممكنا في هذه الحالة

أكد عبد المطلب اعميار، عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة، أن التعديل الحكومي الأخير أفرغ خطاب العرش من محتواه ومراميه.
وبخصوص البيت الداخلي لحزب الأصالة والمعاصرة أوضح اعميار في حوار له مع “سيت أنفو” أنه من يراهن في الجرار على مساعدة جهات معينة لتعبيد الطريق له دون شرعية سياسية أو تنظيمية خلال المؤتمر القادم فهو واهم. وتحالف جهة طنجة تطوان الحسيمة تحالف هجين و يفتقد للذكاء السياسي.
وكشف اعميار أنه “إذا لم ينجح نداء الحوار الداخلي، فليتحمل كل واحد مسؤولياته آنذاك، مشيرا إلى أنه “لو كان أمر التحالف مع العدالة والتنمية موكولا لبعض الأشخاص داخل الحزب لشارك البعض في التعديل الحكومي الأخير ولو بنصف حقيبة”.

ماهي قراءتكم للتعديل الحكومي الأخير؟
بعد أن فتح خطاب العرش للتاسع والعشرين من يوليوز 2019 أفقا سياسيا لتدشين مرحلة جديدة عبر عنها الخطاب ذاته ب ” تجديد النموذج التنموي الوطني”و ” ضرورة تغيير وتحديث أساليب العمل”،مع ما صاحب اللحظة من انتظار وترقب وتطلع،جاء التعديل الحكومي ليوم 09 أكتوبر 2019، على عكس التوقعات، بمثابة وقت مستقطع من الزمن الدستوري والسياسي أفرغ اللحظة من مدلولاتها العميقة التي أعلن عنها خطاب العرش نفسه. بل إن التعديل الحكومي، بالشكل الذي تم توضيبه، بالأسماء التي تم الاحتفاظ بها، أو الوجوه التي تم استقدامها، أو الهندسة التي تم توليفها، لم يعمل في نهاية المطاف إلا على تلقيح الحزب الحاكم بمزيد من المنشطات ليستمر في قيادة حكومة “جديدة” كان من المفروض أن تقدم للمغاربة برنامجا جديدا يعلن القطائع المطلوبة مع السياسات التدبيرية السابقة والتي أفضت عمليا إلى مطالبة الحكومة بجيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى . وهو ما لم يتم مع الأسف. وفوق هذا وذاك،كان من المفروض أن يشكل التعديل الحكومي حدثا استثنائيا ترافقه تدابير وقرارات حاسمة تعلن الدخول في لحظة وطنية جديدة تعطي لورش النموذج التنموي الجديد مدلولا واقعيا واستشرافيا، يعيد تأسيس الثقة بين الدولة والمجتمع، وبين الفاعلين وعموم المواطنات والمواطنين.
غير أن اندراج التعديل الحكومي الجديد في سياق استمرارية هجينة لن يساهم، والحالة هاته، إلا في المزيد من انحسار الفعل السياسي، وتعميق مسببات وعوامل فقدان الثقة في العديد من الشعارات المعلنة. في مرحلة دقيقة، كانت تفترض، ولا زالت، إعطاء اشارات حازمة وصارمة ترافق العشرية الثالثة من العهد الجديد.

ولكن التعديل الحكومي مكن من تقليص عدد أعضاء الوزراء إلى ما يقارب النصف، مع تغيير العديد من الوجوه؟
أعتقد أن العبرة ليس بتقليص عدد الوزراء فقط، بل بالهندسة الحكومية ككل، و بضرورة إخضاع الحكومة لأقطاب منتجة وذات معنى،وأن يكون قانون المالية هو الترجمة الفعلية لطريقة تدبير السياسات العمومية التي أثبتت فشلها الذريع . فليس بتجميع الحقائب في يد واحدة سننتقل الى مرحلة جديدة من التدبير والنجاعة والفعالية.كما أن إخضاع الحكومة لتوافقات عددية هجينة يسائل قدرتها الحقيقية على ترجمة مضامين الخطاب الملكي على مستوى ضرورة إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى.

هل تعتقد أن حزب الأصالة والمعاصرة سيكون جاهزا في أفق 2021؟.
السؤال لا يطرح فقط على حزب الأصالة والمعاصرة فقط، بل على كل الفرقاء السياسيين. وبالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة، أعتقد أن إمكانياته الذاتية قد تسمح له بالعودة بقوة كمنافس سياسي حقيقي يمكنه أن يلعب مجددا دورا طلائعيا في الاستحقاقات القادمة. ويبقى هذا الرهان مرتبطا بتجميع كل الطاقات والقدرات داخل الحزب في إطار المؤسسات الحزبية ، وفي سياق حوار داخلي شفاف وصريح يسمح بتهييء كل المحطات التنظيمية والسياسية القادمة. على أن يتنازل البعض عن أنانياته المفرطة ونرجسياته المرضية التي تشكل إحدى الإعاقات الذاتية في هذا المشروع.

ماذا تقصد بالاعاقات الذاتية؟
هي كل العوامل المنتجة للأزمة في شروط غير موضوعية. ومن ضمنها التطلعات والهواجس الشخصية للبعض دون إعمال شروط المنافسة والاستحقاق والترقي والتدرج في المسارات الحزبية. ولعل هذا التراكم السلبي هو من مخلفات المراحل السابقة. فمثلا، عرف الحزب وصول بعض الأسماء في اللوائح الوطنية للشباب والنساء الى البرلمان في زمن قياسي وبأساليب غير ديمقراطية وغير شفافة. دون إعمال معايير الاستحقاق الداخلي، في مقابل إقصاء العديد من المناضلات والمناضلين الذين واكبوا التجربة منذ البداية، الذين كانوا يستحقون التمثيلية النيابية. وبعض هذه الأسماء بعد انتهاء مدة انتدابها السهل والمريح، طبعا ستتطلع لمناصب ومكاسب إضافية، من باب السهل المريح، ولأنها أصبحت تعتبر السياسة مجالا للكسب والغنيمة. ولعل هذا ما يفسد السياسة والتباري الديمقراطي. وهذا الوضع، كرس مع الأسف نهجا من الاستسهال السياسي ، والتحقير النضالي الذي يمس قواعد العمل الحزبي. إن تجربة الحزب، على امتداد عشر سنوات، لم تسمح ببناء قواعد ممارسة تنظيمية ديمقراطية. وهذا ما اصطدمت به التجربة الجديدة للأمين العام الحالي.

أطلق الأمين العام حكيم بنشماش نداء للحوار الداخلي من أجل المصالحة. هل تعتقدون بأن هذا النداء سيكون ناجحا، وما هي شروط نجاحه؟
إذا توفرت الإرادات الحسنة، وتم تغليب مصلحة الحزب والبلاد، أعتقد بأن إمكانية الذهاب إلى المؤتمر بشكل موحد مسألة ممكنة. أما اذا استمرت الأمور بعقلية الرابح والخاسر، والمنتصر والمنهزم ، فان حظوظ نجاح المبادرة تكاد تكون منعدمة أو معدومة. وفي هذه الحالة، على كل طرف أن يتحمل مسؤولياته. وعلى العموم، اذا كان البعض يعتقد بأن مشروعية إطلاق ” نداء” أو جماعة ضغط قد تعطيه الحق في الانقلاب على الحزب، فأظن أن غدا سيصبح الباب مفتوحا أمام أي مجموعة لإطلاق نداءات مضادة، ولن نخرج من متاهة العبث التنظيمي، بل حتى حكم القضاء لا ينبغي أن يفهم بأنه ضمانة المرور إلى المؤتمر بغلبة طرف على الأخر. ومن له هذه العقلية، أو يراهن عليها،فهو واهم. ومن يراهن على مساعدة جهات معينة لتعبيد الطريق له دون شرعية سياسية أو تنظيمية، فهو واهم. وحتى إن تأتى له ذلك،بشكل من الأشكال، فلن يكون إلا معادلة زائفة من ” كارطون”. إن الطبقة السياسية تتابع ما يجري، والرأي العام يتابع ما يجري، وسيكون من باب التزييف السياسي أن تصنع نخب وهمية، أو” قيادات” على المقاس، أو يتم فرض مسارات سياسية معينة على الحزب.

هل تقصد بأن هناك جهات تتدخل في الصراع؟
أعتقد بأن رسالتي واضحة. وسيأتي وقت الحديث عن العديد من التفاصيل.

ما تعليقكم على تحالف البيجيدي مع البام في انتخابات رئاسة طنجة تطوان الحسيمة؟
إنه تحالف سياسي هجين، من الطرفين، ولا سند سياسي له. إنه تحالف يفتقد للذكاء السياسي، وهو ليس عبقرية أو دهاء سياسي. قد يقول البعض، بأنه تحالف تدبيري على مستوى الجهة، غير أن الحقيقة شيء آخر، ومن يروج في الإعلام، بأن بعض الأسماء المحسوبة على نداء المستقبل هي التي رتبت رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة بالصيغة المعروفة فهو يزيف الحقيقة ويغالط نفسه قبل أن يغالط التاريخ.

هناك من يتحدث عن تقارب ممكن بين البام والبيجيدي في أفق 2021، وأن رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة مقدمة لتحالف سياسي ممكن بين الحزبين؟
العدالة والتنمية خصم سياسي وإيديولوجي.وعندما ستعلن العدالة والتنمية فك الارتباط الفعلي والعملي بكل الأذرع الدعوية آنذاك سنكون في مواجهة فاعل سياسي على قاعدة الاختيار الديمقراطي، والخلاف الجوهري بيننا يتعلق أساسا بتمثلات المشروع الديمقراطي بقيمه السياسية والمجتمعية والثقافية والحقوقية. ولأن المشروع السياسي للعدالة والتنمية مشروع دعوي هيمني قائم على نموذج إيديولوجي معين للدولة والمجتمع يقوم على استغلال المشترك الديني للمغاربة من بوابة المؤسسات وصناديق الاقتراع، فإن الخلاف يتجاوز رئاسة طنجة كما تم توضيبها دون قرار حزبي مؤسساتي. ومن يروج لمثل هذا الكلام يعرف جيدا بأنه يخدم أجندة خاصة، أو يمارس السياسة بالوكالة أو المناولة، ولو كان أمر التحالف مع العدالة والتنمية موكولا لبعض الأشخاص داخل الحزب لشارك البعض في التعديل الحكومي الأخير ولو بنصف حقيبة.

إن مسألة التحالفات السياسية موكولة للأجهزة الحزبية، وهي ليست مسألة تقنية، أو تدبيرية. بل هي رؤية استراتيجية تجيب بالضرورة على مصلحة بلادنا لتأمين شروط التوازنات السياسية الكبرى، وحماية الخيار الديمقراطي والحقوقي من كل المنزلقات المحتملة، والترويج اليوم لمثل هذا الكلام يخدم اصطفافات معينة تنتصر لأجنحة محافظة مصلحية تفتقد القدرة على التحليل العلمي للتطورات الجارية في بلادنا، وفي محيطنا.
من يدعو أو يرتب للتحالف مع العدالة والتنمية لا يبني هذا الموقف على قراءة تاريخية موضوعية، بل يرتب هذا الموقف خدمة لمصالح سياسية ضيقة.

هل أنتم جاهزون للمؤتمر؟
إننا نشتغل داخل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع، وسنذهب إلى المؤتمر وفق الصيغ القانونية المنظمة له. والمؤتمر ليس هدفا لذاته. ولو أردنا عقد مؤتمر “كوكوت مينوت” بانتدابات مباشرة دون مؤتمرات وجموع عامة ترابية، لفعلنا ذلك في 48 ساعة. ولكن أن تهيئ مؤتمرا بمعنى الكلمة، ويحترم الحزب، والبلاد، والمؤسسات، فالمسألة تتطلب جهدا كبيرا واستثنائيا ليكون المؤتمر وفق القانون، ومستجيبا لتطلعات المناضلين والمناضلات، ومستجيبا أيضا لرهانات المرحلة.


انخفاض أسعار اللحوم الحمراء المستوردة ومهني يوضح لـ “سيت أنفو”

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى