تحايل الرجال لتعدد الزوجات يستنفر المجلس الأعلى للسلطة القضائية
استنفر تعدد الزوجات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث وجّه محمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، دورية إلى كل من الرؤساء الأولون بمحاكم الاستئناف والابتدائية وأقسام قضاء الأسرة، يطالبهم فيها بضرورة تضمين اسم المراد الزواج بها، منعا لكل أشكال التحايل التي يلجأ لها الرجال لاستعمال الإذن للزواج عدة مرات، وذلك حفاظا على الأسرة المغربية وتماسكها.
وقال عبد النباوي في دوريته، إن مدونة الأسرة نصت على مسطرة قانونية دقيقة ومضبوطة من أجل الحصول على الإذن بتعدد الزوجات، وهي مسطرة يجب مراعاتها واحترامها.
وقد نصّت المدونة أيضا، على تجريم أعمال التدليس المرتبطة للتملص من اتباع الإجراءات المسطرية المقررة للحصول على إذن قضائي بالتعدد، وذلك من أجل حماية الأسرة وتماسكها وصيانة لحقوق الزوجات.
وأوضح عبد النباوي، أنه قد أثار انتباهه توصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمعلومات تفيد استعمال بعض الأزواج المأذون لهم بالتعدد لنفس الإذن عدة مرات، لإبرام عقود زواج غير مأذون بها، دون اللجوء إلى المحكمة لاستصدار إذن جديد بالتعدد، مستغلين عدم تضمين اسم المراد التزوج بهن بالإذن بالتعدد الممنوح لهم، وهو ما يتضح منه أن عدم تضمين أسماء المراد التزوج بهن في الإذن بالتعدد، يفتح المجال للتحايل واستعمال الإذن الممنوح لعدة مرات كأنه شيك على بيضاء.
وأضاف عبد النباوي، أن هذا الأمر يفرغ النصوص القانونية الموضوعة لحماية الأسرة من محتواها ويفقدها نجاعتها، كما أنه يعصف بالحقوق المقررة للزوجة في مسطر التعدد، ومن ذلك حقها في التعرف على الزوجة التي يعتزم زوجها الاقتران بها، وتمكينها من فرض شرط لفائدتها أو لمصلحة أطفالها عن بينة واختيار، في إطار المسطرة المنصوص عليها من المدونة، موازاة مع حق المراد التزوج بها، في حالة الإذن بالتعدد، في أن يشعرها القاضي قبل العقد عليها بأن مريد الزواج بها متزوج بغيرها، وترضى بذلك.
وغني عن البيان، أن الإذن بالتعدد يمنح في شكل مقرر قضائي يتعلق بواقعة محددة ومعينة بذاتها، ولا تتعدى حجيته الوقائع التي صدر من أجلها، ولذلك ينبغي أن يكون المقرر القضائي الصادر بمنحه واضحا في صياغته، دقيقا في منطوقه، لأجل تلافي كثرة التأويلات في استعماله أو عند تنفيذه. وفي الحالة الراهنة لا يستعمل لإبرام عدة زيجات بدل زيجة واحدة. وهو ما يقتضي أن تكون طلبات الأطراف محددة بكل وضوح ودقة، وتخص وضعيات محددة، مما يستدعي تضمينها جميع المعلومات التي تمكن المحكمة من البت في تلك الوضعية وتحديدها، بما فيها بيان هوية المراد التزوج بها من قبل طالب الإذن بالتعدد؛ لكون هذا الإذن يؤسس لمشروع زواج، يصفه المشرع بكونه ميثاق تراض وترابط شرعي على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين.
ونظرا لما لهذه التوضيحات من أهمية بالغة، ورعيا لضمان ممارسة مسطرة التعدد وفق الضوابط القانونية السليمة، والالتزام بأحكامها من جهة، وحفاظا على حقوق الزوجات وكرامتهن، وتماسك الأسرة واستقرارها من جهة ثانية، ومنعا للتلاعب بالإذن بالتعدد واستعماله لحالات أخرى غير ما منح لأجله من جهة أخرى، طالب عبد النباوي القضاة بضرورة تضمين الإذن بالتعدد الذي تمنحه الهيآت القضائية المختصة كافة المعلومات المتعلقة بالأطراف، بما فيها اسم المراد التزوج بها من طرف طالب الإذن بالتعدد، حتى لا يستعمل في زيجات متعددة.