تاج الدين الحسيني يكشف أهمية مصادقة البرلمان على ترسيم الحدود البحرية للمملكة
أمينة أرسلان
صادق مجلس النواب، في جلسة عمومية، مساء اليوم الأربعاء، بالإجماع، على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، ويتعلق الأمر بكل من مشروع قانون رقم 37.17 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 الصادر في 26 من محرم 1393 (2 مارس 1973) المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية، ومشروع قانون رقم 38.17 بتغيير وتتميم القانون رقم 1.81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية.
وفي تعليقه على هذا الموضوع، قال تاج الدين الحسيني، المحلل السياسي، وأستاذ العلاقات الدولية، في تصريح لـ”سيت أنفو”، إن المصادقة على هذين المشروعين، تأتي في إطار استكمال السيادة المغربية على كل مجالات الإقليم التي تهم المجال الترابي والجوي وكذلك المجال البحري.
وأوضح تاج الدين الحسيني أن المغرب منذ استقلاله، استكمل سيادته عبر عدة مراحل فيما يخص أقاليمه الترابية في مجالها الجوي، لكن فيما يتعلق بالمجال البحري ظل هنالك بعض الغموض.
وأشار تاج الدين الحسيني، إلى أن المغرب حاول أن يعالج هذا المشكل عدة مرات خاصة أن اسبانيا قدمت اقتراحات لها بهذا الخصوص أمام الأمم المتحدة، ونصوص بتحديد مجالها البحري، ولكن المغرب اعترض عليها، وبالتالي ظلت هذه المسألة معلقة أمام الأمم المتحدة، إلى أن عرضت الحكومة الموضوع على لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب وتمت المصادقة بالإجماع على مرسومين وعن قرار الملحق، وسيتم نشر هذين المرسومين في الجريدة الرسمية لتصبح سارية المفعول في استكمال السيادة المغربية على كل المجالات الثلاث المكونة للإقليم، وبالتالي قد يطرح سؤال حول العلاقات مع اسبانيا أين وصلت اليوم ؟”، بحسب تعبير المتحدث ذاته.
وفي هذا الإطار، قال تاج الدين الحسيني، إنه من المرتقب أن تقوم ابتداء من يوم غد الجمعة، وزيرة الخارجية الإسبانية، بزيارة ستتناول في أجندة موسعة الكثير من القضايا التي تهم علاقات استراتيجية بين الطرفين.
ويرى تاج الدين أن الإشكال يمكن أن يحل بحكم التفاصيل التي تعطيها الاتفاقية الدولية لقانون البحار، لأن المشكل القائم بالنسبة لجزر الكناري، هو أن الدولتين لا يمكن أن توسع مجال منطقة اقتصادية خالصة لمسافة 200 كلم لأن المسافة بين جزر الكناري والشواطئ المغربية لا تتجاوز 50 كلم، لذلك القانون ينص على إمكانية التعاون بين الطرفين المعنيين للتوصل إلى اتفاق تقوم الأمم المتحدة بتزكيته.
وتابع تاج الدين الحسيني، أن هنالك عدة مصالح حيوية بين المغرب واسبانيا، ولا يمكن لنقطة صغيرة بهذا الخصوص أن تعرقل ذاك التعاون الشمولي.
وفيما يخص الأهمية الاقتصادية للمرسومين بالنسبة للبحر الإقليمي، فالمغرب ينشر سيادته المطلقة على مدى 12 كلم التي تعتبر خاضعة لسيادتة المطلقة، لكن بالنسبة للمنطقة الاقتصادية تبقى مرتبطة باستغلال الثروات الباطنية لتلك المنطقة الاقتصادية واحتكارها، و كذلك تبقى مقتصرة على الترخيص لشركات الصيد الأجنبية التابعة للمنطقة الاقتصادية، ومراقبة إمكانية استمرار ما يسمى بحق العبور البري من طرف السفن الأجنبية، ولكن تحت المراقبة والإشراف المغربي دون أن تكون خاضعة للسيادة المطلقة لتراب المغربي، يقول تاج الدين الحسيني.
وأضاف المحلل السياسي ذاته، أن البحر غزير بالثروات المهمة سواء التنقيب عن البترول أو عن الغاز أو بالنسبة للثروات السمكية أو المعادن النفيسة … ، وبالتالي فهذا مكسب للمغرب في تعميم السيادة الوطنية على كل مجالات الاختصاص بما فيها المجال البحري.
وفي السياق ذاته، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن مشروعي القانونين، المتعلقين ببسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، يكتسيان أهمية خاصة في سياق مسلسل تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية للمملكة المغربية، مبرزا أن تحريك المسطرة التشريعية بخصوص مشروعي القانونين يأتي غداة الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، والذي شدد فيه الملك محمد السادس على ضرورة استيعاب الهوية المجالية للمملكة.
ولفت بوريطة، في معرض تقديمه للمشروعين، إلى أن هذه التوجيهات الملكية السامية “تستنهضنا لتدارك الفراغ التشريعي الذي يعتري المنظومة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، وملاءمتها مع السيادة الوطنية للمملكة، الكاملة المكتملة في حدودها الحقة، الترابية والبحرية، بل والجوية أيضا، تماشيا مع مقاربة الوضوح والطموح التي يريدها الملك محمد السادس، كأساس للسياسة الخارجية للمملكة”.
وأضاف أن من ضمن الاعتبارات أيضا التي أفضت إلى إعداد مشروعي القانونيين، تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، بما يمكن من استكمال مسلسل بسط السيادة القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، مشيرا إلى أن من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديدا أكثر دقة للمجالات البحرية الخاضعة للسيادة والحقوق السيادية للمملكة.
وأوضح أن الاعتبار الثالث يتمثل في ملاءمة التشريعات الوطنية مع بعض الالتزامات والاستحقاقات الدولية، مسجلا أن تحيين الترسانة القانونية الوطنية يشكل فرصة لملاءمتها مع مقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 وتجويد بعض الأحكام التي تتضمنها، خاصة عبر التخلي عن بعض الترسبات القانونية المتقادمة التي كان التشريع المغربي قد اعتمدها في سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، لافتا أيضا إلى أن بعض الاستحقاقات الدولية حتمت تسريع وتيرة تحيين النصوص القانونية للمملكة المتعلقة بالمجالات البحرية.
وأكد الوزير، بهذه المناسبة، على أن تحديد المجالات البحرية الوطنية يعتبر “مسألة داخلية وعملا سياديا”، يحتكم بالأحكام الصريحة لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، مضيفا أن تحيين التشريعات الوطنية يندرج أيضا في “إطار تفاعل بناء ومسؤول لمنظومتنا القانونية الداخلية مع المنظومة الدولية لقانون البحار”.
وأشار إلى أن ترسيم الحدود البحرية الخارجية يظل “مسألة دولية قابلة للتفاوض بين المملكة المغربية من جهة، والدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لبلادنا من جهة أخرى، وعلى الخصوص الجارة إسبانيا التي تعتبر شريكا اسراتيجيا تربطنا بها علاقات سياسية واقتصادية وتاريخية عريقة وقوية، محكومة بروح التعاون والاحترام المتبادل وتغليب الحوار البناء ومنطق الشراكة العملية والإيجابية وتفعيل حسن الجوار”، مضيفا، في هذا السياق، أن ” المغرب، كدولة مسؤولة، في إطار حقوقها لا تحاول فرض الأمر الواقع الأحادي في مجال ترسيم الحدود البحرية الخارجية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية