بنكيران.. من ظاهرة صوتية لا تُقهر إلى ”فقيه” للموتى في المقابر
تحول عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، من ظاهرة صوتية وتواصلية لا تُقهر، ومن رجل سياسة شغل الدنيا بخرجاته وقفشاته، إلى”فقيه” للموتى في المقابر.
فمنذ إعفاءه من رئاسة الحكومة من قبل الملك محمد السادس، بعد أن عجز الرجل عن إيجاد صيغة لإخراج حكومته للوجود، بُعيد الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر الماضي لسنة 2016؛ لم يفوت بنكيران – زعيم المصباحيين السالف- جنازة إلا ولبس جلبابه مهرولا نحو حضورها.
وحسب معطيات جمعها موقع ”سيت أنفو”، فإن بنكيران حضر ما يزيد عن 16 جنازة في زمن قياسي، بعد واقعة إعفاءه؛ وشملت الجنائز رجال ونساء في مختلف الميادين، وجزء منهم غير معروفين أو لا تربطهم ببنكيران أية صلة.
ولعل أطرف واقعة حدثت في علاقة بنكيران بالجنائز، حين قاطع اجتماعا هاما عقدته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، خلال شهر نونبر الماضي، وأصر على حضور جنازة طفل بدل الاجتماع رغم أهميته، وإن ربط متتبعين آنذاك تهرب بنكيران من لقاء ”المكاشفة”، بعد أن وقع بينه وبين مصطفى الرميد شنآن في ظل الصراع المحموم في تلك الفترة بين تيار الإستوزار في مواجهة أتباع بنكيران.
وارتباطا بالموضوع، يرى رشيد لزرق، الخبير السياسي بالمغرب، أن الحضور المكثف لبنكيران للجنائز، أن الموت لها رمزية كبيرة عند المغاربة وتستغلها ” قوى التدين السياسي من أجل إظهار الزهد”، مؤكدا أن بنكيران يسعى من وراء ذلك إلى التحول من مجال المؤسساتي إلى المجال الدعوي”.
وأشار ذات الخبير، في تصريح لـ ”سيت أنفو”، إلى أن زعيم الإسلاميين المعتدلين الأسبق، يريد من خلال الجنائز أن يبقى في دائرة الأضواء وملء الفراغ الذي أصابه بعد تلقيه لضربتين، الأولى إعفاءه من منصب رئيس الحكومة وعدم التمديد له على رأس الأمانة العامة لـ ”بيجيدي”، مضفيا عليه نموذج ” سيكولوجيا الإنسان المقهور”، حيث يعاني حالة من ”القلق الشديد بسبب فشله الأخير على جميع المستويات”.
من جهته صار حفيظ الزهري، الباحث السياسي في نفس المنوال، حين شدد على أن إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة وما تلاه من انقسام وصراع داخل حزب العدالة والتنمية وما نتج عنه من رفض لولاية ثالثة، أثر بشكل كبير على شخصية ”الزعيم”، حيث ”لوحظ نوع من الاعتكاف والعودة لما هو دعوي وديني وهو ما تم استنتاجه من معظم تدخلاته وخطاباته التي طغى عليها في الآونة الأخيرة الخطاب الديني والدعوي مع تركيز أنشطته على الحضور للجنائز”، يقول الزهي، الذي أكد أن ذلك يعتبر، في نظره ” عودة إلى الأصل ونقطة الانطلاقة الأولى لعبد الإله بنكيران التي كانت من الشبيبة الإسلامية وحركة الإصلاح والتوحيد وهي بمثابة خطوة للوراء لإعادة ترتيب أوراقه وتنظيم القاعدة الجماهيرية في أفق العودة إلى المشهد السياسي بقوة استنباطا للتجربة الأردوغانية بتركيا”.
وزاد الزهري متحدثا لـ ”سيت أنفو” عن الموضوع، أن ذلك قد ينتج عنه ”تسخير واستغلال لحركة الإصلاح والتوحيد لإعادة السيطرة على حزب العدالة والتنمية أو الخروج بحزب جديد للوجود يجمع شمل أنصار بنكيران وبعضا من شتات الحركة الإسلامية في المغرب”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية