الرباط-باريس.. محور استراتيجي جديد يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المتوسط

في مشهد دبلوماسي لافت يختزل عمق التحول في العلاقات المغربية-الفرنسية، حملت الزيارة التي اختتمها اليوم، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون للمغرب، دلالات تتجاوز البروتوكول الدبلوماسي وتقاليد زيارة الدولة.

فللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين، يصطحب رئيس فرنسي وفداً استثنائياً يضم 122 شخصية من النخب السياسية والاقتصادية والثقافية الفرنسية، في رسالة واضحة تعكس الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها المملكة المغربية في المنظور الفرنسي الجديد.

وتعكس الاتفاقيات الموقعة هذا التوجه، إذ تغطي مجالات استراتيجية كالأمن المائي والغذائي والتحول الرقمي والصناعات المتقدمة.

ويأتي هذا الحدث التاريخي ليتوج مساراً طويلاً من الشراكة المتجددة بين البلدين، حيث نجح المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، في تحويل العلاقات التقليدية إلى شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد؛ فتوقيع 22 اتفاقية في مجالات حيوية يؤسس لمرحلة غير مسبوقة من التعاون، تضع المملكة في موقع الشريك الاستراتيجي الأول لفرنسا خارج الاتحاد الأوروبي.

وضمن هذا التحول النوعي، يرى المراقبون أن المغرب، بموقعه الجيوستراتيجي ونموذجه التنموي المتميز واستقراره السياسي، أصبح محوراً رئيسياً في معادلة إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في منطقة البحر المتوسط والقارة الأفريقية؛ فالزيارة التاريخية تؤسس لتحالف استراتيجي يتجاوز العلاقات التقليدية نحو شراكة متكافئة تستشرف تحديات المستقبل.

وتكتسب هذه الشراكة أهمية استثنائية في ظل التحديات الجيوسياسية المتصاعدة؛ فالمغرب، بنموذجه التنموي المتميز وعلاقاته المتوازنة مع مختلف القوى العالمية، يقدم نموذجاً فريداً للدبلوماسية المعاصرة. وتؤكد الاتفاقيات الموقعة هذا التوجه، إذ تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي المتكافئ.

ويعتبر المراقبون بأن هذه المحطة التاريخية تتجاوز مجرد تعزيز العلاقات الثنائية. فهي تؤسس لنظام إقليمي جديد من شأنه أن يضع المغرب في موقع القوة الصاعدة والشريك الموثوق في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. وبهذا، يكون المغرب قد نجح في تحويل علاقته التاريخية مع فرنسا إلى شراكة استراتيجية تخدم مصالحه الوطنية وتعزز دوره كفاعل إقليمي محوري.

ماكرون أعلن عن دعوة الملك محمد السادس للقيام بزيارة دولة إلى فرنسا، بمناسبة الذكرى السبعين لتوقيع اتفاقية لاسيل سان كلو. دعوة تكتسي أهمية خاصة، إذ ستشهد توقيع إطار استراتيجي جديد للعلاقات بين البلدين، يجعل المغرب أول دولة خارج الاتحاد الأوروبي تحظى بهذا المستوى من الشراكة مع فرنسا.

ويرى محللون سياسيون بأن هذه المحطة التاريخية تؤسس لنموذج دبلوماسي جديد، يجمع بين الطموح الاستراتيجي والواقعية السياسية؛ فالمغرب، بقيادته الحكيمة ورؤيته المستقبلية، يثبت مرة أخرى قدرته على بناء شراكات دولية متوازنة تخدم مصالحه الوطنية.


“إسكوبار الصحراء”.. قرار محكمة البيضاء في حق الناصري وبعيوي

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى