الخطاب الملكي.. دلالات قوية ورفض قاطع للتهاون في المردودية

تضمن الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس، يوم أمس الجمعة، بمقر البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، عدة دلالات.

 فالخطاب الملكي يعد موعد دستوري راسخ عبر السنين يسهر الملك من خلاله على تأطير عمل الدولة وتجديد توجهاتها الاستراتيجية في حلقات ضمن رؤية واحدة قوامها المواطنة الواعية، الفعل المؤسساتي، والتنمية المتوازنة.

إن القوة الأولى في الخطاب الملكي تكمن في انتقاله من منطق التلقين إلى منطق التأطير والمواكبة، حيث دعا الملك إلى “إعطاء عناية خاصة لتأطير المواطنين، والتعريف بالمبادرات العمومية”.

كما عمد الخطاب على إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساس الشفافية التواصلية والمواطنة الواعية، مؤسسا لما يمكن تسميته بـالديمقراطية التفاعلية، حيث يصبح المواطن طرفا فاعلا في الفعل العمومي، لا مجرد متلق للقرارات.

ففي خطابه هذا، يبرز بعد مؤسسي بالغ الأهمية، يتمثل في تجاوز الزمن الحكومي والبرلماني نحو منطق الاستمرارية. فالقضايا التي تهم الحقوق والحريات والتنمية لا تقاس بدورات انتخابية قصيرة، بل بمدى رسوخها في بنية الدولة ومؤسساتها. ومن هنا تأتي الإشارة إلى “ترسيخ ثقافة النتائج”، بما يضمن الانسجام والفعالية في تنفيذ الإصلاحات.

ويأتي الخطاب كدعوة للجدية في الوفاء بالالتزامات بما تحمله من دلالات على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجاوز منطق الوعود إلى منطق الفعل القابل للقياس في رفض صريح لأي مظهر من مظاهر التهاون في تنزيل وأجرأة التوجهات والاستراتيجيات العمومية.

إنها رؤية إصلاحية عميقة تقدم “التحول في العقليات وطريقة العمل” كشرط مسبق لكل تنمية حقيقية، ما يجعل هذا المحور يجسد التحول من ثقافة الإدارة إلى ثقافة الدولة الفاعلة بما يجعل جل الفاعلين العموميون مطالبين بالمصداقية في الإنجاز وتحقيق الأثر الملموس.

وفي إطار رؤية شمولية، ترسخ للقناعة الملكية بأولوية إدماج المناطق الجبلية والعالم القروي، تأتي هذه المقاربة المندمجة لتراعي الخصوصيات الجغرافية والسوسيو-اقتصادية للبلاد، ما يجعلها نموذجا للتنمية العادلة التي تنطلق من الواقع بدل أن تفرض عليه من المركز. فحين يشير الخطاب إلى ضرورة “إعادة النظر في تنمية المناطق الجبلية” و”توسيع نطاق المراكز القروية الناشئة”، فهو لا يكتفي بوصف واقع التفاوت، بل يقدم أدوات مؤسساتية لتجاوزه، مجسدا العدالة المجالية في بعدها العملي، ومحولا مفهوم “الإنصاف الترابي” من شعار إلى ممارسة يومية تلمسها الفئات الهشة.


أكرد يتلقى نبأ سارا في معسكر “الأسود”

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى