الاتحاد الاشتراكي يعبر عن ارتياحه الكبير للإشارات الملكية الداعية لتعديل مدونة الأسرة
أشاد المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماعه أمس السبت، برئاسة إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، بمضامين الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد، مبرزا أن كل المداخلات أجمعت على استثنائيته التي تنبع من حرص الملك على تصويب الرؤية وتسديدها تجاه التحديات ذات الطبيعة الاستراتيجية، والنظر إلى مواجهتها انطلاقا من تثمين عناصر القوة الرمزية والمادية، وتجاوز الاختلالات التي تعيق بناء مغرب التقدم والتنمية.
وانسجاما مع هذه الرؤية المنبثقة من قيم الإنصاف والمساواة، أعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنه استقبل بارتياح كبير الإشارات الملكية الداعية لتعديل مدونة الأسرة، وتحيين بنودها، بما يجعلها قادرة على تجاوز عديد الاختلالات التي أبانت عنها التجربة، وهي عوائق سوسيولوجية أساسا، مرتبطة بمقاومات ذهنية لمسار التحديث والعقلنة والانفتاح، مسجلا بإيجابية كبيرة تضمن الخطاب الملكي فيما يخص ورش تحديث وتحيين مدونة الأسرة.
وأوضح الاتحاد الاشتراكي، في بلاغ له، أصدره عقب اجتماعه مكتبه السياسي مباشرة بعد خطاب الملك، أن إقرار تشريعات وقوانين بهدف التمكين للنساء ورد الاعتبار لهن، وصولا إلى غاية المناصفة، كما قال الملك، يتضمن فهما متقدما لدور المرجعيات القانونية والتشريعية، التي لا يجب أن تكون تقنينا لما هو قائم في المجتمع، ولو اكتنفته مظالم تاريخية، بل يتوجب أن يكون فهما بيداغوجيا استباقيا، بحيث يقود القانون المجتمع نحو التقدم والتحديث والمساواة، فالقانون أساسه رفع المظالم وليس تقنينها.
وسجل الاتحاد بإيجابية كبيرة تضمن الخطاب الملكي فيما يخص ورش تحديث وتحيين مدونة الأسرة وباقي عناصر إقرار الحقوق الفعلية للنساء لإحالات مرجعية على مجال تداولي يمتح من الإنصاف والمساواة الكاملة والمناصفة والتقدم والكرامة الإنسانية، مما يعكس المنحى التحديثي للمقاربة الملكية، وهو منحى يقتضي تلقيا عقلانيا للنصوص الدينية، يقطع مع الفهوم النصوصية الحرفية، ويستند على مقاصد الشريعة التي تعني تغير الأحكام بتغير السياقات، وبأولوية روح التشريع الإسلامي المستهدي بغايات العدل والكرامة والمساواة.
وانسجاما مع أفق الدولة الاجتماعية باعتبارها خيارا استراتيجيا، أفاد الاتحاد الاشتراكي، أن الملك ذكر بتحويل المغرب لحظة كوفيد القاسية إلى لحظة للإسراع في بناء براديغم تنموي جديد على قاعدة الإنصاف الاجتماعي، بدء من الانتباه لأولوية السيادة الصحية عبر تعميم نظام التأمين الإجباري عن المرض ليعم غير الأجراء، وكذا المستفيدين حاليا من نظام راميد، مرورا بتعميم التعويضات العائلية على الفئات الهشة، وانتهاء بالإسراع في إخراج السجل الاجتماعي الموحد.
وأضاف الاتحاد “إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وانطلاقا من مرجعيتنا الديموقراطية الاجتماعية، نجدنا في صلب هذا الورش الاجتماعي غير المسبوق، والذي نتمنى انسجاما مع روح الخطاب الملكي أن ننأى به عن سوق المزايدات السياسوية، فهو ورش للدولة المغربية، وليس لأي حكومة عابرة، ويحتاج للتملك الجماعي، دولة ومجتمعا، ونعتبر في الاتحاد الاشتراكي أننا اليوم أمام ما يمكن أن نسميه: المسيرة الاجتماعية”.
و”لأن إنجاج المسيرة الاجتماعية يحتاج لاقتصاد وطني قوي، يكون رافعة للتنمية والتقدم والمساواة، وليس مدخلا للريع والمضاربات اللذان يعمقان الفوارق الاجتماعية والمجالية، فإن الخطاب الملكي، وفي إطار نهج الصراحة الذي يمكن اعتباره من ثوابت الخطب الملكية، اعترف بالصعوبات التي يمر منها الاقتصاد الوطني بفعل مخلفات الجائحة وتقلبات الأسعار في السوق الدولية وتأثيرات الجفاف، لكنه لم يركن إلى لغة تبريرية للهروب من استحقاقات التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية وتجاوزها، بل اعتبر أن هذه الظرفية الاستثنائية الصعبة ليست مبررا لعدم دعم الفئات الهشة، والانحياز لاحتياجات الطبقات الاجتماعية، ولذلك فإن دعم الفلاحين والزيادة في ميزانية صندوق المقاصة ليس مما يوجب المن على المغاربة البسطاء..”، يورد بلاغ الاتحاد الاشتراكي.
وأشار البلاغ، إلى أن خطاب الملك في الشق الاقتصادي، كان بمثابة بوصلة هادية، تعيد الاعتبار لقيمة التضامن، وتنبه لمخاطر الجشع والاحتكار والمضاربات على السلم الاجتماعي، وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم سواء الفاعل الحكومي أو الفاعل الاقتصادي، مبرزا أن الزمن الحالي يتطلب التضامن وأولوية الصالح العام، لا انتهاز الفرص لمراكمة الأرباح على حساب معاناة المواطنين والأسر، وإن السياقات الدولية والوبائية والمناخية ليست مبررا للتنصل من واجب حماية الدخل الفردي للأسر وقدراتها الشرائية.
وجاء في بلاغ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، “استكمالا لاستراتيجية بناء المغرب الكبير أصر الملك على مد يده مرة أخرى للجزائر الشقيقة، مع التركيز على واجب وقف بعض مظاهر التراشق بين محسوبين على الشعبين المغربي والجزائري، مما يمكن اعتباره مراهنة على مغرب الشعوب من أجل بناء التكامل المغاربي المنشود، وهو وعي بأن كل النجاحات الدبلوماسية التي يشهد بها العدو قبل الصديق، تظل ناقصة في ظل توتر إقليمي بين الجيران، وبأن المغرب رغم كل هذه التوترات العابرة، فإنه سيبقى حريصا على إطفاء الحرائق بين دول المغرب الكبير وشعوبه، وبأنه لن يسمح بأن تستثمر قوى خارج المنطقة في إذكاء مناخات التفرقة بين الشعوب المغاربية”.
واعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الخطاب الملكي الأخير بمثابة خارطة طريق قائمة على محددات قيمية واستراتيجية، تنهض على أولويات الإنصاف والمساواة والتضامن والسلم بين الشعوب، متمنيا أن يكون الفاعلون السياسيون والاقتصاديون والمدنيون في مستوى هذه التحديات من أجل مغرب التقدم والكرامة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية