هل للانتخابات المقبلة رهانات سياسية؟
لا يبدو أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون برهانات سياسية، خاصة مع نمط الاقتراع الجديد الذي يعتمد القاسم الانتخابي ابناء على المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس الأصوات الصحيحة، واستبعاد العتبة، مما قد يجعل التنافس على المقاعد بعيدا عن البرامج السياسية ومنحصرا في الأشخاص.
نمط الاقتراع الذي تم اعتماده، وفي انتظار قرار المحكمة الدستورية بشأن القاسم الانتخابي، قد يزيد من متاعب السياسيين مع المواطنين، وقد يزيد من الهوة بينهما، خاصة والأرقام الأخيرة التي أفرزتها مؤخرا الدراسات ذات الصلة، تؤكد أن أزيد من ثلثي المغاربة لا يثقون في السياسة ولا في الأحزاب ولا في تدبير الشأن العام.
وقد يزيد نمط الاقتراع الذي تم الاتفاق عيله في البرلمان من ضعف المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة وأنها تتزامن مع استمرار تأثر العديد من الفئات الاجتماعية بسبب الآثار الاقتصادية للجائحة، واستمرار العزوف السياسي لملايين المواطنين، فضلا عن عدم تسجل الملايين منهم في اللوائح الانتخابية.
لقد صفق الكثيرون حينما أقرت حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي نمط الاقتراع اللائحي في الانتخابات التشريعية لسنة 2002، علما أن الحزب الذي كان يقوده الراحل اليوسفي كان يعلم أنه سيفقد عددا من المقاعد، وجاءت بعده حكومة إدريس جطو على الرغم من حصول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على الرتبة الأولى، وكان لأصحاب “مولة نوبة” التي تعالت أصواتهم في تلك الفترة وتوتر الأجواء بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، الأسباب المباشرة في توقف قطار التناوب التوافقي دون الانتقال إلى التناوب الديمقراطي، وفي الطريق إلى تحصين المكتسبات التي تراها النخبة السياسية بعين من الرضى، وفي مقدمتها اللالتزام بالتنافس السياسي بناء على البرامج والأفكار والتصورات وليس وفق الأشخاص والأعيان … وصل قطار الانتخابات إلى محطة 2021 بانقسامات قوية بين الأحزاب السياسية، بين التي تعتبر نمط الاقتراع الحالي قادر على رفع التحديات وتحقيق مزيد من المكتسبات وعلى رأسها استرجاع ثقة المواطنين في المسلسل السياسي والمؤسسات السياسيا، وبين من يعتبر أنه سيزيد من حجم الهوة بين الأحزاب والمغاربة وقد يسجل نسبة مشاركة غير مسبوقة …
في جميع الأحوال، سيكون لاقتراع 2021 دروس وعبر وخلاصات وآثار على المشهد الوطني للخمس سنوات المقبلة.