هل تغير كورونا من صيغة افتتاح الدورة التشريعية الخريفية؟
أسابيع قليلة تفصل الساحة السياسية عن الدخول البرلماني، والذي يكون عادة خلال الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، بالتزامن مع افتتاح الدورة التشريعية الخريفية.
هذا الموعد الدستوري، يأتي هذه السنة في سياق خاص، مرتبط بتطورات الحالة الوبائية بالمملكة، حيث لا يعرف أحد تطور هذه الحالة، وكيف سيكون منحى كورونا خلال الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، وهل ستكون البلاد في ظل حالة الطوارئ الصحية التي تنتهى مبدئيا في العاشر من شتنبر المقبل.
النص الدستوري، ينص بصراحة من خلال الفصل 65 منه على أن الملك يترأس افتتاح الدورة الأولى للبرلمان والتي تبتدأ في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، كما أن الفصل 68 ينص على أن هذه الجلسة تكون مشتركة ويتم الاستماع خلالها للخطاب الملكي الذي يوجه للأمة والبرلمان، وهنا تطرح أسئلة حول كيفية تدبير هذا الموعد في ظل الجائحة.
وبما أن كيفية افتتاح الدورة التشريعية الخريفية يجيب عنها المشرع الدستوري، فإن تزامنها مع جائحة كورونا، يطرح سيناريوهات متعددة وذلك لاحترام التدابير المعمول بها من طرف الدولة والمواطنات والمواطنين، حيث أن البرلمان بغرفتيه يتكون من 515 عضو، يحضرون هذا الافتتاح، إضافة إلى أعضاء الديوان الملكي، والحكومة، ورؤساء المؤسسات الدستورية، وكبار ضباط القوات المسلحة الملكية، والمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، والمدير العام للدراسات والمستندات، وشخصيات أخرى عسكرية ومدنية ترافق الملك في حدث وطني هام له دلالات ورمزيات خاصة.
وبالنظر لعدد الحضور، وفي ظل السياق الحالي، فإنه يبقى من المستبعد العمل بالصيغة المعهود بها، غير أن هنا يطرح مشكل التنسيق، ذلك أنه يمكن الاقتصار فقط على بعض الشخصيات الرسمية، رؤساء الفرق البرلمانية في احترام تام للتباعد الاجتماعي، والاستماع للخطاب الملكي في ظروف حسنة.
هذا السيناريو وإن يبقى وارد بقوة، إلا أنه يطرح مشكل بروتوكولي، حيث أن الملك ألغى جميع أنشطته الرسمية خارج البلاط منذ مارس الماضي، في احترام تام للتدابير المعهود بها، كما تم تأجيل حفل استقبال عيد العرش، وحفل الولاء، وأداء القسم لوقت لاحق، غير أن حضور الملك لمقر البرلمان يتطلب طقوس بروتوكولية خاصة بالنظر لرمزية الحدث، وهو ما يصعب في هذه الظرفية، مخافة من التجمعات بالشارع لمواطنين يحضرون كل سنة في ثاني جمعة من أكتوبر لتحية الملك أمام مقر البرلمان.
سيناريو أخر، يبقى مستبعدا، وهو أن يوجه الملك خطابه من القصر الملكي، دون الحضور إلى البرلمان، وفي هذا الصدد، يرى يونس أيت الري باحث في العلوم السياسية والقانون العام بكلية الحقوق أكدال، أن توجيه الملك لخطاب افتتاح الدورة التشريعية من القصر دون الحضور للبرلمان، مستبعد لأن الموعد الدستوري له رمزية ويعطي قيمة أكبر للمؤسسة التشريعية بحضور الملك لمقر البرلمان، غير أن الظرفية الحالية تحتم التفكير في سيناريو أمثل لإقامة هذا الحدث دون المساس بالدستور وروحه، وبمكانة البرلمان.
سيناريوهات متعددة تسبق موعدا خاصا، ينص عليه الدستور، ولا يمكن إلغاءه أو تأجيله، لأن في ذلك عدم بداية الدورة التشريعية، على اعتبار أن الدستور ينص بصراحة على أن الملك هو من يفتتح الدورة الخريفية لأخر سنة تشريعية من هذه الولاية البرلمانية.