هل انهار الخطاب الأخلاقي لدى حزب العدالة والتنمية؟
عاش حزب العدالة والتنمية في السنتين الأخيرتين عدة تصرفات في صفه الأول من القيادة، تصادم الخطاب الأخلاقي الذي درج عدد من قيادي “البيجيدي” القادمين من “الحركة الإسلامية” في الإعتماد عليه في “التواصل السياسي” مع المواطنين ومناضليه، مما يفتحُ النقاش حول مدى صحة “انهيار الخطاب الأخلاقي” لدى “البيجيدي”.
قرمان: تُجار القيم
في هذا الصدد، قال عبد الحكيم قرمان، الباحث في العلوم السياسية بأن “انهيار الخطاب الأخلاقي يعكسُ نوعا من “التركيبة السيكوسوسيولوجية” المتمثلة في عقدة الاضطهاد والمظلومية والفصام بين القول والسلوك ونهج أسلوب الحيطة والتوجس من كل من هو خارج دائرة الجماعة وفقا لمنهاج “التقية” من خلال إخفاء الحقائق وإبراز عكس ما يضمرون للأخر من تشفي ومعاكسة وازدراء”.
وأضاف قرمان أن “كلها سلوكيات مهتزة البناء متضاربة التمثل والأداء، وهكذا فإن الخطاب السياسي عندهم غير ذي قيمة فلسفية أو مرجعية أو جماليات، بل مجرد وسيلة وتكتيك في الأداء، الغاية من وراء إنتاجه وترويجه والادعاء به في مختلف الفضاءات العمومية، لا قيمة له عندهم أو ذا حمولة قيمة ثابتة”.
وأوضح أن “لخطاب عندهم، أسلوب تواصلي في منتهاه، تبريري للتضليل والادعاء، سلاح فتاك للتحريض وقناع يخفي الحقائق للإيقاع بالناس في شرك الانصياع والإتباع، وهكذا سيكون الخطاب عند تجار القيم من” الساسة الشعبويين” المختبئين خلف مظلات اللولبيات العالمية والمافيات الثيوقراطية، واستعمال أقنعة كهنوتية، لرهبان ودعاة يرتزقون من بيع الكلام المعسول والدجل والخرافات، يتقدمون الصفوف ويحتلون المنابر ويوجهون دفات الحركات “المبشرة المسبحة بقيم النيوليبرالية المتوحشة المعولمة””.
واعتبر أن “تردي الخطاب السياسي عند هؤلاء، هو من تردي الفكر والقيم عندهم، فلا عجب أن تسود الشعبوية في مختلف أنحاء المعمور اليوم كنتيجة لانهيار المفاهيم الإنسانية الكونية القائمة على الحرية والعدالة والمساواة بين الجنسين، أمام صعود التعصب والتطرف والكراهية والإرهاب بكل تلاوينه”.
وأبرز أن “البيجيدي” يُنتج “نوعا الخطاب الدعائي أكثر منه خطابا سياسيا مؤسسا على مفاهيم ورؤى ومناهج تحليل عقلانية ومضبوطة، وهناك الفئة، القلة القليلة” المشكلة للقيادة العامة ولمخططي “البرامج السياسية’ و”العمليات الدعائية التواصلية”، وهي الفئة الناظمة لخيوط التنظيم أفقيا عبر شبكة المصالح وتوزيع المهام التراتبية حسب درجات الولاء والانضباط والطاعة والتجند الدائم خلف القيادات لخدمة الأهداف المسطرة بكل تفان ومهما كلف الأمر”.
فاضلي: العدالة والتنمية لا يزال يتميز بالخطاب الأخلاقي
في حين، أبرز علي فاضلي، الباحث في العلوم السياسية بأنه يجبُ “تحديد ما هو المقصود بالخطاب الأخلاقي عند حزب العدالة والتنمية، هل يتعلق الأمر بالجانب الديني أم بالجانب السياسي؟ فحزب العدالة والتنمية هو حزب سياسي مدني وليس حزبا دينيا، وهذا أمر محسوم بنص الدستور الذي يحظر قيام أحزاب دينية، أو وفقا لأوراق الحزب التي تنص على مدنية الحزب”.
وأردف قائلا: “وعليه فنقاش الخطاب الأخلاقي عند العدالة والتنمية يجب أن ينصب على الشق السياسي وليس الشق الديني، وفي هذا الباب يبدو أن الحزب لا يزال يتميز بطابعه الأخلاقي أو ما يطلق عليه بالتخليق السياسي، قلما ظهرت حالات فساد سياسي لدى مسؤولي الحزب، حتى أن الحزب يسارع كلما أثيرت حالة فساد سياسي لدى أعضاءه إلى فصل هذا العضو”.
في المقابل، أكد المُتحدّث أن “قضية الأخلاق من جانبها الديني، والملاحظ أن الحزب بدأ يدافع ومنذ مدة عن الحرية الشخصية، وقد ظهر هذا واضحا حين انتقد الحزب تسريب صور منسوبة لنادية ياسين سنة 2011، كما أصدرت الأمانة العامة للحزب بلاغا ينتقد استهداف الحياة الشخصية بعد تسريب فيديو منسوب للهمة ومزوار في إحدى الملاهي الليلية سنة 2016”.
وأشار أن “الحزب أصبح يضم في صفوفه متدينين وغير متدينين، بل إنه اقترح الترشح على شخصيات تنتمي لليسار وتختلف بشكل كبير مع مرجعية الحزب وأطروحته، أما قضية توظيف الحياة الشخصية لبعض قيادات الحزب كصور ماء العينين وقبلها محمد يتيم، فهي وإن كانت تستغل ضد الحزب، إلا أنها لا تؤثر عليه بشكل كبير، وهنا نتذكر استغلال قضية بنحماد والنجار أسابيع قليلة قبل الانتخابات التشريعية لسنة 2016، ولكنها لم تؤثر على نتائج الحزب في تلك الانتخابات”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية