من أزمة قانونية إلى فرصة ديبلوماسية.. الإجماع الأوروبي يتجه إلى ترجيح القيمة الاستراتيجية للشراكة مع المغرب

تحليل إخباري: مصطفى وغزيف

في تطور لافت للأنظار، يتصدر في المشهد السياسي الأوروبي تحرك جماعي نحو تكريس تعزيز العلاقات مع المملكة المغربية، متجاوزاً بذلك العقبات القانونية التي فرضتها أحكام محكمة العدل الأوروبية الأخيرة، وهو تحرك يؤكد على الأهمية الاستراتيجية للمغرب كشريك أساسي”لاغنى عنه” للاتحاد الأوروبي في منطقة شمال إفريقيا.

الأحكام القضائية وردود الفعل

بينما تلوح في الأفق غيوم الأحكام القضائية الأوروبية، تنبثق شمس العلاقات الاستراتيجية لتبدد ظلال الشك.

ففي الرابع من أكتوبر الماضي، أصدرت محكمة العدل الأوروبية أحكاماً ألغت بموجبها اتفاقيات الصيد والمنتجات الزراعية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب سنة 2019. ورغم هذه الأحكام، سارعت العديد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها إسبانيا وفرنسا، إلى التأكيد على أهمية الشراكة مع المغرب.

موقف أوروبي موحد

في قمة المجلس الأوروبي الأخيرة، أكد قادة الدول الـ27 على “القيمة الكبيرة” للشراكة الاستراتيجية مع المغرب، مشددين على ضرورة الحفاظ على العلاقات الوثيقة وتعزيزها في جميع المجالات. موقف جماعي يعكس إدراكاً عميقاً لأهمية المغرب في قضايا حيوية مثل مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب وتهريب المخدرات..

ولقي الموقف المغربي تجاوبا سريعاً وإيجابيا من كبار المسؤولين الأوروبيين، بمن فيهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية جوزيب بوريل، كما أعربت الدول مثل فرنسا وألمانيا والبرتغال عن دعمها للعلاقات مع المغرب.

شراكة اقتصادية استراتيجية

تبرز أهمية الاتفاقيات مع المغرب خاصة في مجال الصيد، حيث تستفيد إسبانيا من غالبية تراخيص الصيد في المياه المغربية، ما يعود بالنفع على أساطيل الصيد في الأندلس وغاليسيا وجزر الكناري. كما أن اتفاقية تحرير تجارة المنتجات الزراعية تعتبر حيوية للعلاقات الاقتصادية بين الطرفين.

موقف المغرب الثابت

من جانبها، مافتئت المملكة المغربية تؤكد على موقفها الثابت في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها، بما فيها الصحراء المغربية، ولا مجال للحديث عن اتفاقية لا تحترم وحدتها الترابية، ما يعكس التزامها بمبادئها الوطنية الثابتة.

ويؤكد هذا التحرك الأوروبي الجماعي على الأهمية الاستراتيجية للمغرب كشريك أساسي في المنطقة. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي مصمم على إيجاد سبل للحفاظ على هذه الشراكة وتطويرها، مع الاعتراف بسيادة المغرب على أراضيه، بما فيها الصحراء المغربية، وهو ما يمثل نهجا حكيماً يعكس الفهم العميق للمصالح المشتركة وأهمية الاستقرار الإقليمي في شمال إفريقيا.

فالمغرب يبرز كنجم ساطع في سماء شمال إفريقيا، بحكمته السياسية ورؤيته الاستراتيجية، ويثبت أنه أكثر من مجرد شريك؛ إنه ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي والازدهار المشترك. فبينما تتقلب رياح السياسة الدولية، تبقى العلاقة المغربية-الأوروبية كشجرة زيتون معمرة، جذورها ضاربة في أعماق التاريخ، وأغصانها تمتد نحو مستقبل واعد. هي قصة تتجاوز حدود الجغرافيا وقيود الآلة القانونية الصماء، ، لتصبح نموذجاً للتعاون الدولي والدبلوماسي الخلاق.


وجهة غير متوقعة لحكيم زياش

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى