مؤشرات بدايات انتخابية ساخنة

إنها مجرد مؤشرات، وإن كانت المؤشرات التي تأتي في سياقاتها تكون ذات دلالات، ,قد يكون من بين أهدافها، فضلا عن تقوية الصفوف الداخلية، ترتيب كل التفاصيل والقضايا المرتبطة بالمحطات السياسية الكبرى، وفي مقدمتها الانتخابات المقبلة.

وأولى هذه المؤشرات التي تواترت هذا الأسبوع، هو استعداد أحزاب المعارضة لعقد لقاء تنسيقي يضع الكثير من القضايا تحت مجهر البحث والتحليل وترتيب الاتفاقات القبلية، خاصة وأن السنة الجارية سنة انتخابية بامتياز.

ومن المنتظر، حسب الأخبار المتوفرة، أن تعقد أحزاب الاستقلال والتقدم والاشتراكية والأصالة والمعاصرة لقاء تنسيقيا في الأسبوع المقبل، وسيكون من ضمن نقاط جدول أعمال، التداول في كل القضايا الراهنة، وعلى رأسها الانتخابات التشريعية المقبلة.

لا يتعلق الأمر هنا بالذهاب بعيدا للاتفاق على مرشح مشترك، خاصة والتاريخ السياسي في هذا المجال لا يحتفظ إلا بمبادرة يتيمة بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في التسعينيات من القرن الماضي، وإنما بالاستعداد أكثر للمرحلة المقبلة التي ستعرض فيها مشاريع القوانين الانتخابية على المؤسسة التشريعية، خصوصا أن كل هذه الأحزاب وإن كان يجمعها ميثاق واتفاقات وأهداف مشتركة عرضت على الملأ قبل بضعة شهور، ترغب كل على حدة في الحصول على مراكز متقدمة في الاستحقاقات المقبلة، ولم لا تصدرها.

لأول مرة في تاريخ الانتخابات المغربية، توافقت النخبة السياسية، باستثناء « البيجيدي »، على إجراء الانتخابات وفق معايير مختلفة عن سابقاتها، وبالأساس بناء على القاسم الانتخابي الذي يُفترض أن يعتمد على المسجلين في اللوائح الانتخابية بدل الطريقة المعتمدة دائما باحتساب عدد المقاعد بناء على عدد المصوتين.

ولأن الكثير من المواقف والمواقف المضادة تواترت بقوة في الشهور القليلة الماضية، خاصة بعد التوافقات بين الأحزاب السياسية إبان المفاوضات بينها وبين وزارة الداخلية، جعلت حزبا وحيدا وهو حزب العدالة والتنمية يصر على اعتماد الصيغة المعمول بها دائما، ولأن هذا المعيار (المسجلين في اللوائح) ستكون له آثار على خارطة الانتخابات السياسية بعد الاسحقاقات التشريعية المقبلة، فمن المنتظر أن يكون هذا الموضوع من بين أولى القضايا التي تطرح على جدول أعمال اللقاء التنسيقي لأحزاب المعارضة.

ولا تتضمن مشاريع القوانين الانتخابية مستجد القاسم الانتخابي فقط، وإنما قضايا أخرى لا تقل أهمية، ومنها اللائحة الوطنية للشباب التي طالب حزب الأصالة والمعاصرة رسميا بحذفها، علما أنه فاز بسبعة مقاعد في الانتخابات التشريعية السابقة في نفس اللائحة، وتشبث التجمع الوطني للأحرار باللائحة الوطنية للشباب، بعدما فاز بثلاثة مقاعد في التجربة السابقة، في نفس الوقت الذي لم يعلن حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية عن موقفهما النهائي الحاسم.

أما ثاني المؤشرات الكبرى التي تواترت هذا الأسبوع، فيتعلق بإمكانية التوافق على الأعمدة الكبرى لميثاق شرف بين الأحزاب الأربعة يرفع من مستوى الإجراءات التي تضمن مصداقية أكبر للانتخابات التشريعية المقبلة، ومن ضمنها منع الترحال السياسي بين الأحزاب قبل الانتخابات المقبلة، وهي نفس الإشارة التي جاءت في مداخلة عبد اللطيف وهبي في ندوة مؤسسة الفقيه التطواني.

ومن شأن التوافق على هذا الميثاق أن يضمن منافسة أكثر إنصافا بين الأحزاب المعنية بالميثاق، تفاديا لما تواتر من اتهامات في الانتخابات السابقة، ويجعل الأحزاب نفسها من الحصول على أفضل المراتب في الاستحقاقات المقبلة.

كل هذه الإجراءات والتوافقات وغيرها، من شأنها أن تضمن استبعاد « الحروب الانتخابية » التي تأكل من قدرات الأحزاب، وتجعلها قادرة على التنافس في أجواء هادئة على احتلال مراكز أقرب إلى الصفوف الأولى، وتمكن من تقليص الفارق بينها وبين حزب العدالة والتنمية حتى إذا احتل الرتبة الأولى.

وإذا تقاطعت هذه المؤشرات مع المؤشر الثالث الذي يفترض لقاء رباعيا منتظرا بين أحزاب المعارضة الثلاث والتجمع الوطني للأحرار، فيمكن أن تكون الصورة أقرب إلى إعادة ترتيب كل الصفوف الداخلية لمزيد من الاستعدادات لمناقشة موحدة الأهداف لمشاريع القوانين الانتخابية بكل الخلافات على أهميتها القصوى من جهة، وتفعيل كل المحفزات للمنافسة على رسم صورة مغايرة لخارطة الانتخابات مغايرة للتي سبقتها من جهة ثانية.

المشهد بهذه الصورة المفترضة، سيضفي كثير من المصداقية على شرعيات سياسية أخرى، منافسة أكثر لتلك التي توجه إليها كل الأنظار باعتبارها متصدرة للانتخابات، ومن شأنها أن تجعلها في وضع أفضل لتفاوض أحسن لرسم خارطة سياسية مغايرة أكثر.


سفيان رحيمي يثير ضجة في مصر

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى