عبد النباوي: العدالة الحقة تقتضي أن يحاسب كل واحد على ما أتاه
قال رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، إن مهنة المحاماة “لا يتوقفُ عناؤها عند صعوبة التعامل مع العملاء والموكلين، وهم أنواع وأشكال، تزيد مشاكلهم في تعميق حالاتِهِم النفسية، وأحياناً سلوكِهم وأخلاقِهم، فيُقْبِلُ عليكُم بعضُهم وهو في حالة من الضَّعف والهشاشة ليجد فيكم عونا وسنداً، أو يأتيكم مُخَاتِلٌ محتَالٌ وهو يرتدي لباسَ الورع والتقوى، ليكسب تعاطفكم معه وإيمانكم بقضيته”.
وأضاف عبد النباوي، في ندوة تمرين المحامي المنظمة من طرف هيئة المحامين بأكادير يومي 13 -14 دجنبر 2018، بأنه قد “تستمر المعاناة في علاقتكم مع زملائكم، ومع المحاكم والإدارات ومع بعض مساعدي العدالة، فتختلف الرؤى والتوقعات، ويحدث جدل واختلاف في تأويل النصوص وترتيب الآثار، وهي محطات تُنْهِك الفكر وتحطم الأعصاب، وكل تلك المعاناة، وذلك التعب – رغم شدته وضراوته – لا يساوي شيئاً أمام العناء الأكبر الذي يسببه قيامكم بمهمتكم الأساسية الجوهرية، في أن تكونوا مساعدين أوفياء للعدالة”.
وأوضح رئيس النيابة العامة، إن “إقامة العدل، وإن كانت تتطلب إعطاء الحقوق لأصحابها، وأنتم مستأمنون على المساهمة في ذلك بالدفاع عن حقوق موكليكم ومساندتهم حتى ينالوا حقوقهم. فإنها لا تدعوكم إلى مساعدتهم على كسب حقوقاً ليست لهم، أو مساعدتهم في الاستيلاء عن حقوق غيرهم”.
وتابع بالقول: “إن كنتم موكلين للدفاع عن متهمين، فإن دوركم ليس هو تبرئة الجناة أو إدانة الأبرياء، من يفعل ذلك يكون قد خان الأمانة .. أمانة إقامة العدل بين الناس، بل يكون قد أخل بأمن المجتمع وبأمنه الشخصي وأمن أهله، وربما أمن أبنائه وبناته، ليست مهمةُ المحامي أن يدافع عن سارق ليفلت من العقاب ويحوزَ براءةً ليَنْعَمَ بما سرقه، ولا المساهمةُ في براءة مغتصِبٍ عاتَ فساداً في أعراض الناس، أو بتبرئة قاتل أزهق الأرواح، فالعدالة الحقة تقتضي أن يحاسب كل واحد على ما أتاه، وأن يعاقب على ما ارتكبه بالعقاب المقرر في القانون”.
وشدد بأن “دور المحامي أن يحافظ له على حقوقه ويجعله ينتفع بما قرره له المشرع من إجراءات، أو يستفيد من الظروف المناسبة لأحواله الصحية أو الاجتماعية والاقتصادية، وليس مهمة المحامي مساعدته في طمس الحقيقة أو تغييرها من أجل الإفلات من العقاب، فلربما إذا أفلت المغتصب على يديكم يوماً، سيكرر فعله، وقد يعتدي على إحدى قريباتكم. وإذا أفلت السارق بسبب مساهمتكم، أن يستهدف يوماً ما جيوبكم أو ممتلكاتكم”.
وأبرز بأن “الحقيقة لا تدافع عن نفسها – بل لابدّ لها من مدافع يتسم بسمو الأخلاق ويتجلى بخصلة الوعي بالمسؤولية والإحساس بثقلها، لأن مهمته تتجاذبها عدة اتجاهات. فهو مطالب بالدفاع عن موكله والاستشارة والنصح السديد وخدمة العدالة وكذلك بالبحث عن الحقيقة التي تؤدي إلى الإنصاف”.