شهيد يتحدث عن أبرز مميزات ورهانات الدخول البرلماني الحالي
يتجدد النقاش مع كل دخول برلماني حول الأدوار التشريعية والرقابية لمؤسسة البرلمان ارتباطا بالسياقات التي تؤطر عملها، وباعتبارها مجسا يعكس درجة نضج المسار الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب على مدى عقود.
وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يسلط رئيس الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية، بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد، (معارضة) الضوء على الرهانات المعقودة على المؤسسة التشريعية في سياق وطني موسوم بتداعيات زلزال الحوز، فضلا عن أبرز القضايا والملفات التي تطبع الدخول البرلماني الحالي.
1/ماهي أبرز مميزات ورهانات الدخول البرلماني الحالي ؟
أعتقد أن الأمر يتعلق بتحديات مطروحة أمام البرلمان أكثر مما هو متعلق برهانات، ذلك أن رهانات مؤسسة البرلمان مسألة معلومة ومحددة، وعموما فإن أهم التحديات المطروحة علينا كنواب أمة خلال هذا الدخول البرلماني، هو أنه يأتي في سياقات استثنائية وطنية ودولية.
فعلى المستوى الوطني، سيكون أول تحد أمام البرلمان، هو الإسراع بتجويد واعتماد المشاريع التي ستأتي بها الحكومة في إطار البرنامج الذي أعلنته كتنفيذ لبرنامج إعادة البناء والإعمار والتأهيل على إثر زلزال الحوز.
وككل سنة تشريعية جديدة، هناك تحد ثان، يتمثل في اعتماد قانون المالية الذي يدشن النقاش العمومي والسياسي في مستهل كل سنة تشريعية، وهو النص الذي ننتظر من الحكومة أن تجعل منه أداة لتنزيل مجموعة من المشاريع المهيكلة التي تؤسس للدولة الاجتماعية، بصورة تتجاوز المنطق الذي حكم إعدادها لكل من قانون المالية لسنة 2022 و2023، أي ذلك المنطق المحاسباتي المنتصر للأرقام وللموازنات الماكرو اقتصادية، نحو منطق جديد ينتصر للموازنات الاجتماعية، لاسميا وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلد، الموسومة باستمرار موجة الغلاء وبتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، باتت اليوم تفرض تدخلا استعجاليا.
وبالإضافة لمشروع قانون المالية، هناك العديد من النصوص التشريعية، التي سيشكل الدخول البرلماني فرصة للتداول فيها وفي راهنية إحالتها على البرلمان.
أما على المستوى الدولي، فيكفي استحضار أن العالم اليوم يواجه تحديات عديدة، منها الاقتصادية والتي يعتبر تكرار الصدمات عنوانها الأبرز، ثم السياسية الموسومة بتزايد التوترات الجيوسياسية، وكذلك التحديات المناخية التي باتت تشكل تهديدا فعليا للتنمية بالعديد من الدول، وكلها تحديات من المنطقي أن ترخي بظلالها على الفاعل البرلماني، الذي من المفروض فيه أن يدفع في اتجاه نقاشها والبحث في آليات مجابهتها أو على الأقل التخفيف من حدتها.
2/ماهي أهم القضايا المطروحة على الأجندة التشريعية والرقابية لهذه الدورة؟
إن الدخول البرلماني خلال هذه السنة التشريعية الجديدة، سيكون محكوما بالعديد من القضايا الرئيسية، التي يأتي قانون المالية في مقدمتها، باعتباره السياسة العمومية التي تحدد توجه الحكومة وتفصح عن اختياراتها في العديد من القضايا، ثم كيفية تنزيل وتنفيذ التعليمات الملكية المتعلقة بإعادة إعمار المناطق المتضررة بزلزال الحوز، وأخيرا البحث في الآليات القانونية الكفيلة بضمان حسن تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية وتفعيل تصورات النموذج التنموي الجديد.
من جهة ثانية، فالأكيد أن مجموعة من القضايا الأخرى سيتم تحديدها انطلاقا من مضامين الخطاب الملكي الذي سيتوجه به صاحب الجلالة إلى البرلمان خلال افتتاح هذه السنة التشريعية، ذلك أن الخطب الملكية دائما ما تكون بمثابة خارطة طريق للحكومة وللبرلمان على حد سواء.
عموما سيستمر البرلمان في أداء مهامه التي يكفلها له القانون، والمتمثلة، أساسا، في التشريع وفي الرقابة، لكن المأمول هو أن تتجاوز الحكومة المنطق الذي حكم تعاطيها مع البرلمان خلال السنة التشريعية الماضية، حتى يتم استدراك التأخر التشريعي الحاصل، خاصة أنه بات من الضروري اليوم الإسراع في اعتماد العديد من القوانين المهيكلة، كالقانون الجنائي، وغيرها من القوانين والقضايا، من قبيل قضايا الجالية المغربية بالخارج، التي من شأن اعتمادها أن يساهم في التأسيس لمرحلة جديدة تدخلها البلاد.
ننتظر من الحكومة خلال هذه السنة التشريعية، أن تفي بالتزاماتها وأن تتدارك الزمن السياسي الذي أهدر وهي تشرف على نصف ولايتها من أجل تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد من جهة، وإقرار إصلاحات حقيقية، وإعطاء الأولوية للملفات والقضايا ذات الطابع الاجتماعي، وتنزيل التوجيهات الملكية خاصة ما يتعلق بالأوراش الكبرى المهيكلة، كما ننتظر منها أن تتخذ إجراءات وتدابير ملموسة لحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.
3- بأي نفس تدخل المعارضة البرلمانية غمار هذه الدورة، وما حدود التنسيق بين مكوناتها؟
كما هو معلوم، فإن موقف الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية- في ما يتعلق بالتنسيق مع باقي فرق المعارضة بمجلس النواب، هو موقف مبدئي، فنحن لسنا ضد التنسيق مع الجميع في أي قضية نرى أن التنسيق فيها سيدفع في اتجاه خدمة مصالح البلاد، لكننا نؤكد أنه لا معنى للتنسيق من أجل التنسيق، لاسيما أن هناك اختلافات جوهرية بيننا في الإيديولوجيا، وفي الأولويات، وفي التصورات. وفي ظل هذه الاختلافات يصعب جدا الحديث عن أي تنسيق استراتيجي.
أما في ما يتعلق بعمل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فالمعلوم أنه حزب ارتبط وجوده تاريخيا بالمساهمة ومن أي موقع شغله وانطلاقا من الأدوات والوسائل المتاحة أمامه في خدمة مصالح المغاربة والمغرب، وبالتالي فمن الضروري أن يستمر في أداء مهامه، كقوة اقتراحية لا غاية من مواقفه غير المساهمة من موقعه في دفع الحكومة نحو تبني اختيارات شعبية، ونأمل أن تتعاطى الحكومة مع مقترحات حزبنا بالجدية المطلوبة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية