رغم تفشي جائحة كورونا.. أسبوع مكثف للدبلوماسية المغربية
عادت الدبلوماسية المغربية إلى ديناميتها الخاصة، خلال أسبوع مكثف وحافل بالأنشطة بين الرباط والأقاليم الجنوبية للمملكة.
تفشي فيروس كورونا والإجراءات المتخدة، لم تمنع الدبلوماسية المغربية من تقوية أنشطتها، والتي انطلقت يوم الإثنين الماضي، باستقبال ناصر بوريطة لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دافيد شينكر، ذلك أن المغرب شريك وثيق للولايات المتحدة في طائفة من القضايا الأمنية، إذ أن المغرب يشارك سنويا في أكثر من 100 عملية عسكرية أمريكية، بما في ذلك (الأسد الإفريقي)، كما تم التوقيع مؤخرا على خارطة طريق ثنائية للتعاون في مجال الدفاع تغطي عشر سنوات، والتي تشكل “رمزا لتعاوننا الاستراتيجي طويل المدى”.
وتواصلت هذه الأنشطة، بمشاركة المغرب في افتتاح المنتدى الاقتصادي العربي البرازيلي عن طريق الفيديو، والذي تميز بحضور الرئيس البرازيلي بولسونارو، حيث تم التأكيد على أن هناك رؤية واضحة وطموحة للمغرب تهدف إلى أن تكون الشريك الأساسي للبرازيل على مستوى إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، علما أن هذه الشراكة الاستراتيجية يجب أن تقوم على ركيزتين أساسيتين تتمثلان في الأمن الغذائي والخدمات اللوجستية، باعتبار أن المغرب يعد أول مصدر عالمي للفوسفاط إذ أن المكتب الشريف للفوسفاط يتمتع بمكانة تنافسية عالية داخل المنظومة الزراعية للبرازيل، التي تعد رائدة على مستوى العالم في الإنتاج الزراعي ما يتطلب ضمان تزويد قطاعها الفلاحي بالأسمدة الفوسفاتية.
الدبلوماسية المغربية أحيت العلاقات مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، في زمن الجائحة، حيث وقع المغرب اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات، مع غينيا بيساو، في أعقاب محادثات ثنائية جمعت ناصر بوريطة بنظيرته سوزي كارلا باربوسا، والتي أكدت على موقف بلادها من القضية الوطنية، كما أن المغرب يمكن أن يعتبر غينيا بيساو صوته داخل الاتحاد الإفريقي ومجموعة “السيداو” على حد تعبير المسؤولة الدبلوماسية.
زيارة وزيرة خارجية غينيا بيساو، تميزت أيضا بافتتاح قنصلية لبلادها بالداخلة، في إطار سياسة تمثيل عدد من الدول من إفريقيا جنوب الصحراء، بالأقاليم الجنوبية، والتي تؤكد مواقف هذه الدول من مغربية الصحراء.
دولة أخرى من إفريقيا جنوب الصحراء، وقعت أيضا اتفاقيات تعاون مع المغرب، ويتعلق الأمر بجمهورية مالاوي، والتي أكدت من قلب الرباط، أنها سحبت اعترافها من “البوليساريو” في ماي 2017، وتدعم حلا لقضية الصحراء المغربية في إطار السيادة المغربية، وستساند المغرب في الأجهزة الإقليمية لاسيما الاتحاد الإفريقي، هذه المساندة لم تكن وحدها موقف مالاوي، بل أيضا جمهورية إفريقيا الوسطى، والتي تباحثت وزيرة خارجيتها سيلفي بايبي تامون مع بوريطة، حول عدد من القضايا الثنائية ذات الطابع المشترك، فضلا عن توقيع اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات.
وبالداخلة، افتتحت كل من جمهوريتي غينيا الاستوائية وبوركينا فاسو مراكز قنصلية لها، وهو ما يعيد التأكيد على أن مغربية الصحراء أصبحت مواقف عدد من الدول من إفريقيا جنوب الصحراء، في وقت تشهد فيه المنطقة استفزازات الانفصاليين، رغم تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة، كما أن المغرب عبر عن موقفه من هذه الاستفزازات، حيث صرح بوريطة من قلب الداخلة، بأن لا حل سياسي مع قطاع الطرق، وهي الصفة التي يمكن إطلاقها على من يقوم بأعمال تخريبية بمنطقة الكاركارات، وما تسببه من توقيف للحركة التجارية بين المغرب وموريتانيا من جهة، وبين أوروبا وإفريقيا من جهة ثانية، كما أن افتتاح القنصليات التي كانت خلال هذا الأسبوع، وستكون الأسبوع المقبل، يبقى أفضل رد وجواب على التطورات بالمنطقة والأحداث التي تخرق الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وإن كانت دول غينيا بيساو، غينيا الاستوائية وبوركينافاسو، قد افتتحت قنصليات لها في الداخلة، فإن جمهورية زامبيا، تستعد لفتح قنصلية لها بالعيون الثلاثاء المقبل، في وقت دشّنت هذه الدولة أمس السبت، سفارة لها في الرباط، وهو ما يترجم العلاقات المتميزة التي تجمع بين لوساكا والرباط، والتي تعززت منذ زيارة الملك محمد السادس إلى لوساكا والتوقيع على 19 اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات، كما أن موقف زامبيا من مغربية الصحراء يبقى تابث، وهناك دعم داخل الأجهزة الإفريقية للمغرب. وليس زامبيا وحدها من سيكون لها تمثيل دبلوماسي بالرباط، بل ينتظر أن يتم افتتاح سفارة جزر القمر خلال الأسبوع المقبل بالرباط، بعدما سبق أن افتتحت جزر القمر قنصلية لها بالعيون.
إفريقيا ليست الهم الوحيد للدبلوماسية المغربية، بل حتى التعاون مع الشمال، كان في أجندة الدبلوماسية المغربية خلال هذا الأسبوع، عبر لقاء ثنائي جمع بوريطة ونظيرته الإسبانية عن طريق الفيديو، حيث تم التباحث حول عدد من القضايا منها التعاون الثنائي، الصحراء المغربية، والأزمة في ليبيا، في وقت شارك فيه المغرب في أشغال الحوار 5+5 للضفتين الأورو متوسطية، حيث عبر المغرب على أن هذا الحوار يجب أن يكون قوة اقتراحية داخل الاتحاد الأوروبي الذي يعمل على تحيين سياسة الجوار، داعيا إلى تحول الحوار 5+5 إلى مجموعة العشرة G10، ذلك أنه لا يجب أن يعتبر نفسه أقدم إطار في هذا الإقليم، وإنما أكثر فعالية وعمل.
ومن أوروبا إلى آسيا، حيث جمعت مباحثات ثنائية بين بوريطة ونظيره الهندي حول عدد من القضايا، فضلا عن لقاء آخر عبر تقنية الفيديو مع رئيس الدبلوماسية الصنية، في وقت يجري فيه الحديث على أن المغرب سيطلق حملة تلقيح ضد فيروس كورونا المستجد، بتعاون مع الصين، حيث يعتزم المغرب تلقيح 18 مليون مواطنة ومواطن فور توفر هذا اللقاح، حيث كان هذا موضوع آخر مجلس وزاري ترأسه الملك محمد السادس، كما سبق للملك أن أجرى قبل أشهر مباحثات هاتفية مع نظيره الصيني، حول التعاون والشراكة في هذا المجال.
ويبقى الملف الليبي من أهم ملفات الدبلوماسية المغربية الحالية، رغم أن هذا الملف ليس دبلوماسيا وإنما سياسي، لأن الأزمة في ليبيا سياسية ولا تقبل إلا الحل السياسي، فالمغرب الذي قام بتأييد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عقب اجتماعات في جنيف للجنة العسكرية 5+5 برعاية أممية، لايزال يتشبث بمقاربته في الملف الليبي وهو الذي لا يقبل على نفسه لقب “الوسيط” ويرفض التدخل الخارجي والحوار من أجل ليبيا ويفضل حوار ليبي ليبي كما حدث في بوزنيقة وأدى لتفاهمات مهمة.
وخلال هذا الأسبوع، حل كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري و المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي في الرباط، حيث عقدا كل على حدى لقاءات مع ناصر بوريطة، وكذا رئيسي مجلسي المستشارين والنواب، المشري وصالح أكدا على أن هناك جهد كبير للمغرب في حل الأزمة السياسية في ليبيا، كما أن صالح قال عقب مباحثات مع بوريطة بأن المغرب لا يتحمل مسؤولية ما حدث بعد اتفاق الصخيرات، والذي يبقى حسب صالح قابلا للتطوير والتعديل، وهو نفس الموقف الذي تبناه بوريطة خلال لقاءه مع المشري، ذلك أن هذا الأخير، اعتبر أن اتفاق الصخيرات يبقى المرجع الأساسي في حل الأزمة في ليبيا.
أسبوع حافل للدبلوماسية المغربية رغم تفشي فيروس كورونا بين إفريقيا وأوروبا وأسيا والولايات المتحدة الأمركية والملف الليبي، كما أن الأسبوع المقبل ستتواصل هذه الدينامية باستقبال عدد من وزراء خارجية دول إفريقيا جنوب الصحراء، من بينهم التشاد، وتدشين قنصلية لزامبيا بالعيون، وسفارة جزر القمر بالرباط، فضلا عن زيارة مرتقبة لوزير خارجية فرنسا لودريان والذي قام بزيارة للمنطقة الأسبوع الماضي حيث حل بكل من الجزائر وتونس، في وقت ينتظر أن يخرج مجلس الأمن الدولي بقراره حول الصحراء، في متم شهر أكتوبر، والذي شهد أربع جلسات حول النزاع الإقليمي المفتعل، وتقديم الأمين العام للأمم المتحدة لتقريره حول المنطقة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية