رحاب تدعو لتغيير مدونة الأسرة وتنتقد “المقاربة الخبزية” وتصفها بالتضليلية
دعت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، إلى تغيير مدونة الأسرة بما يضمن المساواة والإنصاف.
وانتقدت النائبة البرلمانية عن فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب، خلال يوم دراسي نظمته المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات اليوم الأربعاء بمجلس النواب، حول “مراجعة شاملة لمدونة الأسرة: نحو تعزيز الحقوق والمسواة بالمجتمع”، (انتقدت) الأصوات التي تعالت في الأيام الأخيرة والتي تحاول تأجيل استحقاق تغيير مدونة الأسرة، وكذلك حتى إصلاح القانون الجنائي، بادعاء أن الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة هي التي يجب أن نوليها الأهمية، وأن كل القضايا الأخرى لا قيمة لها أمام قفة المغاربة.
وشدّدت رحاب قائلة: “هذه المقاربة” الخبزية” واسمحوا لي على هذا التعبير، هي مقاربة تضليلية، وليس هدفها الدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وأعتقد أننا لا نحتاج لمن يقدم لنا دروسا في هذا المنحى، لأننا أصلا حزب بمرجعية ديموقراطية اجتماعية، ولكن التجارب التاريخية علمتنا أن كل فصل بين قضايا العدالة الاجتماعية وقضايا التحديث والديموقراطية لا يقود إلا إلى تعميق الفوارق الطبقية وسيادة الماضوية والرجعية اللذين هما أكبر حلفاء التراتبيات الطبقية والاجتماعية وتلك القائمة على النوع الاجتماعي، بل إن هذه التيارات الرجعية قادرة على تبرير الظلم الاجتماعي انطلاقا من تأويلات متعسفة للنصوص الدينية التي جاءت في الأصل بالدعوة للكرامة والعدل والفضيلة”.
وأضافت “لذلك كانت ومازالت النساء في مقدمة ضحايا أي أزمات اجتماعية أو نزاعات مسلحة، أو انهيار اقتصادي”، مبرزة أنه من هذا المنطلق فإن دفاع منظمة النساء الاتحاديات اليوم عن تغيير مدونة الأسرة بما يضمن المساواة والإنصاف ليس نقيضا للدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنين، وليس نقيضا لأولوية بناء اقتصاد قوي، وليس نقيضا لقضايا إصلاح التعليم والصحة والشغل، بل هو في القلب من كل هذه المعارك، لأنه يوجد على خطوط التماس بين الدولة الاجتماعية القوية وبين المشروع الحداثي الديموقراطي.
وتابعت رحاب “لقد انطلقنا في منظمة النساء الاتحاديات وبدعم من حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بكافة منظماته الموازية وواجهاته التمثيلية، وفي مقدمتها الفريق الاشتراكي_ المعارضة الاتحادية، في مجموعة من الديناميات التي تمزج بين التحسيسي والترافعي والاحتجاجي من أجل أن نكون فاعلات وفاعلين في هذا الورش المجتمعي الذي انطلق بخطاب جلالة الملك التأسيسي في يوليوز 2022، والذي كان واضحا في دعوته لإصلاح مدونة الأسرة بعد تجربة قاربت العشرين سنة، عرت عن مجموعة من الثغرات التي كانت منفذا لصدور أحكام تناقض روحها الساعية لإنصاف النساء والأطفال، باعتبارهما الضحايا المباشرين لأي ظلم اجتماعي، في غياب حماية قانونية واضحة وصارمة، ولا تسمح بتأويلات تعيد إنتاج تراتبيات اجتماعية مزيفة قائمة على امتهان أدوار المرأة، والنظر إليها باعتبارها كيانا قاصرا”.
واعتبرت النائبة البرلمانية، أن إقرار مدونة الأسرة الحالية سنة 2004 بمثابة ثورة اجتماعية وقيمية وفكرية، مضيفة “لقد كان هذا موقف كل قوى الإنسية والتقدم والحداثة، واعتبرنا التصويت بالإجماع عليها في هذه المجلس من طرف جميع الحساسيات السياسية والإيديولوجية تعبيرا عن الذكاء المغربي في المنعطفات الحاسمة، إذ ينجح المغاربة إلى التسويات النبيلة، وإلى الإعلاء من المشتركات الوطنية، وإلى تفضيل عدم الإغراق في التقاطبات التي قد تهدد السلم المجتمعي، وتقودنا إلى متاهات القطائع التي تنذر بما وقع في بلدان أخرى حيث تسيدت لغة التكفير والتكفير المضاد”.
ونبهت إلى أنه غير أن ما حصل لاحقا، هو الاكتشاف أن المقاومات للإصلاح والتحديث والمساواة، غير موجودة في الدولة، بل في بنيات مجتمعية تستبطن عقليات ماضوية، وهي بنيات للأسف تجد لها مواطن في بعض المؤسسات الرسمية، بنيات لا تنطلق من روح النصوص ومقاصدها، سواء النص الدستوري أو القوانين التنظيمية أو القانون الجنائي أو مدونة الأسرة، وغيرها من المدونات القانونية، بل تنطلق من قراءات رجعية لهذه القوانين قائمة على تأويلات ذكورية، تقول رحاب.
وأضاف”هذه العقليات استثمرت جيدا في الفراغات التي تتضمنها مدونة الأسرة الحالية، وغيرها من القوانين، وهي فراغات تسمح بتأويلات متناقضة أحيانا، ولذلك صرنا في القضية الواحدة مثل إثبات النسب نتوقع الأحكام انطلاقا من قناعات القاضية أو القاضي المؤسسة على الانحياز لأفق الحداثة، أو على النقيض التي ما زالت أسيرة التقليدانية، مادام النص القانوني يسمح بالقراءتين، رغم قناعتنا أن قياس مدونة الأسرة إلى الوثيقة الدستورية كفيل بتكييف الغامض أو الملتبس منها وفق مقتضيات المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وتم إقرارها في هذا المجلس التمثيلي، وصدرت في الجريدة الرسمية، والتي لا تشكل أي تعارض مع مقاصد الإسلام السمحة، كما يزعم دعاة المحافظة والتقليد”.
وأكدت رحاب أن الملك الذي أبان عن انحياز إيجابي لحقوق النساء والأطفال منذ توليته العرش، يشكل بالنسبة لهن كنساء تقدميات دعما وسندا لهن في سعينا من أجل مغرب المساواة والإنصاف لكل فئات المجتمع وطبقاته، مردفة بالقول “لكن هذا الدعم الملكي يتطلب قيام التنظيمات الحزبية والمدنية والحقوقية والنسائية بأدوارها في تحصين المكتسبات القائمة، وفي تطوير وتغيير المدونات القانونية بما يحقق طموح المجتمع الحداثي الديموقراطي والدولة الاجتماعية القوية، إذ لا حداثة ولا ديموقراطية بإقصاء النساء، ولا دولة اجتماعية بدون إقرار سياسات للتمكين الاقتصادي للنساء”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية