تناول قضايا البيئة في برامج الأحزاب.. موضة العصر أم هّم واقعي
يرى البعض أن الاهتمام بالبيئة يدخل ضمن “الترف” و”الكماليات”، في حين هناك علاقة وطيدة بين البيئة وجودة الحياة، ويكفي ذكر ما أوردته دراسة رسمية أنجزتها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة بشراكة مع البنك الدولي نشرت في يناير 2017 بعنوان “تقرير حول تكلفة تدهور البيئة في المغرب”، أن التدهور البيئي كلف المغرب سنة 2014 ما يقارب 33 مليار درهم.
انطلاقا مما سبق، وبناءا على سلطة حدث انتخابات 2021، تدفعنا في اتجاه الوقوف على مدى حضور قضايا البيئة في خطاب الأحزاب السياسية وبرامجها الانتخابية في الحملة سواء الواقعية أو الرقمية التي انطلقت منذ مدة، تمهيدا لاختيار الناخب ممثليه في مجلس النواب ومجالس الجماعات والمقاطعات ومجالس الجهات المقرر إجراؤها يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021.
الطاهري: البيئة حاضرة في أغلب برنامج الأحزاب ولكن بمنهج “موضة العصر” و”التأثيث”
في هذا الصدد، أوضح عبد العالي الطاهري، مدير البرنامج الوطني للإعلام الإيكولوجي، أن “أغلب برامج الأحزاب السياسية المقدمة للمواطن من أجل إقناعه بالتصويت عليها تضم شقا ومحورا يرتبط بالبيئة، لكن السؤال لهذه الأحزاب، هل يُطرح موضوع البيئة وما يرتبط بها، مثل تدبير النفايات، وتثمين الطاقي والحكامة الإيكولوجية، والاقتصاد الأخضر، ومنظومة الطاقة المتجددة على اعتبارها قطاع حيوي ومفصلي شأنه شأن باقي القطاعات، كالصحة والتشغيل والتعليم، أم فقط تأثيث لمنشوراتها بالحديث عن البيئة، مثل قضايا أخرى، كالشباب والنساء والفئات التي تعاني هشاشة اقتصادية واجتماعية؟”.
وأضاف الحاصل على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في الإعلام والاتصال، “رغم أن الأمر فيه تعميم، والأصل ألا نفعل ذلك، لكن بحكم الموضوع، خلاصة القول، أن الأحزاب فقط تأثث برامجها الانتخابية بالحديث عن البيئة، لأنها أصبحت تدخل ضمن “موضة العصر”، في حين يجب على الهيئات السياسية، كما تتوفر على خبراء في القانون والاقتصاد وأطباء والصيادلة عليها أن تكون مؤمنة بضرورة التوفر من بين أعضائها على خبراء في المجال البيئي بجميع تفرعاته وتخصصاته”.
ولفت إلى أن “الشأن البيئي أصبح مجالا مفصليا تقوم عليه جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية، كنا نتحدث في السابق على أن الحقوق الأساسية في أي نظام قانوني أو دستوري يتأسس على الحق في الصحة والتعليم والشغل، وهي حقوق كونية، لكن تأكد أن هناك الحق في بيئة سليمة ومتوازنة”.
وشدّد الباحث في العمل البرلماني والصياغة التشريعية ومنظومة الاقتصاد الأخضر، على أن “الأحزاب عليها الوعي بشكل تام بأهمية المجال البيئي والشأن الإيكولوجي ومنظومة الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، ومفاهيم الحكامة الايكولوجية ومفاهيم واليات التثمين الطاقي وتدبير النفايات، ويجب أن تكون من بين المحاور الأساسية عندها، وأن تضمنها في برامجها الانتخابية والحزبية ليس كشعار بل قطاعات تلامس حياة المواطن”.
وأكد المتحدث ذاته، على أن “المغرب أصبح دولة رائدة على مستوى الطاقات المتجددة، ويُلقب بسيد الطاقة الشمسية، لأنه يتوفر على أكبر مجمع لتوليد الطاقة الشمسية، وهي نور 1 و2 و3 و4، وأيضا تفوّق المغرب في مجال الطاقة الريحية والطاقة الكهرمائية والهيدروجينية، بهذا الخصوص المغرب يُصدر بما يصطلح عليه “النفظ النظيف” أو “الهيدروجين الأخضر”، وهناك اتفاقيات مع دول عظمى من قبيل ألمانيا لتوريد هذا المنتوج الطاقي”.
وأبرز أن “عدم اهتمام الأحزاب بالشأن الإيكولوجي والمنظومة البيئية بشكل علمي وأكاديمي وتقني وجوهري وواقعي وموضوعي يجعل المواطن فور اطلاعه على الشق المتعلق بالبيئة والشأن الإيكولوجي في البرامج الانتخابية للأحزاب يعتبره مجرد صيغة ألف أن يمر عليها مرور الكرام وليس محورا ومجالا يمكن تتوفر الأحزاب فيه على خبراء بإمكانه في حال وصول هذا الحزب إلى المسؤولية، أن يكون فاعلا في إنتاج قوانين من شأنها المحافظة على المنظومة البيئية والمساهمة في تطوير هذا المجال وتكريس لما وصل إليه المغرب”.
تقرير رسمي: الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر يخفض من تكلفة التدهور البيئي
وسجل تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول “إنجاح الانتقال نحو المدن المستدامة”، أن “انعكاسات التدهور البيئي على الصعيد الوطني هي ضِعف ما يسجل على الصعيد العالمي، وقدرت تكلفة هذا التدهور في سنة 2000 ب 7.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام العالمي، والجدير بالذكر أن الانتقال نحو الإقتصاد الأخضر يقلل من الضغط على الموارد الطبيعية والأوساط البيئية، مما يخفض من تكلفة التدهور البيئي من 3.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام إلى 1.7 في المائة، وهو ما يتيح توفير 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام”.
وأشار نفس التقرير إلى أنه “من بين العوامل الرئيسية للتلوث التي لها آثار خطيرة على الصحة العمومية، لا سيما الأطفال، نذكر تلوث الهواء، حيث تقدر التكلفة الإجمالية لتلوث الهواء ب9.7 مليار درهم ( 1,05 في المائة من الناتج الداخلي الخام)، وهي كلفة تعود في جزء كبير منها لعدد الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء الخارجي (75 في المائة)، خاصة في مدن الدار البيضاء ومراكش وطنجة”.
ويرى التقرير أن “تلوث المياه والتربة يشكل أحد الإشكالات الرئيسية، إذ يبلغ ما يتم يوميا طرحه أكثر من 7 ملايين متر مكعب من النفايات المنزلية السائلة، علما أن معدل معالجة المياه العادمة بالوسط الحضري لا يتجاوز 38 في المائة، ويبلغ حجم المياه العادمة المتأتية من الأنشطة الصناعية والتي تلقى في الوسط الطبيعي حوالي 964 مليون متر مكعب سنويا، منها 80 مليون متر مکعب يتم تصريفها في المجال المائي العمومي”.
ونبّه المصدر ذاته، إلى أن “المغرب ينتج 1.5 مليون طن من النفايات الصناعية سنويا، منها 256.000 طن تعتبر نفايات خطرة، وغالبا ما يتم التخلص من النفايات الصناعية في مطارح عشوائية أو في نقاط سوداء وفي مجاري المياه دون الخضوع لأي معالجة أو مراقبة، مع ما يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة على الصحة العامة والبيئة وعلى مستقبل الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية في بلادنا، وفي ما يتعلق بالنفايات المنزلية، ينتج المغرب 5.4 مليون طن سنويا، منها 26 في المائة في مدينة الدار البيضاء، وتتم معالجة 37 في المائة فقط من النفايات المنزلية في مطارح تخضع للمراقبة، كما أن أقل من 10 في المائة منها يتم إعادة تدويرها في ظل ظروف مزرية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية