تفاصيل خمس ساعات من محاكمة الصحافيين الأربعة والمستشار البرلماني حيسان

بعد تأجيل جلسات متابعة الصحافيين الأربعة والبرلماني عبد الحق حيسان ست مرات ﻷسباب متعددة، وصلت يوم أمس، محطتها قبل الأخيرة، بعد قرار  محكمة الاستئناف بالرباط اعتبار أن الملف جاهز، بحضور كل من النقيبين عبد الرحمان بنعمرو، وعبد الرحيم الجامعي، والمحامي خالد السفياني الذي أصر على الحضور رغم مرضه.

لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية

بصوت هادئ، أبرز المحامي عبد الرحمان بنعمرو، أن الملف شابهُ خرق شكلي بعد خرق الفقرة الثالثة من الفصل 24 من الدستور،  التي تنص على “لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها؛ ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون”.

وبعد قراءة الفقرة  الواردة في الفصل 24 من الدستور أوضح، بنعمرو أن “الشرطة القضائية التي باشرت التحقيق راسلت شركة الإتصالات من أجل تقديم بيانات حول مكالمات الصحافيين والمستشار البرلماني عبد الحق حيسان بدون سلوك المسطرة القانونية”، مؤكدا أن “المشرع يحمي بيانات الإتصالات كيفما كان نوعها، مؤكدا أن جواب شركة الإتصالات غير قانوني”.

هذه النقطة أول ما بدأ بها أيضا، المحامي خالد السفياني الذي انطلق في كلمته بالاستشهاد بالمثل الشعبي “سبق الميم ترتاح”، حين وصفه التعليلات الواردة في الحكم الابتدائي، مشددا أن “الدستور يحمي الإتصالات الشخصية، ولا نريد لقضائنا أن يخرق مبادئ الدستور، والنص واضح، لم يقل “فحوى” المكالمات بل منع الوصول لفلان اتصل بفلان، وكم دامت مدة المكالمة”.

وشدد النقيب عبد الرحيم الجامعي، على أنه “تم أخذ معطيات حول مكالمات الصحافيين والمستشار البرلماني  في قضية لا علاقة لها بالمادة 108 من المسطرة الجنائية، وإذا كان يسمح لها القانون بذلك، أين هو قرار؟، فبعد 2011 لا يمكن التساهل في قضايا الحقوق، وما جرى مس صريح بحرية الصحفي في وصوله للمعلومة”.

“جريمة تسريب” القرصين المدمجين

وأبرز السفياني في مرافعته، أن “رئيس مجلس المستشارين لا يعرف القانون رغم أنه مسؤول في مؤسسة تشريعية”، معلقا بالقول: “الغالب الله لا يعرف أين توجه الشكاية”، موضحا أن “الملف لا توجد فيه شكاية من رئيس المجلس إلى النيابة العامة، فقط وجدنا مراسلة إلى وزير العدل، هل أصبح وزير العدل في مقام النيابة العامة، النص واضح، الشكاية توجه إلى النيابة العامة، والمحكمة الإبتدائية خرقت القانون”.

واسترسل السفياني، مؤكدا بأن “هيئة الدفاع تفاجئت في المرحلة الإبتدائية بوجود قرصين مدمجين في الملف فيهما شريط فيديو لجلسة استماع لعبد الإله بنكيران من طرف لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد، وتم تسليمهم من طرف رئيس اللجنة عزيز بنعزوز إلى الشرطة القضائية، في الوقت الذي نفى فيه رئيس مجلس المستشارين تقديمه أي قرص، وتسريب الشريط جريمة و(لي خرق القانون خص نعيطو عليه)، ولا يجب الاعتماد على وسيلة إثبات تم الحصول عليها عن طريق جريمة”.

الإستماع 

بعد نهاية الدفوع الشكلية، قررت النيابة العامة، تأجيل ردها على الدفوع الشكلية إلى حين مناقشة الجوهر، مما جعل السفياني ينتفض، مشيرا  إلى أن “النيابة العامة لابد أن تتحدث بالدليل وليس تقديم رفض  بشكل مجرد، القضية فيها خرق للدستور، وموقف النيابة العامة مخالف للقانون”، حينها قرر القاضي “الاستمرار في الجلسة”.

لم يوجه قاضي الجلسة إلى كل من عبد الحق حيسان، وكوثر زكي، وعبد الحق بلشكر إلا بضع أسئلة، مبتدئا بالمستشار البرلماني الذي أكد أن أشغال اللجنة سرية، وأيضا يعرف حدود مسؤولياته، ولقد عقدت اللجنة 22 جلسة استماع لم يخرج منها أي شيء إلا الجلسة  التي تم الإستماع فيها لعبد الإله بنكيران، وأن دوره كبرلماني التواصل مع من يتصل به، ورفضت تقديم أي معطيات عن اللجنة للصحافيين اتصلوا بي”.

وشددت الصحفية كوثر زكي في جوابها للقاضي، أن فحوى المكالمة مع المستشار البرلماني عبد الحق حيسان لم تتطرق مطلقا لأشغال اللجنة، مبرزة أنها قامت بعملها الصحافي وفق القواعد المهنية، فيما أكد الصحفي عبد الحق بلشكر أن علاقته مع  حيسان مهنية، رافضا الكشف عن مصدره بخصوص مقاله حول جلسة الإستماع إلى عبد الإله بنكيران حول صندوق التقاعد، في هاته اللحظة تقدم ممثل عن مكتب عبد اللطيف وهبي وكالة خاصة للنيابة عن محمد أحداد، والتي أعلن القاضي قبولها.

بنكيران

وصلت النيابة العامة صمتها إذ لم تدلي بأي سؤال للمتابعين في القضية مما اعتبره أحد الحاضرين في الجلسة عند نهايتها إشارة إيجابية لحلحلة الملف، كان أول متدخل النقيب بينعمرو عند مناقشة المضمون، مبرزا أن “الملف ليست فيه أي ركن من أركان الجريمة، ولا توجد أي وسيلة إثبات، والصحافة قامت بدورها المنوط بها، وتوجيه التهمة لحيسان ليس بسبب اللجنة إنما لطرده لجماعة من الصهاينة من مجلس المستشارين”.

وانتقد النقيب عبد الرحيم الجامعي في مرافعته “عدم امتداد البحث إلى كل من شارك في لجنة تقصي الحقائق، هل تم الإستماع إلى عبد الإله بنكيران؟، أو لمدراء النشر؟ أو لجميع أعضاء اللجنة؟، ولمن كان حاضرا من الأشخاص خارج أعضاء اللجنة منهم مستشار لرئيس الحكومة  السابق، وأطر من وزارة الداخلية”.

وتابع قائلا: ” بأنه يمكن أن يكون الإستبداد مغلفا بالقانون، ولا يمكن أن تقعوا في الأخطاء التي حذر منها مونتيسكيو، وختم كلامه بـدعوه لـ”استدعاء جميع أعضاء اللجنة، بمن فيهم الموظفين سواء الذين كانوا مع بنكيران أو وزارة الداخلية ومدراء النشر”.

النويضي عبد العزيز، طالب في بداية كلمته بتمكينه من الإطلاع على ما كتب بالمحضر، معلنا عدم تشكيكه في نزاهة كاتب الضبط إنما لمزيد من الدقة، فعلق القاضى أن المقرر له خبرة طويلة، والمذكرة التي ستتقدمون بها فيها جميع التفاصيل.

بعد هذا النقاش الخفيف، أوضح النويضي أن “جميع القرائن التي تم الإعتماد عليها في الحكم الإبتدائي ضعيفة، ودور الصحافي تنوير الرأي العام ولا يليق ببلادنا أن تسجل عليه متابعته للصحافيين والمعارضين بحجج واهية”.

ورغم تعب السفياني، قال إن “هذه القضية ذكرتني بما وقع لأحمد ويحمان، ونوبير الأموي لأن القاسم المشترك بينهما مواقفهم القوية، وحيسان يعاقب بسبب طرده للإرهابي عامر بريز من البرلمان، ولم يتبعوه بهذا الأمر لأنه ليس لهم سند قانوني، وخوفا من الفضيحة”.

وشدد أن “المقصود في البداية متابعة عبد الإله بنكيران بسبب الأجواء، التي كانت في تلك الفترة بتهمة التسريب رغم أنه اتهام باطل، لكن تم تغيير الإتجاه نحو حيسان بعد طرده لعامر بيريز، مستعملين أسلوب (خصنا نربيو بوه)، وحيسان لا يطلب صدقة من أحد، وسيبقى مناهضا للتطبيع بكل الوسائل المشروعة، ولا وجود لأي حجة”.

الكلمة الآخيرة

بعد استراحة لمدة عشرين دقيقة، ومرافعة ممثل مكتب عبد اللطيف وهبي الذي بدا مرتبكا، منح القاضي الكلمة الآخيرة للمتابعين في الملف، في الوقت الذي فضلت الصحافية كوثر زكي في موقع “سيت أنفو” عدم إضافة أي كلمة، أوضح حيسان بأنه استمعنا في اللجنة لأكثر من 20 مسؤول ولم تخرج أي معلومة، ولم نضع تلك المعلومات في التقرير، وملف فيه أشياء أخرى بسبب نشاطي النقابي ومهمتي كمستشار برلماني، أشار عبد الحق بلشكر الصحفي بيومية “أخبار اليوم” أن الصحافة مؤطرة بقانون خاص بنا، إلا أننا نتابع بقانون للجنة خاصة.

في نهاية الجلسة حددت هيئة الحكم  بمحكمة الاستئناف بالرباط، جلسة النطق بالحكم يوم 23 من الشهر الجاري على الساعة الثانية عشرة والنصف في ملف الزملاء الأربعة، والمستشار البرلماني عبد الحق حيسان، المتابعين من طرف عبد حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين لتنتهي أطوار محاكمة أتعبت القريب والبعيد.

يذكر أن المحكمة الابتدائية بالرباط، حكمت سابقا على الزملاء، محمد أحداد عن يومية “المساء” وكوثر زكي عن موقع “سيت أنفو”، وعبد الحق بلشكر عن يومية “أخبار اليوم”، وعبد الإله سخير عن موقع “الجريدة 24” والمستشار البرلماني عبد الحق حيسان بستة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 10 آلاف درهم.

ويتابع الزملاء الأربعة بعد نشرهم موادا صحافية حول استماع لجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين، لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق حول الصندوق الوطني للتقاعد


بوزوق يكشف لزملائه سبب رحيله عن الرجاء

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى