بين حذف اللائحة الوطنية للشباب والاحتفاظ بها .. الكرة بملعب التنظيمات الشبيبية
إذا تابعنا آخر التصريحات لعبد اللطيف وهبي أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة في ندوة مؤسسة الفقيه التطواني يوم أمس، فإن اللائحة الوطنية للشباب قد تصبح في خبر كان، خاصة بعد تأكيده على أن توجها سياسيا يسير في اتجاه حذف اللائحة الوطنية للشباب، وتعويضها باللوائح الجهوية للشباب، والتي تضمن حسب وهبي دائما تمثيلية واقعية للشباب في البرلمان، بدلا من الصيغة المعمول بها منذ الولايتيتن التشريعيتين الأخيرتين عن التجربة الحالية، التي لا تضمن تمثيل سوى المقربين قادة الأجزاب السياسية!
وقد رمى عبد اللطيف وهبي بالكرة في البركة الآسنة، حينما ذكر بطريقته بكون تجربة اللائحة الوطنية للشباب جاءت في سياق معين ومحددة في الزمن وليست تجربة دائمة، وهي نفس المبادئ التي أعلن عنها القضاء الدستوري لإقراره بالعمل باللائحة الوطنية للشباب من كون التدابير الاستثنائية محدودة في الزمن، خاصة وكونها « مبادئ لا تسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية فئات معينة، وتمكينها من التمرس بالحياة البرلمانية قصد إنماء قدراتها على الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام ».
وإذا كانت منظمات الشبيبات الحزبية ترافع في المقابل، سواء اتجاه أحزابها أو لدى الرأي العام، بضرورة الاحتفاظ بالتجربة لكونها أصبتت «أن عضوية الشباب في مجلس النواب وإضافتهم النوعية للعمل البرلماني قد أسهمت بإيجابية في الجهود الساعية لتغيير الصورة النمطية التي رسمت لعقود حول البرلمان والعمل البرلماني، من خلال كفاءتهم وجديتهم وانخراطهم التام في تأدية مهامهم البرلمانية» … إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لقيادات التنظيمات الشبيبية، فإن اجتهاد القضاء الدستوري يتعارض مع مرافعات الأمناء العامين للشبيبات الحزبية، وهو يؤكد أن تدابير التشجيع والتحفيز لا سيما تلك المتعلقة بفئة عمرية، بما تنظوي عليه من معاملة خاصة «ينبغي في مجال ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، أن تكون تدابير استثنائية محدودة في الزمن يتوقف العمل بها بمجرد تحقق الأهداف التي بررت اللجوء إليها، وهو أمر يعود تقديره للمشرع الذي يسوغ له أيضا اعتماد تدابير قانونية أخرى، غير أسلوب الدائرة الانتخابية الوطنية، لمواصلة السعي إلى بلوغ تلك الأهداف».
وإذا كان القضاء الدستوري واضح من كون استمرار تجربة اللائحة الوطنية للشباب، يجب أن يعلل باستمرار الأسباب التي دفعت لاعتماد التجربة، فإن الكرة في ملعب التنطيمات الشبيبة للدفاع عن التجربة واستبيان خلاصاتها الإيجابية، وليس من منطق اعتبارها مكتسبا غير مسنود دستوريا، وهنا فليتنافس المتنافسون في الإقناع والاقتناع، خاصة أن خلاصات التجربة موزعة بين من يعتبرها متواضعة، وآحرين يصفونها بالنموذجية.
ولاحظوا كيف ترافع قيادات التنظيمات الشبيبة على ضرورة استمرار التجربة، حينما تضع نفسها إلى جانب الانتقادات الموجهة للتجربة، ومنها الملاحظات التي أبداها عبد اللطيف وهبي في نفس المناسبة، وتذهب بعيدا لإحراج وزارة الداخلية والقيادات الحزبية بالمطالبة بالدعوة لإصلاح النظام الانتخابي وحوكمة عملية الترشيح واعتماد منهجية ديمقراطية في اختيار المرشحين وتقديم الكفاءات التي تستحق تمثيل الشباب واقتراح المزيد من الضوابط والمحددات الداعمة لتجربة تعتبرها نفس القيادات الشبيبية بكونها رتجربة رائدة.
الفرق بين موقف عبد اللطيف وقد يتقاطع معه قادة أحزاب أخرى وتنظيمات مدنية مختلفة وحتى فاعلين في المجال المدني، وبين مرافعات رؤساء التنظيمات الشبيبية، هي نفسه تلك الخطوط المتوازية التي لا يمكن أن تلتقي إلا في المخيال، وهكذا سيكون الفيصل بينهما ليس فقط اجتهاد القضاء الدستوري وإنما المدافعون عن استمرار التجربة الذين عليهم أن يثبتوا رمزية التجربة وقوتها واقعيا في مجال التشريع وفي تمثيل أحسن للشباب في مجلس النواب.
باختصار الكرة في ملعب التنظيمات الشبيبية وليس في أي فضاء آخر، وأما اعتبار حذف اللائحة الوطنية للشباب «رسالة سلبية لإغلاق قوس آخر فتحته موجة الحراك الشعبي وطنيا وإقليميا»، وهي إشارة لحراك عشرين فبراير، فإنه لم يكن مختصرا حسب الكثير من الفاعلين فيه وإبانه فقط في تمثيل الشباب في البرلمان، بقدر ما كان يصبو حسب عدد من رموزه، إلى إحقاق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أبهى صورها.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية