بوعياش تُحذر من تناسل خطاب الكراهية في المنصات الاجتماعية بسبب “likes”
قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، “لقد أصبح الولوج إلى الإنترنيت حقا من حقوق الإنسان والولوج إلى المنصات الرقمية واستعمالها، وأقصد هنا بالخصوص المنصات الاجتماعية، أداة من أدوات التمتع بهذه الحقوق، بل أضحت خدمة عمومية، وبات يطرح الاستعمال الرقمي من هذا المنطق في جوهر النقاشات الحقوقية الدولية والدفع باعتبار “الخدمة” التي توفرها المنصات في مرتبة “خدمة عمومية”، حيث تقاس نسبة الولوج للفضاء الرقمي، كإحدى مؤشرات ضمان للحريات”.
وأضافت بوعياش، في ندوة دولية حول موضوع “حقوق الإنسان والتحدي الرقمي”، بمقر الإيسيسكو بالرباط، صباح اليوم الثلاثاء، “لعلكم، الحضور الكريم، على وعي بالإشكاليات التي يمكن أن تتولد عن الحجب النهائي من استعمال هذه المنصات، أو ما يعرف ب Deplatforming، أحيانا لأسباب موضوعية، وأحيانا لأسباب قد تكون محل نقاش أو سجال”.
وأوضحت، بأنه “من خلال متابعتنا للفضاء الرقمي، نتأكد في كل مناسبة من صحة استنتاجنا بتبلور نموذج ناشئ للحريات العامة الذي يحدد أشكال جديدة للتعابير العمومية، تستهل بالتداول الافتراضي لتتطور لفعل عمومي يساءل السياسات العمومية أو يدعو لحماية حق من الحقوق”.
وتابعت: “هذا النموذج الناشئ للحريات العامة يعتمد بالأساس على الفضاء الرقمي باعتباره أرضية للتداول والتوافق والتعبئة، بشكل أضحت معه هذه الشبكات حاضنة فعلية لحرية الرأي والتعبير والتجمع والتظاهر ومطالبة السلطات العمومية بخصوص توفير الخدمات العمومية، ومن الصعب إخضاعها لمقتضيات قانونية سواء للحد من انتشارها أو تقييدها، كما أن نطاق هذه التعابير يتسع باستمرار ولم يعد محصورا على النخب، بل تعدى ذلك ليشمل العديد من المكونات المجتمعية، فضلا عن تزايد تأثير ما بات يعرف بـ “الإعلام الجديد”.
وشددت على أن “مسألة تكييف حرية التعبير مع الثورة التكنولوجية الرقمية وتأطيرها على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت، تطرح أسئلة متعددة، خصوصا وأن الإنترنت يخلق تحديات متشابكة من قبيل تعميم الاخبار الزائفة وتفاقم وثيرة آثارها المتشعبة والمعقدة اجتماعيّا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا، وهو ما يزيد من صعوبة إقرار نوع من التوازن في تدبير مختلف أشكال التعبير العمومي بما يضمن التمتع بالحقوق وممارسة الحريات العامة المكفولة بمقتضى الدستور والاتفاقيات الدولية، ويقي، في ذات الوقت من كل تجاوز ، قد يهدد المكتسبات أو يمس بالحقوق أو الحريات”.
وأبرزت، أن ” للفضاء الرقمي فاعلين جدد؛ الفاعل الرقمي، الذي يمكن، لوحده، أن يلعب دورا رياديا من حيث النهوض بقيم حقوق الانسان أو أن ينتهكها بشكل كبير؛ فاعل يؤثر بالمجال العام والخاص دون أن تعرفه بشكل مباشر في أغلب الأحيان، كما نسجل التحدي المرتبط بالتضليل، ولعل خير مثال حديث على خطورة هذا التحدي، الوباء الإعلامي (infodemic) في سياق جائحة فيروس كورونا، الذي شكل في كثير من الدول تهديدا حقيقيا على حقوق الإنسان بل وصل الأمر إلى المس بجوهر أول حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في الحياة من خلال تسجيل وفيات، ليس بسبب وباء كوفيد 19، بل بسبب وباء الفيروس التضليلي الذي رافقه”.
وأوردت، “ينضاف إلى التضليل، الحملات manipulation التي تستهدف التأثير على سلوكات الأفراد في اختياراتهم وتغييرها، بدون وعي، وهو ما يثير الحاجة في مجتماعاتنا إلى ضرورة تطوير الفكر النقدي لدى الشباب والأجيال الناشئة وتعميم التربية الإعلامية واكتساب قدرات تفكيك الخطابات في أشكالها الجديدة”.
وأشارت بأن “تناسل خطاب التحريض على الكراهية الذي بقدر ما يحصل على علامات الإعجاب “likes”، قد يتطور إلى مرتبة التحريض على العنف وأحيانا العنف الشديد، خاصة في ظل الضعف المسجل على مستوى آليات الرصد الآلي لمثل هذه الخطابات وحدود وتحديات الذكاء الاصطناعي، من جهة، والنواقص في الأعمال بشكل دقيق لمبادئ المشروعية والضرورة والتناسبية كمقاربة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية ومواجهة حجب مثل هذه الخطابات التي تمس في الجوهر حقوق الأقليات وحقوق النساء والفتيات وحقوق بعض الفئات الهشة في المجتمعات”.
ونبهت إلى أن “الفضاء الرقمي فرص كبيرة يمكن استغلالها بشكل فعال وعقلاني للمساهمة بشكل كبير في تحقيق التنمية والنهوض بالمساواة و بالاقتصاد وتوفير الفرص للشباب وتعزيز حقوق الإنسان والنهوض بها، كما لهذا التحدي وجه آخر قاتم، خاصة على مستوى المس بحقوق الغير وحقوق المجتمع وتفشي خطاب التمييز والدعوة للكراهية والعنف”.
ولفتت إلى أنه “أمامنا ثلاث تحديات رئيسية، تتجلى في : (1) توسيع الفضاء الرقمي لولوج الجميع للانترنت هي عملية تتجاوز المجال السيادي, (2) تحدي صعوبة تقييده وخضوعه لنفس للمقتضيات القانونية الحالية، (3) تحدي حماية الرأي العام والجمهور من التضليل ومواجهة سرعة انتشار الأخبار الزائفة وعدم استغلال الفضاء لمآرب أخرى تمس قيم حقوق الإنسان”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية