بوريطة ينتقد المفارقات بين الشمال والجنوب

شارك ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي ومغاربة العالم، اليوم الجمعة بالرباط،  في الدورة الخامسة للمنتدى الإقليمي للاتحاد من أجل المتوسط والذي ينعقد في إطار الاحتفال بالذكرى 25 لمسار برشلونة.

وقال بوريطة، إنه لم يتحقق كل شيء رغم مرور 25 سنة من انطلاق مسار برشلونة، متحدثا حول عدد من المفارقات من بينها الاقتصادية، مشيرا الى أن الاندماج الاقتصادي ليس في الموعد بالنظر إلى أن 90% من المبادلات لا تتعدى الحدود الأوروبية، مقابل 9% فقط من المبادلات التجارية والاقتصادية بين الشمال والجنوب، علما أن السوق في المنطقة تضم 800 مليون مستهلك.

وأبرز ناصر بوريطة، إلى أن هذا العجز التجاري بين الجنوب والاتحاد الأوروبي والذي يصل إلى 70 مليار يورو، لم تتمكن اتفاقيات التبادل الحر من تقليصه، مما يعني أن هذا الهاجس يبقى أساسيا من أجل تنمية مشتركة بين الشمال والجنوب.

ودعا المسؤول المغربي إلى ضرورة خلق آلية تمويل لتطوير البنيات التحتية وتنمية الفضاء، عبر نموذج “تجارة” من أجل نموذج “إنتاج”

أما بخصوص المفارقة السياسية، قال الوزير إن مسلسل برشلونة قام بمأسسة الحوار السياسي الثنائي المستوى في إطار الاتحادات، والإقليمي في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، معربا عن أسفه لكون بلدان المنطقة “لم تُنجز الكثير بهذا الأداة الرائعة”.

وأضاف “لقد بالغنا في تسييسها في البداية! وذلك مباشرة قبل” نزع الطابع السياسي عنها”، حتى لو كان ذلك يعني اختزال (يوروميد) إلى أبسط تعبيراته التقنية”، مشيرا في هذا السياق، إلى أنها المنظمة الوحيدة في العالم التي تحمل “المتوسط” في اسمها (الاتحاد من أجل المتوسط)، وهي بالضبط لا تتناول المواضيع الرئيسية للبحر الأبيض المتوسط.

وأعرب بوريطة عن أسفه لأن هذه المواضيع يتم تناولها في كل مكان ما عدا داخلها، مسجلا أن الشرق الأوسط وفلسطين وليبيا وسوريا وشرق المتوسط والمغرب العربي غائبة بشكل ملحوظ عن الأجندة الأورومتوسطية، في حين تجتمع الأطراف الرئيسية على المائدة المستديرة.

وتابع متسائلا، “فهل يجب أن نتفاجأ عندما تتم مناقشة مسألة تدبير جائحة كوفيد في جميع الهيئات التي يمكن تخيلها، باستثناء الاتحاد من أجل المتوسط؟ وهذا، بينما كان البحر الأبيض المتوسط بؤرة للوباء في منطقتنا من العالم”.

وأوضح الوزير “لا يمكننا خلق فضاء سياسي ثم تفكيكه. وكأننا نغير جانب الرصيف حتى لا يتقاطع واقعنا”، داعيا في هذا الصدد، إلى التوقف عن إعطاء “السياسة” أثرا مضرا بسلامة (يوروميد).

وسجل أن “الحماية المفرطة لمسلسل برشلونة تسبب فقط في منعه من تطوير أجسامه المضادة. وبينما كنا نعتقد أننا بصدد تحصينه، عملنا على إضعافه”، مستنكرا أيضا إبعاده عن الواجهة، “ليس في أعين العالم وفي أعين مواطنينا فحسب، وإنما في أعين حكوماتنا أيضا”.

وفي حديثه عن الشق الإنساني، دعا بوريطة إلى إعادة ابتكار “الشراكة الاجتماعية والثقافية والإنسانية”، مشددا على أنه من بين جميع ركائز برشلونة، هي الأكثر قدرة على كسب قلوب المواطنين.

كما دعا الوزير إلى تجاوز منطق الاحتواء، وإحياء هدف التقارب والتفاهم بين الشعوب، كما هو منصوص عليه في إعلان برشلونة.

وأكد على أن “إعادة ابتكار الشراكة الاجتماعية والثقافية والإنسانية تعني بناء أجندة إيجابية للهجرة، وتحسين العائد الديموغرافي في الجنوب، مما يشكل فرصة حقيقية للجميع، والترويج لقصص النجاح، مثل جامعة (يوروميد) بفاس: 2100 طالب، 46 في المائة منهم حاصلون على منحة، ينتمون لـ32 جنسية”.

وفي ما يتعلق بالحكامة، أكد  بوريطة أن مسلسل برشلونة، الذي تم تصميمه للجنوب ويقوده الشمال بشكل متزايد، شدد على الحاجة إلى تقليص هذا التفاوت لصالح مزيد من التمكين.

وأضاف أن مسؤولية الجنوب تكمن أيضا في المشاركة بشكل أكثر فاعلية، بما في ذلك في تمويل الاتحاد من أجل المتوسط، مسجلا أن برشلونة لا يمكن أن يظل مسلسل تقع مسؤوليته الحصرية على المفوضية الأوروبية.

وفي هذا الصدد، أشار بوريطة إلى أن المغرب يتحمل نصيبه من المسؤولية والمساهمة المترتبة عنها، ويشارك بوسائله في سير عمل الأمانة العامة، سواء على المستوى المالي أو من حيث الموارد البشرية، مضيفا أن الانخراط في أنشطة الاتحاد من أجل المتوسط يعتمد أيضا على الانخراط في تمويله وصنع القرار.

وتابع قائلا “كلما استثمرنا أكثر، كلما تخلينا أقل عن هياكل الاتحاد من أجل المتوسط على المستوى السياسي”، متسائلا في هذا الصدد “من يتذكر آخر اجتماع وزاري بمشاركة 43 وزيرا؟”

وبعد أن ذكر بأن الملك محمد السادس، أكد في رسالته الموجهة إلى مؤتمر الأطراف الثاني لدول المتوسط حول التغيرات المناخية، أن “مصير منطقتنا لا محالة هو المصير الذي سنختاره لها دون سواه”، قال السيد بوريطة “إن فضاءنا يحتاج منا اليوم منحه مصيرا آخر. لدينا أداة رائعة. لكن يتعين علينا العودة إلى الأساسيات! لنفعل ذلك بطموح وبرؤية متجددة”.

وأشار إلى أن “هناك تجارب ثنائية ناجحة. أفكر بارتياح في العلاقة بين المغرب وإسبانيا. إنها مصدر إلهام جيد لما يمكن أن تكون عليه علاقاتنا الإقليمية”، مضيفا أنه في حقبة ما بعد كوفيد، “إما سيكون أمننا وازدهارنا الجماعي -سياسيا واقتصاديا وصحيا وبيئيا وإنسانيا- أورو-متوسطيا، أو لن يكون!”.


تساقطات ثلجية ورياح عاصفية تضرب هذه المدن المغربية

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى