الكنبوري: اتهام بنكيران للتوفيق عار من الصحة والأخير لم يقل إن المغرب علماني
دخل إدريس الكنبوري، الباحث في الشأن الديني والحركات الإسلامية، على خط الاتهامات التي سبق أن وجهها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بشأن علمانية الدولة.
وكتب الكنبوري مقالا نشره على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، جاء فيه “قرأت رسالة الرد التي وجهها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق إلى أمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران حول العلمانية في المغرب، بعد أن كان هذا الأخير قد اتهم التوفيق بأنه قال إن الدولة في المغرب علمانية”.
ونظرا لأهمية رسالة وزير الأوقاف، أوضح الكنبوري أن اتهام عبد الإله بنكيران عار عن الصحة، فالتوفيق لم يقل في لقائه مع المسؤول الفرنسي خلال زيارة ماكرون للمغرب بأن الدولة المغربية علمانية، بل قال إن المغاربة علمانيون، وهناك فرق بين الاثنين.
وأضاف الباحث في الشأن الديني “كنت أول من أشار إلى هذه الملاحظة في منشور سابق بعد أن طفت تصريحات التوفيق على السطح في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم اتهامه بنفس الاتهام الذي وجهه إليه بنكيران، وجاء في ذلك المنشور بالحرف:”التوفيق قال إن المغاربة علمانيون ولم يقل إن المغرب علماني، هو يعرف أن كلامه سوف يرتد عليه لذلك اختار كلماته بدقة. ومعنى أن المغاربة علمانيون أنهم يزاوجون بين الدين والدنيا دون قيود(…..) لكن المغرب ليس علمانيا لأن الدولة إسلامية تجمع بين الدين والدولة ولا تفصل كفرنسا”.
وقال “واضح أن السيد الوزير قرأ ذلك المنشور وبنى عليه رده عندما قال في رسالته مخاطبا بنكيران:”ونسبت إليّ ما فاتك فيه التبيّن وجانبك اليقين. ذكرت ما فهم منه الناس أنني قلت إن الدولة في المغرب علمانية، وأنا لم أذكر الدولة؛ لأن الدولة دولة إمارة المؤمنين”. وهذا نفس كلامنا في المنشور المشار إليه”.
وتابع الكنبوري “لا يخفى أن تصريحات السيد الوزير حملت على أكثر من وجه، وتم استغلالها من مختلف الأطراف، والسبب أنه في تصريحاته داخل البرلمان لم يوضح كلامه بدقة، نظرا لحساسبة الحديث عن العلمانية في المغرب”.
وأشار الكنبوري إلى أن وزير الأوقاف اختار الرد على بنكيران كأمين عام لحزب إسلامي، ولكنه لم يرد على التوظيف السيء لتصريحاته من طرف الكثيرين من العلمانيين المغاربة الذين رأوا في تصريحاته اصطفافا معهم، فهل يرجع السبب إلى أن هؤلاء لا تأثير لهم ولا يعترف السيد الوزير بوجودهم، مقارنة مع بنكيران؟، يتساءل الكنبوري.
ونبه المتحدث ذاته إلى أن الوزير في رسالته، رغم محاولاته تفنيد اتهام بنكيران، عزز ذلك الاتهام عندما قال في الرسالة (وإعتذر عن طول الاستشهاد):”وإنك منتخب على أساس تكافؤ أصوات الناخبين بغض النظر عن معتقداتهم وسيرهم، وهذا الأمر مقتبس من نظام غربي علماني. وإنك عندما كنت رئيساً للحكومة قد اشتغلت على نصوص قوانين تخدم المصلحة العقلانية وتُعرض على تصويت البرلمان، وهذا أمر مقتبس من نظام غربي علماني، لأنك لو أردت أن تستشير شيوخ طائفة لأضعت كثيراً من الوقت بسبب خلافاتهم، وقد قمت بتمرير عدد من القوانين بمرجعية وفاق أو قرارات دولية، وهذا الشأن مقتبس من نظام غربي علماني. وقد كان عليك كرئيس للحكومة أن تقتنع بالحريات الفردية كما ينص عليها الدستور وتحميها قواعد النظام العام، وهذا أمر مقتبس من سياق غربي هو سياق العلمانية، وكان من مراجعاتك أيها الرئيس كل ما يتعلق بالمواطنة، وهو مرجع مقتبس من سياق تاريخي علماني، وإن كنا نجد له بعض التفاصيل في تراثنا الديني”.
وقال الكنبوري “ينطبق على هذا الكلام المثل العربي”رمتني بدائها وانسلت”، إذ وقع الوزير فيما وقع فيه بنكيران، فقد رد كل شيء في الدولة المغربية إلى العلمانية، وهنا نسأل السي الوزير: أين فتوى المصالح المرسلة التي أصدرها المجلس العلمي الأعلى عام 2005 بطلب من أمير المؤمنين؟ أليس هذا الكلام ارتدادا عن تلك الفتوى الشهيرة؟ أم أنها كانت مجرد فتوى شكلية كتبت لتوضع على الرفوف؟”.
وختم الكنبوري كلامه بالقول “إن هذا كله يؤكد ما قلناه قبل أسبوع، وهو أن مؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب لم تتحول إلى نظرية، ويجب الاشتغال عليها علميا، بدليل هذه المواقف غير الواضحة حول المؤسسة، المواقف التي لا ترتبط بنسق فكري وسياسي واضح يمكن لأي مسؤول في الدولة ولأي مواطن أن يستوعبها بعيدا عن التأويلات. وما قاله السيد الوزير يناقض فتوى المصالح المرسلة تناقضا تاما، وهذا أمر يبين كيف تتشغل السياسة في المغرب دون ثقافة. ولسنا هنا في معرض الدفاع عن شخص معين في هذه المواجهة بين السيد بنكيران والسيد التوفيق، وإنما هي ملاحظات أملاها علينا الواجب الوطني والنزاهة الفكرية”.
أكد ابن كيران في الرسالة على أن وزير الأوقاف “ليس المقصود بتصريحه، وإنما الذين أرادوا استغلاله لأغراض سيئة في أنفسهم”، مضيفا” لذا أعلن أنني متمسك بتصريحي ومعتز به، وإن كنت قد شعرتَ بأيِّ إساءةٍ فأنا أعتذر لك علانية ومباشرة وكلمتك لم تغير موقفي منك قيد أنملة ولا أشك أن صدرك سيتسع لاستيعاب ما قلته لك، وأما الحوار بين ما هو إسلامي في دولتنا وما يمكن أن ننعته بأنه من خلفية علمانية فموضعه وقت آخر وظرف آخر نرجو أن يجود الزمان به”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية