العفو على معتقلي الريف يثير جدلا وخبير يستبعد إمكانية إصداره
خلًف مقترح قانون العفو العام للعفو عن الزفزافي ورفاقه، والذي تقدم به نائبان برلمانيان عن فيدرالية اليسار، الكثير من الجدل، بين المختصين والحقوقيين وكافة متتبعي الشأن الوطني.
وتضاربت الآراء بين الباحثين في الشأن القانوني بالمغرب بين من يزكي مقترح عمر بلافريج وزميله في تجمع فيدرالية اليسار مصطفى الشناوي، اللذان وضعا مقترح قانون يقضي بالعفو العام على معتقلي الريف على طاولة مجلس النواب؛ وبين من يرى استحالة إصداره.
وارتباطا بالموضوع، يرى رشيد لزرق الخبير في القانون الدستوري، أنه من الصعوبة بمكان منح عفو عام لنشطاء الريف، لكونه ” يزيل الصفة الجنائية كليا عن الافعال المرتكب ويمحو أثاره سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها، وقبل صدور الحكم أو بعد صدوره فهو بذلك يوقف إجراءات الدعوى والمحاكمة ويمحو الإدانة العقوبة”.
وأوضح أن العفو العام يستفيد منه مرتكبي جرائم معينة دون تسميتهم أو تعدادهم أو تحديدهم بصفة شخصية كما يستفيد منه الشركاء والمتدخلون والمحرضون، مشيرا إلى أنه يشمل العقوبات الأصلية والفرعية والإضافية.
وأوضح أنه من المستبعد إزالة صفة ”الجرم على الأفعال التي تهدد سلامة الدولة ومحاولة القتل العمل وعرقلة سير ناقلة بغرض تعطيل المرور، وإيقاد النار عمدا…”، وهي التهم الجنائية التي بموجبها صدرت الأحكام الثقيلة في حق نشطاء الريف، من قبل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
وشدد لزرق، متحدثا لـ ”سيت أنفو”، أنه عندما يصدر من البرلمان العفو العام على هؤلاء النشطاء، فهو ”يمحي الجريمة بأثر رجعي، و تزول معه العقوبة على الأشخاص المحكوم عليهم، ويعتبرون كأنهم لم يرتكبوا أية جريمة”، وذلك على خلاف العفو الخاص الذي يصدره الملك، والذي يحصر آثاره في ”إسقاط العقوبة، أو التخفيف منها، أو استبدالها بعقوبة أخرى أخف”، كما أن العفو الخاص، وفق ذات الخبير ”لا يمحو الصفة الجنائية عن الفعل المرتكب ولا يؤثر على ما ينتجه الفعل من أثار وإنما يؤدي إلى انقضاء حق الدولة في تنفيذ العقوبة أو جزء منها”. ويصدر العفو الخاص بموجب إرادة ملكية سامية باعتباره رئيس الدولة كمنحة يمنحها إلى أفراد معينين بصفتهم الشخصية لغايات إصلاحية ونبيلة وتزول بموجبه العقوبة عن المحكوم عليهم كلها أو بعضها أو يتم تخفيفها أو استبدالها بعقوبة اخف.
وعلى نقيض ذلك، يرى عبد الرحيم العلام، الباحث في الشأن السياسي، أنه لا وجود لـ ”دليل قانوني يمنع قانون العفو العام على أحداث جارية، لأن فكرة العفو العام منصبة على حلحلة الأزمات سواء كانت قديمة أو جارية، والغاية منه هو الخروج من المأزق الذي تضعنا فيه الأحكام القضائية، وحتى لا يتم الإضرار باستقلاية السلطة القضائية”.
وأوضح العلام، في تدوينة لها على صفحته الخاصة بـ ”فيسبوك”، أن قانون العفو العام لا يهدف إلى ”المحو الأبدي للصفة الجرمية عن الأفعال التي صدرت بخصوصها الإدانة، بل فقط تصبح تلك الأفعال غير مجرّمة خلال المرحلة التي يحددها قانون العفو وفي المنطقة المتعينة، أما خارج ذلك سواء قبله أو بعده أو خلاله بالنسبة للمناطق غير المحددة في القانون فالأفعال تبقى مجرّمة (وإلا فإن محاولات القتل وتفجير المنشآت والعنف الطائفي واغتيال الرؤساء لم تصبح مباحة رغم صدور العفو عن المدانين بخصوصها في أكثر من بلد”.
وعاد العلام ليؤكد أن قانون العفو لا يمكنه أن يتضمن أسماء الذين يستفيدون منه، لكن يمكن أن يكون على مقاسهم من خلال تحديد المدة التي ارتكبت فيها الأفعال المدانين بخصوصها، والمنقطة المرتكبة فيها”، موضحا أن قانون العفو العام يمكن أن يتضمن ”استثناءات عليه يقع تحديدها بشكل دقيق، حتى لا يستفيد منه من لم يصدر في حقهم”.
واستحضر الباحث تجارب العفو العام في كثير من الدول، ومنها ما هو ”قريب من واقعنا”، كما هول حال العراق ولبنان (حالة سمير جعجح تم تدقيقها بشكل كبير إلى حد انصباب قانون العفو على أحكام قضائية معينة بأرقامها وتاريخ صدورها..”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية