الصحراء المغربية.. من شرعية التاريخ إلى ريادة المستقبل

أميمة الزموري

تعد قضية الصحراء المغربية في ظل الرؤية الملكية السامية للملك محمد السادس نقطة ارتكاز لإعادة صياغة المفاهيم والأولويات الاستراتيجية، إذ تجاوزت كونها مجرد نزاع إقليمي أو ملف دبلوماسي، لتصبح مشروع دولة متكامل وقاطرة للتنمية وميزان العلاقات الدولية للمملكة.

وترتكز الرؤية الملكية السامية على مزيج متوازن بين الشرعية التاريخية ومشروعية الإنجاز، فمنذ توليه العرش أعلن جلالته التزاما لا رجعة فيه بالدفاع عن الوحدة الترابية، محولا هذا الالتزام إلى فعل ميداني.

وفي خطاب الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء بتاريخ 6 نونبر 2017، أكد جلالته هذا العهد أمام الشعب، مجددا التأكيد لاحقا على أن القضية هي “جوهر الوحدة الوطنية” في خطاب 6 نونبر 2021.وهذا التحول تحت القيادة الملكية نقل القضية ببراعة من منطق الدفاع إلى منطق البناء والتثبيت.

عبقرية الرؤية من حماية الأرض إلى ريادة التنمية
تجلت عبقرية المقاربة الملكية في الانتقال من منطق الدفاع عن الأرض إلى منطق الريادة في التنمية، فلم تعد الأقاليم الجنوبية مناطق حدودية بل تحولت إلى قاطرة للتنمية الإقليمية والقارية، تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك التي عبر عنها بوضوح في خطاب الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء بتاريخ 7 نونبر 2020، حيث أكد أن التزام المغرب بترسيخ مغربية الصحراء دوليا يوازيه عمل متواصل لجعلها قاطرة للتنمية.

بحيت شهدت هذه الأقاليم نهضة تنموية كبرى شملت البنيات التحتية والموانئ ومشاريع الطاقات المتجددة، مما رسخ مغربية الصحراء بـالواقع الاقتصادي والعدالة المجالية، وشكل شرعية جديدة للسيادة المغربية قائمة على الفعل الملموس.

الحزم والوضوح معيار الوطنية وبوصلة العلاقات
تميزت الرؤية الملكية في التعاطي مع القضية بـوضوح الموقف وصرامة المبدأ، حيث أغلق جلالته الباب أمام أي محاولات للغموض أو الازدواجية، مؤكدا في خطاب الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء بتاريخ 6 نونبر 2009 أنه “لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا”هذا الخطاب الحازم رسم حدود الموقف الوطني.

وكما عبر جلالته عن صرامة الإرادة الوطنية حين أعلن في خطاب العيون بتاريخ 6 مارس 2002 أن “المغرب لن يتنازل عن شبر واحد من تراب صحرائه غير القابل للتصرف أو التقسيم”. وعلى المستوى الدولي أصبحت قضية الصحراء بمثابة “النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم” و لمعيار الواضح والبسيط الذي أكد عليه جلالته في خطاب 20 غشت 2022.

امافي خطاب الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء سنة 2024 دعا جلالته الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها وتوضيح الفرق بين العالم الحقيقي الذي يمثله المغرب في صحرائه وبين عالم متجمد بعيد عن الواقع.

وفي الختام تجسد الرؤية الملكية السامية تحول القضية من مسيرة التحرير إلى مسيرة الريادة بحيت نجح المغرب بقيادة جلالته، في إعادة تعريف منطق التعامل مع قضية الصحراء، ليجعل منها قضية معيارية.

فالمملكة لم تعد تدافع عن شرعية ماضيها فحسب، بل تبني شرعية مستقبلها من خلال نموذج متفرد يمزج بين الثبات في المبادئ والفعالية في الأداء، وقد اختزل جلالته هذه الفلسفة الجامعة في خطاب 6 نونبر 2004 بالعبارة الشهيرة”إن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها”و بفضل هذه الرؤية، انتقلت القضية من شرعية الدفاع إلى شرعية التأثير، ومن منطق السيادة الوطنية إلى منطق الريادة الإقليمية، مؤسسة لقيادة قائمة على الاستقرار والتنمية.


قرار تاريخي.. مجلس الأمن يعتمد الحكم الذاتي حلا نهائيا لملف الصحراء المغربية

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى