الدورة البرلمانية الربيعية .. أجندة تشريعية حافلة وقضايا اجتماعية واقتصادية ذات راهنية
يفتتح البرلمان المغربي غدا الجمعة، الدورة البرلمانية الثانية من السنة التشريعية الحالية، والتي تتميز بأجندة تشريعية مهمة وقضايا اقتصادية واجتماعية ذات راهنية يعو ل فيها الرأي العام على النخب السياسية التي اختارها لتمثيله في المؤسسة التشريعية للترافع عنها.
وإذا كانت الدورة التشريعية الأولى قد عرفت أداء تشريعيا ورقابيا وسياسيا ودبلوماسيا مهما، توج بالموقف الموحد للنخبة البرلمانية وأدائها الرفيع إزاء قرار البرلمان الأوروبي المناوئ للمغرب، فإن الرهان معقود على الدورة الربيعية للارتقاء بمستوى النقاش السياسي والتعاطي بما يلزم من الجدية مع القضايا التي تشغل بال الرأي العام وفي مقدمتها غلاء أسعار المواد الأساسية.
وفي هذا السياق، يتطلع المتتبعون للشأن البرلماني إلى استكمال عرض النصوص القانونية الجاهزة على مسطرة التشريع، وتجويدها بما ينعكس بشكل ملموس على حياة المواطنين، لاسيما مشاريع القوانين المهيكلة لقطاع الصحة، تنزيلا للقانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، إلى جانب عدد من الأوراش المرتبطة بمجالات التعليم والتشغيل والعدل والحريات.
وأكدت النائبة البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة، حورية ديدي، أن الدورة البرلمانية الثانية هي “استكمال للنصوص المتعلقة بورش الحماية الاجتماعية، خصوصا المتعلقة بالمنظومة الصحية الجديدة”، مشيرة إلى أنه “لا يمكن أن نتحدث عن تغطية صحية شاملة في غياب قوانين متقدمة”.
وأوضحت ديدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن توسيع العرض الصحي، وإحداث المجموعات الصحية الترابية واستحضار العنصر البشري والجانب الجهوي في هذا الإصلاح، إلى جانب تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية ككل، يقتضي تحيين التشريعات “وهو ما انكبت عليه لجنة القطاعات الاجتماعية”.
وبخصوص الظرفية الاقتصادية الراهنة، أبرزت ديدي، أن النخب البرلمانية، وفي إطار رقابتها على المؤسسة التنفيذية، تنتظر من الحكومة تقديم إجابات عن أسئلتها المتعلقة بارتفاع الأسعار، موضحة “نريد أن نفهم هل اضطرابات الأسعار دائمة أم مرحلية لكي نقدم بدورنا أجوبة واضحة للمواطنين”.
واعتبرت البرلمانية، أن “الحكومة، في إطار توقعاتها في قانون المالية، أكدت أنها ستنهض بالقطاعات الحيوية”، ولذلك “يجب بذل مجهود أكبر لتجاوز تشخيص الوضعية الصعبة بسبب تداعيات الجائحة والنزاع الروسي- الأوكراني والتضخم الدولي ومشكل الجفاف إلى البحث عن حلول واقعية”.
وسجلت ديدي أن الدورة البرلمانية الربيعية ستعالج ملفات “يفرضها سياق صعب وانتظارات كبيرة”، مشددة على أنه يجب السعي إلى تحقيق توافق بين الأغلبية والمعارضة حيال هذه الملفات والعمل بجدية من أجل إيجاد الحلول المناسبة، ونوهت في السياق ذاته بعمل الحكومة التي “لم تتوقف عن الاشتغال للبحث عن حلول”.
على مستوى آخر، اعتبرت البرلمانية، وهي عضوة في لجنة العدل والتشريع، أن أبرز الرهانات المطروحة على المؤسسة التشريعية والتي يجب أن تنكب عليها اللجنة البرلمانية، تتعلق بالتفاعل مع مشروع القانون الجنائي ومشروع المسطرة الجنائية ومشروع قانون المحاماة “التي نريد أن نعم ق النقاش بشأنها ونصادق عليها”.
وفي هذا السياق، شددت البرلمانية على ضرورة تحيين التشريعات الوطنية وملاءمتها مع مقتضيات الدستور.
من جهته، أكد رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، (معارضة) أن الرهانات المطروحة اليوم تهم ثلاثة محاور أساسية، كما ورد في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحالية، وهي الأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الطاقي، لافتا أيضا إلى رهان آخر لايقل أهمية ويتعلق بمواجهة ارتفاع الأسعار.
وأوضح حموني أن المعارضة البرلمانية قدمت اقتراحات للحكومة، وتأمل أن تلقى تجاوبا من طرف الحكومة، مشيرا في هذا السياق إلى أن حزب التقدم والاشتراكية تقدم بمقترح قانون يتعلق بإحداث “الوكالة الوطنية لتوزيع المنتجات الغذائية”.
ويروم مقترح القانون الذي يتضمن 23 مادة، وضع آلية مبتكرة ومندمجة لتسويق المنتجات الفلاحية، وتأطيرها تشريعيا للحد من غلائها، في أفق اعتماد سياسة عمومية جديدة تنصب على تأهيل وتنمية أسواق الجملة، ومعالجة ما يتصل بها من المظاهر التي تعد اليوم من العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
ودعا رئيس الفريق البرلماني في هذا الإطار إلى “تجاوز المزايدات والصراعات لإيجاد حلول عملية لدعم القدرة الشرائية”.
وبخصوص الأجندة التشريعية للدورة الربيعية، أفاد حموني، على الخصوص، بأن لجنة القطاعات الاجتماعية صادقت على خمسة مشاريع قوانين مهمة تتعلق بالورش الملكي المرتبط بالتغطية الصحية، حيث تمت المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالوظيفة الصحية، وبإحداث كل من الهيئة العليا للصحة، والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، و الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، و المجموعات الصحية الترابية.
وأبرز أن هذه النصوص “هي بمثابة عمل تأسيسي لتغطية صحية شاملة وخدمات صحية في المستوى”، مضيفا أنه لا يمكن ملاحظة أثر هذه القوانين إلا بعد عشرين سنة، أي بعد تعاقب أربع حكومات، وم نب ها إلى “رهان” تدبير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإجراءات الانخراط والاشتراك في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
وذك ر البرلماني بأن حزبه تولى سابقا تدبير قطاع الصحة ويعي جيدا الإكراهات المطروحة، منبها إلى المعطى المتعلق بالعامل الزمني والإمكانيات البشرية والمالية والتي تعتبر حاسمة في بلوغ منظومة صحية وطنية متكاملة، إضافة إلى مساهمة القطاع الخاص باعتباره شريكا.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية