الداكي يكشف معطيات هامة بشأن الملتمسات الرامية لرفض تزويج القاصر
طالب الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة بتعزيز موقع النيابة العامة تشريعيا في قضايا الأسرة انسجاما مع كونها طرفا أصليا فيها، فعلى سبيل المثال لا الحصر يجب إعطاؤها الحق في الطعن بالاستئناف في عدد من القضايا ذات الصلة الوثيقة بمصالح الأسرة، كالطعن في قرارات إنهاء الزوجية في حالات خاصة كما لو تبين استعمال التزوير في تبليغ أحد الأطراف أو الطعن في المقررات القاضية بتزويج القاصر.
وأبرز الحسن الداكي في كلمة له خلال الندوة المنظمة من طرف وزارة العدل حول موضوع: “المساواة والعدل في الأسرة المغربية”، جهود رئاسة الينابة العامة في حماية الأسرة وتطبيق مقتضيات المدونة، حيث قال إن رئاسة النيابة العامة عملت منذ تأسيسها على إيلاء حماية الأسرة أهمية قصوى، وجعلتها في مقدمة الأوراش التي يتعين الحرص على تتبعها من خلال تدخل النيابة العامة بمحاكم المملكة، وقد تجلى هذا الحرص منذ صدور أول منشور لرئيس النيابة العامة، الذي اعتبر حماية الأسرة، والفئات الخاصة من أولويات السياسة الجنائية، وخاصة حماية الأطفال والنساء.
وأوضح الداكي أن رئاسة النيابة العامة قد واكبت مواضيع الأسرة بحرص شديد سعت من خلاله إلى تفعيل أدوار النيابة العامة في قضايا الأسرة عموما وتعزيز حضورها وحرصها على مصالح أفرادها جميعا وتعزيز مكانتهم القانونية من مقاربة مواكبة ومؤازرة الطرف المستحق للحماية، كما في قضايا النفقة والحضانة أو الطلاق أو التعدد أو الزواج المختلط ومن مقاربة الحرص على تحقيق مبدأي المساواة والعدل.
وفي نفس السياق، يشير الداكي إلى أن موضوع الزواج المبكر شكل إحدى اهتماماتها ذات الأولوية حيث جعلته في مقدمة انشغالها لتعزيز حماية الطفل والأسرة اقتناعا بأن زواج من لا أهلية له تترتب عنه أسرة يخشى على تماسكها كما يخشى من أثر ذلك على المجتمع برمته، وعبرت رئاسة النيابة العامة عن ذلك من خلال سعيها لتطوير دور قضاة النيابة العامة والرفع من قدراتهم المعرفية في هذا المجال، كما سعت إلى طرح الموضوع واسعا للنقاش مع باقي المتدخلين فيه في عدد من اللقاءات الدراسية التي نظمتها، وأصدرت ثلاث دوريات في الموضوع ضمنتها توجيهاتها للنيابات العامة، والتي تهدف بالأساس إلى تفاعلها بإيجابية مع جميع قضايا الأسرة، وإلى استحضار المصالح الفضلى للأطفال وحقوقهم في المقام الأول.
وهو ما يرى الداكي أنه انعكس فعليا بشكل إيجابي ومتزايد على عمل النيابـات العامـة بمختلف محاكـم المملكة، فقد بلغت الملتمسات الرامية لرفض تزويج القاصر برسم سنة 2021 ما نسبته 69,94 في المائة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع. في حين شكلت هذه النسبة 36 في المائة سنة 2018، و58,4 في المائة سنة 2019 و65 في المائة سنة 2020، وقد انعكس هذا المنحى الإيجابي كذلك على مستوى الإحصاء العام لأذونات زواج القاصر، والذي عرف انخفاضا مضطردا برسم السنوات 2018 و2019 و2020 و2021 مقارنة بسنة 2017. بل إن الأرقام والمؤشرات تبشر بإيجابية أكثر سنة 2022.
ومن نفس المنطلق، يوضح الداكي أن رئاسة النيابة العامة عززت تدخلها لحماية المرأة والطفل من خلال مواكبة حثيثة لدور خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم، فسعت فيما يتعلق بحماية الأطفال في تماس مع القانون إلى الحرص على حسن استقبالهم والاستماع إليهم وتوفير أنجع السبل للتكفل بهم أثناء معالجة قضاياهم أمام المحاكم، وجعل عودتهم للوسط الأسري معيارا أساسيا لذلك ما أمكن، وذلك أيا كانت الوضعية القانونية التي ساقتهم أمامها سواء كانوا ضحايا أو في وضعية صعبة أو مخالفين للقانون أو كانوا أطفالا مهملين، وكذا تتبع أوضاعهم ونجاعة التدابير المتخذة لفائدتهم لاسيما من خلال الحرص على زيارة مختلف مراكز الإيواء والإيداع التي يوجدون بها.
كما تشمل هذه المواكبة بنفس العناية قضايا العنف ضد المرأة، علما أن هذا العنف انتهاك جسيم لحق المرأة في الكرامة الإنسانية لكنه أيضا من الأسباب المهددة لتماسك الأسرة، كما يضرب في العمق مبدأ المساواة الذي يجب أن تقوم عليه الروابط الأسرية، ليس فقط عندما يكون العنف عن طريق الضرب أو غيره وإنما كذلك عندما يشكل طردا من بيت الزوجية أو ما شابهه مما يكون إهانة لكيان الأسرة والمرأة على حد السواء، يضيف الداكي.
لذا عملت رئاسة النيابة العامة حسب رئيسها على إعداد وتنسيق بروتوكول ترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف بشراكة مع باقي القطاعات المعنية بهذا التكفل في سعي لتوفير أفضل الظروف لحماية النساء ضحايا العنف على المستوى الترابي، وهو البروتوكول الذي تم إعداده تنفيذا لالتزامات إعلان مراكش 2020 الذي تم توقيعه تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم.
واستكمالا للجهود الحثيثة التي تبذلها رئاسة النيابة العامة على مستوى التأطير، والتكوين، وتعزيز القدرات المعرفية، وتتويجا لرؤيتها الاستراتيجية والشاملة لحماية الأسرة عموما، وحماية المرأة والطفل على وجه الخصوص، أشار الداكي إلى أنها عملت على إعداد دراسة تشخيصية حول زواج القاصر، تم تقديم نتائجها في نونبر 2021، وكانت أرضية لإعداد خطة عمل مشتركة مع كافة المتدخلين لمناهضة الزواج المبكر، كما أعدت دليلا عمليا لتعزيز حماية الأطفال المهملين ودليلا مماثلا للحرص على حقوق النساء والأطفال وحمايتها في مجال العمل المنزلي، في سعي لتوحيد الرؤى وسبل المعالجة بما ينسجم وضرورة الحفاظ على حقوق هذه الفئات.