الاستقلال يجدد التأكيد على مغربية الصحراء والحكم الذاتي كخيار استراتيجي

نظمت لجنة الوحدة الترابية لحزب الاستقلال بشراكة مع مؤسسة علال الفاسي، مساء أمس الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 برحاب مؤسسة علال الفاسي بالرباط، ندوة فكرية هامة حول موضوع “الحكم الذاتي آلية لتقرير المصير”، وذلك بمناسبة تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، وذلك بتسيير من حسن عبد الخالق، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، ومشاركة كل من الأساتذة تاج الدين الحسيني، الموساوي العجلاوي، ولحسن حداد، إلى جانب الحضور الوازن لأعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، وعبد الواحد الفاسي رئيس لجنة الأخلاقيات وعدد من أعضاء اللجنة، إلى جانب حضور عدد هام من أطر ومناضلات ومناضلي الحزب والمهتمين بمستجدات القضية الوطنية.
وأفاد حزب الاستقلال، في منشور له عبر صفحته الرسمية بـ “فايسبوك، أن هذه الندوة تأتي في خضم التطورات التي تعرفها القضية الوطنية، والتي من شأنها أن تعرف تطورا ملحوظا على الصعيد الدبلوماسي مع القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن بعد يومين، فهذه فرصة للتأكيد على أن الحل الوحيد بالنسبة لهذا النزاع المفتعل هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي سيضمن السلم في المنطقة، ويفتح آفاقا مهمة لبناء الاتحاد المغاربي، الذي سيكون له وقع إيجابي على ساكنة كل هذه البلدان المغاربية من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي مداخلته، استعرض تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، مشروع الحكم الذاتي للصحراء المغربية باعتباره نموذجا متطورا يتماشى مع قواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة الخاصة بالحكم الذاتي، مؤكدا أن هذا المشروع لم يُوضع بمعزل عن المجتمع الدولي، بل جاء ثمرة تشاور مع دول صديقة وشقيقة، موضحا أن الحكم الذاتي يندرج ضمن مشروع أوسع للجهوية المتقدمة، مشيرا إلى أن أقاليم الصحراء المغربية مندمجة تاريخيا وحاضرا ومستقبلا في الحياة المغربية، وأن مشاركة سكانها في الاستحقاقات الانتخابية والدستورية تفوق مشاركة أقاليم أخرى من مختلف ربوع المملكة، وهو ما يعد تعبيرا حقيقيا عن ممارستهم لحق تقرير المصير.
وفيما يتعلق بالاستراتيجية المغربية حول قضية الصحراء، أكد المتحدث ذاته أن المغرب نجح في استقطاب الدول الكبرى داخل مجلس الأمن، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، إلى جانب نحو 120 دولة تعتبر الحكم الذاتي الوسيلة المثلى لحل هذا النزاع المفتعل، مستعرضا في السياق ذاته، عدة تحديات حاسمة قد تواجه تطبيق الحكم الذاتي، مما يتطلب استراتيجية وطنية محكمة لاستباق هذه الإشكالات، داعيا جميع مكونات المجتمع المغربي من أحزاب ومجتمع مدني وأكاديميين إلى التفكير الجماعي في هذا المستقبل الحاسم لبناء المغرب الكبير.
من جانبه، أبرز الأستاذ لحسن حداد، أن مبادرة الحكم الذاتي تعد مختبرا سياسيا وقانونيا يعكس تطور القانون الدولي من منطق الانفصال من أجل التحرر إلى منطق الاستقلال الداخلي من أجل الاستقرار، موضحا أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007 تمثل لحظة فكرية ودبلوماسية استثنائية، فهي ليست مجرد مبادرة ظرفية بل إسهام في إعادة تعريف معنى السيادة وتقرير المصير في القرن 21 من خلال نموذج يقوم على المشاركة لا المفاصلة، وعلى الوحدة في التنوع لا التجزئة.
وقدّم المتحدث ذاته ثمانية مداخل مفاهيمية لفهم المقترح المغربي، بدءا بالإطار التاريخي والقانوني حيث أشار إلى أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 حسم المسألة بتأكيده أن الصحراء لم تكن أرضا خلاء وأن هناك روابط قانونية وسياسية تاريخية بين القبائل الصحراوية والسلطان المغربي، كما بيّن أن المبادرة المغربية تقوم على تصور متقدم للحكم الذاتي بحيث أن صيغته لا تقلص السيادة بل تعيد إنتاجها بشكل حداثي، مستشهدا بنماذج دولية ناجحة أثبتت أن الحكم الذاتي ليس نقيضا للسيادة بل وسيلة لتجديدها.
وشدد الأستاذ لحسن حداد، على أن تقرير المصير لم يعد مرادفا للانفصال في القانون الدولي المعاصر، مستندا إلى قرار الأمم المتحدة 1514 لعام 1960 الذي يعتبر أي محاولة لضرب الوحدة الترابية للدول متناقضة مع ميثاق الأمم المتحدة، وإلى إعلان لومي للاتحاد الإفريقي عام 2000 الذي أكد احترام الحدود الموروثة عن الاستقلال، لافتا إلى أن الاعتراف المتزايد من دول وازنة كالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا يعكس تحولا نوعيا في الإدراك الدولي، مؤكدا أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق.
ومن جهته، أشاد العجلاوي، بالدور التاريخي والريادي لحزب الاستقلال في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، حيث كانت بعثات الحزب تسافر إلى نيويورك للدفاع عن القضية أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وما زال أحفاد هؤلاء الرواد يواصلون المسيرة، مستحضرا في السياق ذاته الدور البطولي للزعيم الراحل علال الفاسي وحزب الاستقلال في إدانة أحداث العيون عام 1970، مؤكدا أن الحكومة المغربية وعلال الفاسي والحزب كانوا الوحيدين الذين أدانوا هذا الحدث الذي تتخذه البوليساريو مرجعية لبناء هويتها الانفصالية.
وأوضح العجلاوي أن التطور الحاصل في الموقف الدولي يمثل انتصارا للمغرب، حيث أصبحت مبادرة الحكم الذاتي محور النقاش الدولي، مؤكدا أن الدول الكبرى تعتبر أن المقترح المغربي يدخل في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وعلى هذا الأساس لم يوصف المغرب أبدا في أي وثيقة دولية بأنه “محتل” للصحراء، مؤكدا على أن قضية الصحراء المغربية هي حق يعلو ولا يُعلى عليه، وأن المغرب قطع أشواطا كبيرة في الانتصار لقضيته الوطنية مهما كانت صيغة القرار المقبل لمجلس الأمن، طالما أن النقاش الدولي بأكمله أصبح يتمحور حول مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب.
واختتم حسن عبد الخالق، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، أشغال هذه الندوة بالتأكيد على أن المغرب، وهو يخلّد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، ما يزال وفيًّا لروح هذا الحدث التاريخي الخالد، ماضياً في ترسيخ وحدته الترابية في إطار رؤية واضحة، وإرادة مؤسساتية صلبة، والتفاف وطني جامع حول القضية الأولى والمركزية للمغاربة.
وأوضح أن المملكة توجد اليوم في موقع مريح ومطمئن على الصعيد الدولي، بفضل الزخم المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، والتي باتت تحظى بدعم متزايد من عدد من الدول العظمى والهيئات الإقليمية، باعتبارها حلاً جدياً وذا مصداقية، ينسجم مع مقتضيات الشرعية الدولية ومقومات الاستقرار الإقليمي، مشددا على أن هذا المسار المتقدم يضع النزاع المفتعل أمام نقطة الحسم، في أفق طي هذا الملف بشكل نهائي في أقرب الآجال، بما يعزز استكمال الوحدة الترابية للمملكة، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التنمية المندمجة، والاستقرار والأمن المشترك في المنطقة المغاربية والإفريقية.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب


انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية


