افتتاح مشروع محركات الطائرات “سافران”.. المغرب في قلب تحول صناعي عالمي

ترأس الملك محمد السادس، اليوم الإثنين بالنواصر، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، حفل تقديم وإطلاق أشغال إنجاز المركب الصناعي لمحركات الطائرات، التابع لمجموعة “سافران”، المشروع المهيكل الذي يعزز مكانة المغرب كقطب استراتيجي عالمي لصناعة الطيران.
إن المشروع الحالي يؤكد أن المغرب في قلب التحول الصناعي العالمي.
– إن ما يعيشه المغرب اليوم ليس مجرد تدشين مشروع صناعي جديد، بل هو لحظة تاريخية تكرس تحول المغرب إلى قوة إنتاجية وتكنولوجية متنامية، بفضل الرؤية السديدة للملك محمد السادس.
فمنذ اعتلائه العرش، أطلق ملك البلاد ديناميات هيكلية شملت التكوين المهني، والطاقات المتجددة، والإصلاح المؤسسي، مما جعل المغرب نموذجا فريدا للتنمية المتكاملة والمستدامة، واليوم، يجسد اختيار مجموعة “سافران” العالمية إنشاء مجمعها الصناعي لمحركات الطائرات بالمغرب تتويجا لهذه الرؤية، ودليلا إضافيا على مصداقية النموذج المغربي، الذي أثبت جدارته وقدرته على المنافسة الدولية في الصناعات العالية التقنية.
الرؤية الملكية – البوصلة التي أعادت تشكيل المشهد الصناعي
وضع الملك، منذ البداية التصنيع وتنمية الكفاءات والاندماج العالمي في صميم المشروع الوطني، حيث بفضل توجهه الثاقب، تحول المغرب إلى مركز صناعي متكامل، حيث يلتقي الطموح الاقتصادي بالإبداع البشري، وحيث تتفاعل الرؤية السياسية مع متطلبات السوق العالمية.
ولا تكتفي الرؤية الملكية بتحفيز الاستثمار، بل تخلق منظومة قائمة على القيمة المضافة، ونقل التكنولوجيا، وتنمية المهارات المحلية، كما أنها رؤية لا تبنى على الظرفية، بل على تخطيط بعيد المدى يرسخ حضور المغرب في سلاسل القيمة العالمية.
القوة المتنامية للمنظومة الصناعية المغربية
تتأكد اليوم قوة النسيج الصناعي المغربي الذي تجاوز مرحلة التجميع إلى مرحلة الإنتاج الكامل المندمج. فالمغرب لم يعد مجرد موقع استقبال للاستثمارات، بل أصبح فاعلا شريكا في الصناعة العالمية. والمؤشر الأبرز على ذلك هو انضمام المملكة، بعد منافسة دولية شرسة، إلى مجموعة محدودة من الدول القادرة على تصنيع وتجميع محركات الطائرات التجارية – إلى جانب الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، والصين، وبولندا.
هذا الإنجاز ليس صدفة، بل ثمرة تراكم هيكلي قوامه الاستقرار السياسي، والكفاءات البشرية، والبيئة الاقتصادية الجاذبة، والبنية التحتية الحديثة.
مشروع “سافران” – خطوة جديدة في مسار التميز المغربي
يجسد إنشاء المجمع الصناعي الجديد لمحركات الطائرات “سافران” في الدار البيضاء مستوى الثقة الذي تحظى به المملكة لدى كبريات الشركات العالمية.
اختارت المجموعة المغرب لما يتمتع به من كفاءات مؤهلة، وبنية تحتية متقدمة، واستقرار اقتصادي ومالي، لكن قبل كل شيء للثقة التي زرعها جلالة الملك في بيئة الاستثمار، وجعل منها منصة تنافسية عالمية.
وسيتيح هذا المشروع إنتاج وتجميع واختبار محركات LEAP — أحدث جيل من المحركات التي تشغل طائرات إيرباص A320neo وبوينغ 737MAX
وسيمكن المغرب من المساهمة بنسبة 30% من الإنتاج العالمي لهذا النوع من المحركات، باستثمار يتجاوز 2.1 مليار درهم.
وسيوفر أكثر من 600 فرصة عمل مباشرة، إضافة إلى الآلاف في المنظومة الصناعية المحيطة.
ثلاث ركائز لنجاح المنظومة الصناعية المغربية
يعتمد المشروع على رأس مال بشري مدرب بمعايير عالمية فالمغرب استثمر بقوة في التكوين المهني والجامعي، بما يتماشى مع حاجيات القطاعات المتطورة. وساهمت مبادرات مثل معهد التدريب على مهن الطيران (IMA) وجامعة “سافران” في تأهيل جيل جديد من المهندسين والتقنيين المغاربة القادرين على المنافسة عالميا.
منظومة طاقية نظيفة ومستدامة
بفضل السياسة الملكية الرائدة في الطاقات المتجددة، أصبح المغرب بلدا رائدا في الطاقة الخضراء.
وقد التزمت مجموعة “سافران” بأن تغطي معظم مواقعها الصناعية في المغرب بالكهرباء الخالية من الكربون بحلول عام 2026، في انسجام تام مع التوجه البيئي للمملكة.
بيئة مؤسساتية واستثمارية متطورة
يسهم الإطار القانوني والمناخي للمغرب قائم على التوازن بين حرية المبادرة، وحماية الاستثمارات، والصرامة الماكرو-اقتصادية، في تعزيز ثقة المستثمرين ويجعل من المملكة فضاء آمنا وجاذبا للمشاريع الكبرى.
الإنسان في قلب التحول الصناعي
هذا التحول الصناعي الكبير لا يقاس فقط بحجم الاستثمارات أو بقدرات الإنتاج، بل بما يحمله من رؤية متفائلة تؤمن بقدرة الإنسان المغربي على الإبداع والتجديد.
ويقف الشباب المغربي اليوم في مقدمة هذه الدينامية الجديدة، منخرطا في القطاعات المتطورة، ومشاركا فعليا في هندسة المستقبل الصناعي للمملكة.
هؤلاء الشباب، الذين تكونوا في مؤسسات ومعاهد المملكة، يجسدون ثمرة رؤية ملكية تؤمن بأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الكفاءات والعقول.
إنهم ليسوا مجرد يد عاملة، بل عقول فاعلة، تبتكر وتطور وتدافع عن مكانة المغرب في سلاسل القيمة العالمية.
بعد استراتيجي وشراكة نموذجية
المشروع الجديد لا يجسد فقط شراكة اقتصادية بين المغرب وفرنسا، بل يمثل تحالفا استراتيجيا طويل الأمد، يقوم على منطق رابح-رابح.
إنها شراكة تتجاوز الصناعة نحو نقل المعرفة، وتبادل الخبرة، وتعزيز السيادة الصناعية الإقليمية.
وسيشكل هذا المجمع الصناعي نموذجا يحتذى به في التعاون التكنولوجي المستدام بين الشمال والجنوب.
المغرب، بلد الثقة والطموح
إن تدشين هذا المجمع الصناعي ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل النجاح الذي تقوده المملكة برعاية جلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
فالمغرب اليوم لا يراهن على الحاضر فحسب، بل يكتب مستقبلا صناعيا متجددا، يزاوج بين الذكاء البشري والطموح الوطني والانفتاح العالمي.
وهو يبرهن مرة أخرى على أن الريادة ليست مسألة موارد، بل رؤية – رؤية ملك جعل من بلده أرضا للفرص، ومركزا للتكنولوجيا، ونموذجا للاستقرار والتنمية المستدامة.
مشروع مصنع تجميع واختبار محركات الطائرات التابع لمجموعة سافران في المغرب
سيجعل إنشاء مصنع تجميع واختبار محركات الطائرات المغرب ثاني أكبر منتج لمحركات LEAP (محركات نفاثة عالية الكفاءة) في العالم، وسيمكنه من الانضمام إلى النادي الحصري للدول المصنعة لمحركات الطائرات التجارية.
سيبلغ إنتاج هذا المشروع، باستثمار قدره 2.1 مليار درهم (200 مليون يورو)، 350 محركا سنويا، وهو ما يمثل 30% من إجمالي إنتاج هذا النوع من المحركات، والذي سيشغل الطائرات من طراز إيرباص A320 نيو.
سيكون هذا المشروع بمثابة قاطرة منظومة “المحركات”، التي ستزداد تكاملا، لا سيما مع قدوم مصنعي معدات جدد.
سيتم خلال هذا الحفل توقيع مذكرة تفاهم تضفي طابعا رسميا على التزامات الشريكين، الدولة المغربية ومجموعة سافران، بشأن تركيب مصنع تجميع واختبار محركات الطائرات، إلى جانب مذكرة تفاهم تتعلق بتزويد مواقع سافران بالطاقة المتجددة، واتفاقية لإنشاء هذا المصنع بالمنطقة الحرة متعددة الخدمات المخصصة لصناعات الطيران والتكنولوجيا ذات القيمة المضافة “ميدبارك”.
سيضم المجمع الصناعي، بالإضافة إلى مصنع التجميع والاختبار، موقعًا مخصصًا لصيانة وإصلاح محركات الطائرات من نوع (LEAP).
باستثمار قدره 1,3 مليار درهم (130 مليون يورو)، سيبدأ هذا المصنع، الذي تبلغ مساحته 25 ألف متر مربع، العمل بحلول عام 2027.
ستبلغ قدرته على صيانة 150 محركًا سنويًا، وسيدعم النمو السريع لأسطول محركات LEAP، الذي يُشغّل حاليًا غالبية طائرات الجيل الجديد أحادية الممر، وهي إيرباص A320neo (LEAP-1A) وبوينغ 737MAX (LEAP-1B).
تمتلك مجموعة سافران تسعة مواقع صناعية في المملكة توظف أكثر من 5000 شخص في أنشطة مختلفة (الأسلاك، وهياكل المحركات، والهندسة، والإلكترونيات، وصيانة وإصلاح المحركات)، وتحقق أكثر من 30٪ من رقم معاملاتها في مجال الطيران في المغرب.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب


انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية