وهبي يكشف جهود المغرب لمحاربة ظاهرة التحريض على العنف وخطاب الكراهية
كشف عبد اللطيف وهبي جهود المغرب لمحاربة ظاهرة التحريض على العنف وخطاب الكراهية، وذلك خلال كلمة له اليوم الأربعاء، بمناسبة افتتاح المنتدى الدولي المنظم بمناسبة الذكرى الخامسة لخطة عمل فاس.
وقال وهبي، إن بلادنا، باعتبارها بلدا يتوفر على رصيد تاريخي غني بالتسامح والتعايش والتمازج بين الأديان، بحكم الدور التاريخي والمركزي لمؤسسة إمارة المؤمنين التي يمثلها رئيس الدولة، الملك محمد السادس، تولي أهمية قصوى لمسألة التحريض على الكراهية ونبذ العنصرية والعنف المفضي إلى الجرائم البشعة، ويجعلها تدعم التوجهات الدولية الهادفة إلى تعزيز الحوار والنقاش الدولي حول نشر قيم التسامح والاعتدال.
وأوضح وهبي أن بلادنا تحرص على احتضان لقاءات ومنتديات دولية تنبثق عنها وثائق مرجعية، مثل خطة عمل فاس باعتبارها امتدادا لخطة عمل الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية والعنصرية والدينية، المعتمدة سنة 2012؛ وإعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، المعتمد سنة 2016.
كما تطرق وهبي للاستقبال الرسمي لقداسة الباب فرانسيس، من طرف الملك محمد السادس، وخطاب الملك، الذي ذكر فيه بقيم التسامح والتلاحم الذي تجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في مجال التعايش والحوار بين الأديان والحضارات.
وأشار وهبي إلى أن التطرف الديني والفكري والعنف المفضي إلى ارتكاب الجرائم، يقوض السلم والأمن والتنمية المستدامة، ويشكل تهديدات مباشرة وانتهاكات جسيمة لجميع أصناف حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحـق في الحيـاة والحـق في الحريـة والأمـن الشخصـي وحريـة التعـبير وحريـة الفكـر والضمير والدين
وأوضح وهبي أن خطة عمل فاس، تروم في جوهرها حماية وتعزيز حقوق الإنسان، خاصة حرية الرأي والتعبير وحرية الدين والمعتقد والتجمع السلمي، فضلا عن توصياتها الوجيهة ومقترحاتها البناءة الموجهة إلى كل الفاعلين للإسهام في منع انتهاكات حقوق الإنسان والحد من التطرف العنيف وجميع أشكال النزاعات العنيفة.
وأوضح أنه في مجال تدبير الشأن الديني، ولأجل تعزيز مقاربتها الوطنية في نشر قيم الاعتدال الديني والوسطية والتسامح ونبذ العنف، تتم مواصلة جهود إصلاح وإعادة هيكلة الحقل الديني من خلال برامج تكوين وتأهيل الأئمة والمرشدين الدينيين والمرشدات الدينيات بخصوص الوظائف الاجتماعية للمساجد، وتيسير نقل فهم صحيح وسليم لإسلام منفتح ومعتدل.
كما تم في نفس السياق، اتخاذ مبادرات جديدة تمثلت في مراجعة مناهج ومقررات التربية الدينية بمؤسسات التربية والتكوين العمومية والخاصة والمعنية بالتعليم العتيق، مثلما تمت إعادة تنظيم وتحديد مهام جامعة القرويين وتجديد وظيفتها ونظام الدراسة والتكوين بها، بهدف تعزيز دورها في التعريف بالفقه المالكي وتاريخ المغرب والتواصل الخارجي، اعتبارا لمكانتها التاريخية كمؤسسة للعلوم الدينية والدراسات والفكر والحضارة الإسلامية.
وتابع وزير العدل أن بلادنا واصلت انخراطها الجاد في جهود مكافحة الخطاب المتطرف والحد من انتشاره، من خلال الملتقيات والندوات التي ما فتئت تنظمها المؤسسات المختصة أو تدعم تنظيمها أو تشارك فيها، كما واصلت بلادنا جهودها كبلد إفريقي من خلال عدة مبادرات نوعية للتعريف بنموذج سلوكها الديني ونشره وتوطيد سبل التعاون وتبادل التجارب، كان أبرزها إحداث المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة خلال سنة 2017، من أجل تنسيق جهود العلماء في التعريف بالصورة الحقيقية للدين الإسلامي وقيمه القائمة على الاعتدال والتسامح والتعايش، وجعلها في خدمة الأمن والاستقرار والتنمية.
وذكر وهبي بأن المملكة المغربية منخرطة بشكل جاد ومسؤول في تفعيل استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، وقد راكمت خبرة وطنية في هذا الصدد جعلتها نموذجا مطلوبا للاسترشاد والاستعانة به من طرف دول عديدة، مما مكن من مواصلة تنفيذ سياسة أمنية فعالة أساسها اليقظة والرصد والاستباق ومنع أعمال الإرهاب والتطرف العنيف وتلافي آثار هذه الآفة وإبعاد مخاطرها.
ومما يلزم الإشارة إليه هنا أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهاب تجاوزت المرتكز الأمني الناجع، إلى تنمية القدرات وتوفير فرص التكوين من أجل مكافحة الظاهرة وتيسير عمليات الإقناع والتصحيح والمراجعة، مما أسفر مؤخرا عن إحداث مكتب برنامج بالمغرب لمكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا، تابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بهدف تعزيز قدرات الدول الأعضاء ببلورة برامج وطنية للتكوين في مجال مكافحة الإرهاب، يقول وهبي.
وفي نفس الإطار، يتواصل تنفيذ برنامج “مصالحة” الذي تم إطلاقه منذ 2017 لمواكبة وتأطير نزلاء المؤسسات السجنية المعتقلين في قضايا الإرهاب والتطرف، باعتباره برنامجا نموذجيا ينخرط فيه فاعلون مؤسساتيون في مجالات التأهيل النفسي والمعرفة الدينية المعتدلة وإعادة الإدماج وحقوق الإنسان، ويرتكز على مداخل التأطير الديني السليم، والتأطير القانوني والحقوقي، والتأهيل السوسيو-اقتصادي، والتأهيل النفسي، وقد مكن من المراجعة الفكرية لعدد مهم من المعتقلين الذين كانوا يعتنقون “الفكر السلفي الجهادي”، وأطلق سراح عدد كبير منهم استفاد من الاندماج مجددا في المجتمع ونبذ خطاب التطرف.
كما تواصل بلادنا تنفيذ أوراشها الإصلاحية لتطوير منظومة تشريعية وطنية متلائمة مع الدستور، الذي جرم كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومنسجمة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الاتفاقيات الدولية التي يعتبر المغرب طرفا فيها.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية