هل يعيش “البيجيدي”عزلة سياسية؟
هل يعيش حزب العدالة والتنمية عزلة سياسية؟! هذا واحد من الأسئلة الكبرى التي يمكن أن تترتب عن الوضع الذي يعيشه الحزب في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد التصويت على القاسم الانتخابي الجديد، باعتماد المسجلين في اللوائح الانتخابية، من طرف جل الأحزاب السياسية، بدل القاسم الانتخابي الذي يعتمد الأصوات الصحيحة، الذي ظل حزب العدالة والتنمية متشبتا به إلى آخر مراحل التصويت على مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب.
وتزداد حدة السؤال مع الصورة التي أصبح عليها حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي الوطني، خاصة بعد حدوث اختلافات كبيرة في صفوف الأغلبية الحكومية التي لم تستطع أن تقدم تصورا موحدا لكل التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، وخاصة القاسم الانتخابي الذي أثار جدلا كبيرا، وخلف تصدعات واضحة في صفوفها.
ويظهر حزب العدالة والتنمية وحيدا، على الأقل في الآونة الأخيرة، في نفس الوقت الذي توجد في الجهة الأخرى تكتلات حزبية، على الأقل في الفترة الأخيرة، وهو ما قد يزيد من متاعب الحزب في إدارة الحكومة في الفترة المقبلة، فكيف يمكن أن يدير “البيجيدي” ما تبقى من عمر الحكومة؟ وهل يستطيع أن يدير الفترة المقبلة بأقل الخسارات؟
هذه بدورها بعض الأسئلة وأخرى التي يمكن أن تتواتر في الفترة القليلة المقبلة، خاصة مع قرب الانتخابات التي تعرف عادة احتداد النقاش والمواجهات الكلامية، والتي يكون لها أثر على فترة السباق للانتخابات والانتخابات أيضا.
وإلى حدود الساعة، لم يرتب حزب العدالة والتنمية الموقف اللازم مما جرى في الآونة الأخيرة، وترك الباب مواربا للمجلس الوطني الذي سيعقد في دورة استثنائية، لكن الآراء المعبر عنها من قبل عدد من قادة الحزب، توضح حجم الغضب الذي يعم الحزب بسبب اعتماد قاسم انتخابي كثير منهم وصفوه بالمعيب.
ولن يكون أمام الحزب في المجلس الوطني الاستثنائي المنتظر سوى رفع المواجهة في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد أن قطع سعد الدين العثماني الخيط الأبيض من الأسود من احتمالات متواترة، حينما قال في كلمته أثناء استقبال شباب من الحزب بجهة بني ملال خنيفرة في نهاية الأسبوع الماضي، وحسم الأمور حينما شدد في التذكير أنه مهما بلغت العراقيل فإن الحزب سيواصل بالطرق القانونية والديمقراطية :”لأن الذين يريدون أن يزيحوا العدالة والتنمية لن نعطيهم قرارا مفرحا بأننا سنقاطع أو “غادي نمشيو بحالنا وسننسحب”.
وهكذا سيكون على حزب العدالة والتنمية في المجلس الوطني تسجيل الموقف من القاسم الانتخابي، مثلما فعل في جلسة التصويت بمجلس النواب ليلة الجمعة السبت الماضية، ومثلما جاء في تصريحات ومداخلات عدد من قادة الحزب في مناسبات وفضاءات مختلفة.
وقد تشكل محطة المجلس الوطني الاستثنائي مناسبة للم شمل البيت الداخلي للحزب، خاصة مع استقالة الأزمي من رئاسة مجلس النواب، والتي خلفت بدورها ردود فعل متباينة داخل وخارج الحزب، ولم تكن الاستقالة حدثا في حد ذاتها، بقدر ما كانت رسالة الاستقالة والأسباب المتضمنة فيها حدثا بارزا، خاصة حينما كشف أن الطريقة التي تسير بها شؤون الحزب لا تتجاوز حدود المسكنات المبنية على عامل الزمن:” لم يعد هناك مجال لقبول كل شيء ولتبرير كل شيء وللتهوين من الآراء المخالفة والاعتماد في كل مرة على المسكنات المبنية على عامل الزمن عوض الإشراك والاقتناع، وعلى المهدئات المبنية على التبرير عوض تحمل المسؤولية من الموقع المتبوأ وفي الوقت المناسب وبالوضوح اللازم، وبالمضي إلى الأمام دون الالتفات إلى حالة الإحباط والفشل والانسحاب والسلبية التي قد تخلفها مثل هذه المنهجية وهذه المواقف على المناضلين والمناضلات وغيرهم، ودون الالتفات إلى من نتركهم أو نتخلى عنهم على الرصيف بمنطق أن القطار ماض إلى الأمام نزل من نزل، مستصغرين عددهم، وصعد من صعد، وبقي من بقي، غير آبهين بما ستؤول إليه الأمور بقطار قد يتوقف دون أن يصل أو بطقار يصل فارغا ودون محتوى وقد انفض الجمع وانفرط العقد شكلا ومضمونا”.
وإذا كان صحيح أن التشخيص الذي قدمه إدريس الأزمي الذي رفضت الأمانة العامة استقالته من رئاسة المجلس الوطني تشخيص غير مسبوق، ويوضح حجم الأزمة الداخلية للحزب، فهل يمكن أن تكون محطة المجلس الوطني الاستثنائي مناسبة لتجاوز هذا الوضع؟ هل يمكن؟