عتيق السعيد: مسار تمكين المرأة عبر مجموعة من الإصلاحات الدستورية رهين بالإطار المؤسساتي كوعاء مستقبل و حاضن للتغيير المستدام

عرف المغرب محطات نضالية طويلة رسمت تاريخ الحركة النسائية بالمملكة، المليء بالتحولات بغية تمكين المرأة في الحياة السياسية، والإدارية التي صاحبتها تحولات عديدة على مستوى تمكين المرأة من حقوقها وتعزيز مكتسباتها، سيترجم هذا التوجه مباشرة بعد تولي الملك محمد السادس للعرش سنة 1999، حيث أبدى اهتماما ملحوظا بوضعية المرأة في مختلف المجالات من خلال بني مخططات تنموية وإصلاحات جوهرية تمس في العمق مكانتها في مختلف مناحي الحياة اليومية سواء على المستوى القانوني، الاجتماعي، الاقتصادي، الثقافي، أو السياسي، لعل أبرزها تعديل مدونة الأحوال الشخصية و اعتماد مدونة الأسرة لتصبح أكثر شمولية للفضاء الأسري ككل، ساهمت في خلق نقاش حاد حول مجموعة من الفصول لاسيما المتعلقة بصيانة الحقوق الزوجية، حماية الأطفال، أليات قبول الزواج و غيرها.

أيضا نجد التعديل الذي لحق بقانون الجنسية الذي منح المرأة حق نقل جنسيتها للأبناء وإن كان الزوج أجنبي، بالإضافة إلى سعي المشرع وضع قوانين لتيسير مشاركتهن في الحياة السياسية عبر تحديد لائحة وطنية خاصة بالنساء تم اعتمادها مند 2002 لازالت هي اقرب الطرق لتمكين المرأة من دخول المؤسسات التشريعية، كل هاته الخطوات دعمت و مهدت بشكل كبير طموح المرأة في بلوغ مكانتها التي تستحقها، حتى قدم دستور 2011 الذي وفر الآليات القانونية و المؤسساتية لتمكين المرأة في مختلف القطاعات، هنا أصبحنا نتحدث عن مؤسسة و دمقرطة المساواة بين الجنسين في جميع الحقوق كما أكده الفصل 19 من الدستور و الذي أقر سعي الدولة إلى تحقيق المناصفة من خلال العمل على إحداث هيئة المناصفة و مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

إن كل هاته الإصلاحات القانونية و السياسية تبين أن الحاجة لاستثمارها الإستثمار السليم و المستدام مرتبط بشكل أساسي بالإطار المؤسساتي كوعاء مستقبل وحاضن لمثل هاته الأوراش، فلا يمكن أن يستقيم أي تفعيل سليم و مستدام لكل هاته التحولات القانونية دون أجرأتها سواء بالمؤسسات المدنية و الحزبية أو بالإدارات و المؤسسات و الشركات العمومية، و حيث ان المؤسسات تعد الالية التي من خلالها يمكن قياس منسوب الدمقرطة و الحكامة ، بل أكثر من ذلك تعتبر في مختلف الأنظمة السياسية المرآة العاكسة لمجموعة من المبادئ الحقوقية.

بناء على ما تقدم لابد من تسليط الضوء على مكانة المرأة داخل هياكل المؤسسات بغية تقييم مدى إمكانية تحفيزها و تمكينها من فرصة تنمية المجتمع من جهة، و تقييم تجربتها في ظل ما قدمته الوثيقة الدستورية لعام 2011، هذا و يبقى السؤال مطروحا حول مدى سعي الحكومات المتعاقبة على الاستفتاء الدستوري في تفعيل مضامين الدستور و جعله خارطة طريق نحو تحديث الدولة بكل مكوناتها لاسيما المتعلقة بتمكين المرأة.

إن تمكين المرأة من خلال التركيز على التفعيل السريع لمبدأ المناصفة بين الجنسين بالإدارات العمومية و غيرها من القطاعات، يعتبر إجراء مبتورا غير كافي مقارنة مع حجم التحولات الكبرى التي تعرفها بنيات الدولة، و بالتالي حان الوقت للتفكير في طرق أكثر فعالية و شمولية، من خلال نهج آليات أخرى أكثر إنصافا و تعويضا للمرأة و صراعها المرير و الطويل لنيل حقوقها.

أما ما يصطلح عليه ” التميز الإيجابي” هذا المصطلح تم تداوله بشكل كبير في النقاشات العمومية لكنه في الحقيقة مفهوم متناقض زاد في الشك حول مشروعيته كون التميز في حد ذاته أمرا سلبيا، و بالتالي وصفه للأمر الايجابي تناقض واضح، لدى وجب تغييره وفق باقي التجارب الدولية التي تعتبره “الفعل الايجابي” وفق منظور يرتكز على الإرادة و تجاوز التقنين محدود الأفق، هنا نحن أمام إشكالية جعل هذا الفعل الايجابي ضمانة حقيقة وداعم أساسي لتفيل المناصفة و المساواة.



whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
محامي يكشف العقوبات التي تنتظر “مومو” والمتورطين في فبركة عملية سرقة على المباشر







انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى