ماء العينين: لدي رغبة في كتابة حكاية “صور باريس” وتوثيقها بكل تفاصيلها
شدّدت آمنة ماء العينين، القيادية والبرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، على أن لديها رغبة كبيرة في كتابة رواية عن حكاية “صور باريس” وما تلاها، مضيفة على تشعر بـ”رغبة كبيرة في كتابتها وتوثيقها بكل تفاصيلها وأحداثها وشخوصها، وأظن أنني سأفعل ذلك يوما ما”، وذلك في إشارة منها إلى التضييق الذي سبق أن تعرضت له السنة الماضية داخل الحزب وخارجه، بسبب تسريب صورها الشخصية من باريس، حيث تلقت البرلمانية ضربة موجعة عبر إبعادها من مكتب مجلس النواب.
وعبرت ماء العينين، في تدوينة على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، عن الألم والحزن الذي أصابها بسبب تسريب صورها الشخصية، قائلة: ” انطلقت تلك العاصفة التي استمرت شهورا، كانت قوية وعنيفة جدا، حتى أنني لا أتصور أن امرأة سياسية في المغرب عاشت ما يشبهها”.
وأضافت “كانت حربا جديدة وجب علي تدبيرها أنا التي عشت محنا ومآسي كثيرة في مسار لم يكن يوما سهلا ولم يكن لي الحق حتى في أن أعيش ألمها في هدوء”.
وتابعت في تدوينتها التي اختارت لها عنوان “سنة 2019 : قصة تُحكى” قائلة “كان علي أن أحمي أبنائي أولا، أنا المرأة المطلقة الحاضنة لطفلين رائعين أحرص على تتبع تفاصيلهما الصغيرة في الحضور والغياب. أول ما فعلته هو اطلاعهما على الصور والحكاية كلها أثناء وجبة عشائنا، حيث تعودنا أن يحكي كل منا تفاصيل يومه، هيأتهما نفسيا لكل شيء وكانا رائعين في رد فعلهما الذي يشبهني ويشبههما، في مدرستهما كان الجميع متعاطفا معي وحريصا عليهما، لم يحدث أي شيء يقلقهما ولو من طرف زملائهم الأطفال وهو أمر أراحني كثيرا؛ كنت حريصة على أن لا تتأثر والدتي بشيء، حيث كانت دائما سيدة البيت وكنت أنا “رجل البيت” كما تناديني، ساعدَنا كونها لا تدخل “الفايسبوك” ولا تطلع على ما ينشر، وكانت شقيقاتي يحرصن على ألا تصلها التفاصيل الأكثر عنفا، كنت أكلمها كل ليلة بقوة ومرح وأشعر بقلقها وهواجسها التي لم تفارقها يوما وهي تتابع نشاطي السياسي وتطلب مني التواري والصمت، ككل الأمهات اللواتي لازلن يعلمن بغريزتهن أن التعبير عن الرأي واتخاذ الموقف يخفي أخطارا محدقة وجب تجنبها”.
وقالت ماء العينين “لا زالت والدتي تكرر بقناعة أن الله ميزني بشيء غريب في شخصيتي لن يجعلني أنعم بالأمان بسبب من تسميهم ب،”الحاسدين”، لازلت ألوم عليها كثرة القلق والجزع. وكنت في نفس الفترة حريصة على شقيقتي الحامل، حيث كان حملها صعبا ومهددا، وهي أقرب شقيقاتي إلي بمثابة ابنتي وأنا بمثابة أب لها، كنت أطلب منها مغادرة “الفايسبوك” لتأثرها الكبير بحملات التشهير العنيفة، وكنت أطمئنها أنني قوية كفاية لأتحمل وأتجاوز رغبة مني في حقنها بما يلزم من طاقة الصمود، ولقد سعدت كثيرا يوم انتهى هذا الحمل الصعب بسلام بولادة توأم رائع، كنت أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه من حولي ممن تضرروا بما ينشر ويكتب، فقد كنت منذ صغري مدافعة شرسة عن كل من أعتبره مظلوما واعتبرت ان ذلك جزء من رسالتي في الحياة فكيف أتحمل أن يظلم احد او يؤذَى بسببي”.
وواصلت القيادية في حزب العدالة والتنمية قائلة ” كنت أخفف عن أصدقائي وصديقاتي الذين كان بعضهم ينهار بكاء أمامي، وكم خرجت من تلك المحنة فخورة ومُحِبة وممتنة لأصدقاء وصديقات من ذهب، كانوا هدية الله إلي مع جميل ابتلائه، وقد عاش معي بعضهم لحظات ضعف إنساني حينما كان يشتد الهجوم دون ان اتمكن من تفسير قسوته ولا إنسانيته؛ أعترف أنني لم أتألم بسبب حملة التشهير المنظمة، ولا بسبب الذين انخرطوا فيها بحماسة منقطعة النظير من المواقع والحسابات والأشخاص، لكنني تألمت في صمت لمواقف بعض الأشخاص من حزبي الذي ناضلت في صفوفه بانخراط والتزام وقوة منذ طفولتي، أعترف أن قدرتي على التحليل والتوقع خذلتني بشكل مريع، حيث لم أكن أتصور أن يكون بعضهم بكل هذه القدرة على الإذاية والانتقام والشماتة والرغبة الجامحة في الاغتيال السياسي من داخل مرجعية دينية مفروض أنها مرجعية إنسانية تحث على عدم الأذى ونبذ سوء الظن والقذف والنهش في الأعراض وتنهى عن الشماتة والفضيحة والحقد و….”.
وأفادت ماء العينين “لن أذكر هنا أشخاصا ولا وقائع، لأن ذلك ليس مهما بالنسبة لي، بقدر ما تهمني الدروس البيداغوجية التي قرأتها شخصيا بالمعايشة ويهمني نقل بعضها هنا علما أن ما أسجله بفخر واعتزاز أن أمثال هؤلاء كانوا أقلية ضمن أكثرية رائعة بأخلاقها وسموها؛ كنت كمن يواجه القصف المفتوح بصدر عار، وكان علي في نفس الوقت تلقي طعنات في الظهر من “الاخوة والاخوات” الذين لم يمنحوني حتى ما يلزم من مهلة إنسانية لأقف على رجلي قبل مساءلتي والنهش في لحمي بالشائعات والروايات والحكايات والقيل والقال، فحتى الحروب تؤطرها قوانين وقيم تمنح الوقت لإجلاء الجرحى والتقاط الأنفاس وإحصاء الخسائر. كان بعضهم وبعضهن ينقلون روايات تعبأت برلمانية وبعض الصحفيين لبثها في صفوف الحزب، لأن المخطط لم يكن ليكتمل بدون تعبئة الحزب ضدي، وكنت واعية بذلك وأتابع تفاصيله، تكلفت بعض”النسوة” من حزبي بالمهمة، وبدأن يُشِعن روايات بمنطق “قالوا” و”قلن””.
وتابعت ماء العينين “ظهر خصوم داخل حزبي بطريقة غير مفهومة، وترجاني الكثير من الأصدقاء أن أتواصل مع قيادات الحزب لأصحح ما يروج، وأطلب دعمهم كما فعل من عانى سابقا من مثل ما عانيت منه أو أكثر”، مضيفة ” قررت أن أترك الجميع أمام ضمائرهم وأن لا أتوجه لأحد بطلب أو رجاء إلا لله وحده الذي منحني دائما القوة والطاقة والقدرة على الاستمرار بعصامية ومجهود شخصي وباستحقاق، حيث لا أتذكر أنني نلت يوما شيء في حياتي المتواضعة والصعبة إلا باستحقاق ومكابدة في ظل هجوم متواصل من المنافسين والحاقدين”.
وقالت ماء العينين “لم أتمرد على الحزب، ولم أجعل نفسي فوق مؤسساته كما حاول البعض ترويج ذلك، لكنني قررت مواجهة ما اعتبرته تحاملا وانتقائية غريبة معي دون غيري، كما قررت الدفاع عن حياتي الخاصة التي سعى البعض لجعلها محط مساءلة تنظيمية بناء على “قالوا وكتبوا وادعوا و….” علما أن الكثيرين يعانون من حملات تشهير وإطلاق إشاعات لم يعاملوا كما عومِلت، وقد كنت واعية أنني ضحية استقطابات المؤتمر وما قبله وما بعده، أنا التي كنت شرسة في الدفاع عن وجهة نظري وهو ما سبب لي خصومات وأحقاد، أعي اليوم مسؤوليتي تجاهها، وأنا أقيِّم دون عقد ودون مركب نقص، مساري السياسي ومنهجيتي وخطابي، وأُعدد أخطائي ونقط ضعفي دون أن أتجاهل نقط قوتي وكل ما يدعوني للفخر والاعتزاز في مساري وفي شخصيتي، يقول المغاربة: “جابني الفيراج” ووجب أن أتحمل مسؤوليتي وقد قررت تحملها، علما أنني قرأت مؤخرا أن هناك من طالب باستقالة أعضاء لتسببهم في الإساءة لقيادات من الحزب، لازلت ألاحظ وأحلل دون تعليق، لكني مقتنعة أن الحزب لم يعد يحتكم لقواعد ثابتة لا تحابي الأشخاص، وسأظل مناهضة للإساءة للأشخاص خارج نقاش التوجهات والآراء والاختيارات السياسية”.
اكتشفت أيضا قدر حب الناس ودعمهم من داخل حزبي ومن خارجه بطريقة فاقت توقعاتي، رغم أنني أشعر دائما أن صدق نضالي يصل لمن حولي حيث لا أتصنع ولا أتكلف ولا أتهيأ لأوصل أفكاري التي تنبعث من دواخلي، تقول ماء العينين.
وأكدت ماء العينين” أن رجالا ونساء وازنون في الدولة اتصلوا بها لحثها على الصمود، حتى أن شخصية سياسية كبيرة من خارج حزبي كان يتصل به كثيرا في المساء رفقة زوجته التي لم تلتقها يوما، كانا ينصحانيها بالصمود والاعتناء بصحته وأولاده وممارسة الرياضة والتوجه إلى الله حتى تمر العاصفة”، تور، ماء العينين.
وقالت ماء العينين “يوما ما سأكشف عن اسم هذا الرجل لو أذن لي،فهو لا ينتمي الى “المرجعية الاسلامية” لكنني رأيته يتمثلها في سلوكه واخلاقه وأخلاق زوجته التي لا تضع منديلا على رأسها، لكنها كانت رائعة بأخلاق المغربيات الأصيلات والمسلمات التلقائيات اللواتي يقودهن حسهن للتضامن وعدم الانخراط في جوق الاذاية المجانية، والى اليوم لازلت أتلقى تحايا الرجال والنساء الكبار في كل المواقع بطريقة تدهشني، داخل حزبي، ظهر رجال ونساء رائعون ورائعات، قدموا لي كل وسائل الدعم، وكان بعضهم يصر على زيارتي في البيت، دون أسئلة ودون حرج ودون هواجس ماعدا ما يجمعنا من الإنسانية والإخوة والنضال المشترك، وظهر رجال ونساء رائعون من حركة التوحيد والإصلاح، حيث رأيت أخلاق المرجعية القائمة على التضامن والنصيحة والأخذ باليد في اللحظات الصعبة، كان بعضهم يقول لي:”احمدي الله أنه أرحم بنا من البشر” وكنت أخبرهم أن ما أنقذني دائما هي تلك العلاقة التي تجمعني بربي والتي لا تعني تفاصيلها أحدا من البشر، لقد أمدتني دائما ولا تزال بالقوة والطاقة التي تجعلني استصغر واستخف بما يبدو للآخرين ثقيلا”.
وظهر في الحزب أيضا من يتسمون بالحقد والكثير من الشر، حتى أن إحداهن -وكانت تجمع بيننا صداقة- ارسلت لي “أوديو” في عز الحملة تطلب مني الاستقالة من الحزب ومغادرة المغرب، بل سمحت لنفسها أن توظف بعضا مما تقاسمناه من أسرار لمهاجمتي والشماتة فيَّ علانية، شكرتها بهدوء وقلت لها أن المرجعية التي تقدم نفسها مدافعة عنها – من موقع القيادة- بريئة مما تفعله، وأنني لن أستقيل ولن أغادر بلدي وسأصمد لأن الناس لحسن الحظ لا يشبهونها.. هكذا تأكد لي أن المجتمع والناس والحزب ليسوا كلهم شياطين وليسوا كلهم ملائكة، فكل شيء نسبي ولاشيء مطلق، ، تقول ماء العينين.
وشددّت ماء العينين قائلة “كنت أقول للكثيرات والكثيرين من حزبي وخارجه: تفضلوا وتفضلن، ها أنا سأتراجع خطوة للوراء، وهاهي الساحة أمامكم وأمامكن إذا كنتم تعتبرون أن نجاحكم لن يتحقق إلا بمحاربتي وإذايتي. لقد آمنت دائمة أن الضعفاء وحدهم يسعون لبناء “أمجادهم” بإقصاء الآخرين ومحاربتهم، أما الأقوياء المتسلحون بالثقة بالنفس، فيعرفون أن ساحة النجاح تسع الجميع، كنت أقرأ كل شيء في عيون من حولي”.
وأضافت “كانت تجربة فريدة ودروسا عظيمة، وزنت فيها الناس وزاد اكتشافي لكل المعاني: الشهامة والنبل وأخلاق الفرسان، والخسة والضعف وقلة الرجلة.عرفت أن الحياة عبر وأن التنسيب منهج فعال وأن قيمنا هي ما يحمينا وأن الخيبة والخيانة جزء من قواعد لعبة الحياة، لكنني خرجت اكثر قوة ومناعة وتفاؤلا، ومع ذلك كانت أيضا سنة رائعة، عشت فيها لحظات فرح كثيرة واحتفلت فيها بانجازات آمنت بامكان تحقيقها لي ولمن حولي، عشت فيها أحداث مع أشخاص أتذكرهم بالكثير من الود سواء من لازالت تجمعنا بهم السبل او اولئك الذين فرقتنا عنهم السبل والظروف رغما عنا وعنهم دون أن ننسى الفضل بيننا”.
وقالت ماء العينين “أحداث بداية السنة كانت امتحانا لكل شيء، ووقائع اخرى عشتها طيلة السنة كانت كافية لتقييم الكثير من المسارات بحلوها ومرها…اليوم أشعر بعد سنة كاملة بالكثير من الرضى والمحبة وطاقة الانجاز والفعل، والكثير من الامتنان لله تعالى والكثير من العرفان للطيبين والطيبات، والكثير من الأمل في المستقبل، أتمنى للجميع سنة جديدة سعيدة مليئة بالإيمان والمحبة والتضامن والأمل، وأتمنى أن لا تجد أي امرأة وأي أم نفسها يوما مضطرة لتعيش ماعشته بداية السنة المنصرمة، أتمنى أن نتخفف من الأحقاد وأن نتخلى عن الانخراط المجاني في إذاية الناس، وأن نتعلم كيف نكون متسامحين وأن نناهض ثقافة التشهير والإشاعة وإدمان التلصص والتلهي بالقيل والقال”.
وأكدت ماء العينين “في الساعة الأولى من سنة 2019 وفي عز الحملة آنذاك، تلقيت رسالة تقول: “كوني أنت نفسك ولا تتغيري”.
وختمت ماء العينين تدوينتها الطويلة بالقول “لم يتغير شيء من جوهري وكينونتي الأصلية، لكن أشياء كثيرة تغيرت، فقد جرت مياه تحت الجسر، لكنني لازلت وفية وملتزمة ومنخرطة وإيجابية لا أحمل أحقادا ولا رغبة في الانتقام حتى ممن تسببوا لي بالإذاية، أحمل ضميرا مرتاحا وعقلا يفكر وقلبا ينبض بحب الخير؛ كان نبي الرحمة يناجي ربه: ” وإن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية