لحليمي: المغرب يعاني ضغوط تيارات الهجرة بعدما كان بلد عبور
قال أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط إن المغرب يتواجد في مجال جغرافي متاخم للمجالين الأروبي والإفريقي، اللذين يتميزان بتطورات ديموغرافية واقتصادية متناقضة، الأمر الذي يجعله يواجه يوميا صعوبات لتدبير ظاهرة التوزيع غير المتكافئ للسكان كونه يعتبر في نفس الوقت قطبا للهجرة، ولفترة طويلة بلد عبور، وحاليا بلدا لإقامة المهاجرين.
وأوضح لحليمي بمناسبة الاحتفال بيوم بلوغ سكان العالم عتبة 8 مليار نسمة أن المغرب، باعتباره جزءا لا يتجزأ من إفريقيا، وروابطه المشتركة بها سواء من حيث الجغرافيا أو التاريخ أو وحدة المصير، كان ولازال دائمًا جد متضامن مع هذه القارة سواء قبل أو بعد استقلالها، وكذلك اليوم في الصراع من أجل تنميتها. وبهذه الروح، يعد المغرب من أول المستثمرين الإفريقيين في إفريقيا ويلتزم اليوم ببناء خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يعتبر “ليس فقط مشروعا ثنائيا بين بلدين شقيقين”، على حد تعبير الملك محمد السادس، الذي أعرب عن أمله في أن يكون مشروعا استراتيجيا مفيدا لمنطقة غرب أفريقيا بأكملها.
وأشار المندوب السامي للتخطيط، إلى أنه رغم ثروتها من حيث الموارد الطبيعية، لا تزال التنمية الاقتصادية في أفريقيا، بشكل عام، متخلفة مقارنة بمناطق أخرى من العالم، يعوقها على وجه الخصوص المستوى المنخفض لتطوير البنيات التحتية وهيمنة القطاع غير المهيكل وفلاحة ذات إنتاجية ضعيفة.
وأضاف أن دول أفريقيا جنوب الصحراء ستعرف زيادة في عدد سكانها لينتقل من حوالي 1,17 إلى 2,11 مليار نسمة سنة 2050. ويتزامن هذا النمو مع العدد الهائل للسكان في سن العمل والذين يتزايدون بوتيرة سريعة ويرون في دول الشمال أحد الحلول للهروب من البطالة والفقر، ومن تم تفاقم الضغط على بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط كنقط للعبور القسري نحو أوروبا.
وتابع لحليمي، أن تداعيات الأزمات الاقتصادية والغذائية المقرونة بآثار التغيرات المناخية تزيد من حدة الصعوبات التي تواجهها أفريقيا في مجال النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وتثمين مواردها الطبيعية وتساهم في تفاقم تيارات الهجرة وتعزز عدم الاستقرار ومخاطر الإرهاب.
وعلى المستوى الاقتصادي، ستؤدي التغيرات المناخية إلى خسارة ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا في أفق 2030 (منظمة الأغذية والزراعة) وفقدان ما بين 5 و15 في المائة من ناتجها الداخلي الإجمالي للفرد (البنك الإفريقي للتنمية). أما على المستوى الاجتماعي، فإن التغيرات المناخية قد تساهم في انتقال ما يقارب 43 مليون أفريقي إضافي للعيش تحت عتبة الفقر ابتداء من سنة 2030.
في هذا السياق الديموغرافي، يرى لحليمي أن المغرب، الذي كان يعتبر بلد عبور، لفترة طويلة، تحول إلى بلد استقبال للهجرة بشكل متزايد، نتيجة سياسة هجرة انتقائية للدول الأوروبية. وبالتالي فهو يعاني ضغوط تيارات الهجرة من إفريقيا، ولا سيما من جنوب الصحراء، والتي استمرت في الازدياد في السنوات الأخيرة.
وتنفيذا للتوجيهات السامية والقيادة الرشيدة للملك محمد السادس تبنى المغرب عدة مبادرات لإدارة تدفقات الهجرة هذه. ففي إطار الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، اعتمد الأجندة الأفريقية للهجرة في سنة 2018، وأثبت نفسه كقائد لأفريقيا فيما يتعلق بمسألة الهجرة. بناءً على مبادرته، تم اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية في عام 2018 وإنشاء المرصد الأفريقي للهجرة في الرباط في عام 2020. أدت هذه المبادرات إلى تسوية وضع ما يقرب من 50000 مهاجر، بحسب لحليمي.
واعتبر لحليمي أن المشاكل والتحديات التي تطرحها الديموغرافيا لا تزال إلى حد كبير رهينة بالسياسات الهيكلية المناسبة القادرة على ضمان التحول الهيكلي الذي يجعل من الممكن استغلال النمو السكاني بشكل أفضل من أجل تكوين المزيد من الثروة وتوزيع أفضل لثمار التنمية.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية