قضاة المغرب يردون على تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية
أدانت الودادية الحسنية للقضاة تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية حول “العدالة وحرية التجمعات والصحافة” في المغرب، مؤكدة أن استقلالية وسيادة القضاء المغربي خط أحمر لا يجب تجاوزه من طرف أي جهة كانت.
جاء ذلك في بلاغ عقب اجتماع طارئ عقده المكتب المركزي للودادية أمس الثلاثاء، علاقة بما ورد في تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية استنادا على ماوصفه بتقارير سلبية تم التوصل بها حول صدور قرار جنائي ابتدائي بإدانة صحفي يدعى “سليمان الريسوني” بعقوبة حبسية يدعي انتهاك حقه في المحاكمة العادلة على خلاف ما تفرضه مقتضيات النظام القضائي المغربي، وكذا متابعة “الولايات المتحدة الأمريكية” لقضايا أخرى مماثلة، من بينها قضية المدعو عمر الراضي.
ولفت البلاغ إلى ما خلفه هذا التصريح من إساءة بالغة لحقيقة المجهودات الجبارة التي ما فتئت تبذلها السلطة القضائية المغربية بكل ثقة وثبات ونجاعة وفعالية من أجل تحقيق الأمن القضائي وتعزيز ثقة المواطنين والمواطنات بعدالة بلادهم، إيمانا منهم بأن العدالة في أي بلد تعتبر عمادا للاستقرار والأمن ورافدا من روافد التنمية ومقياسا حقيقيا للحضارة والديمقراطية.
ولفتت الودادية، إلى أن الاجتماع الطارئ لمكتبها المركزي انعقد أيضا بناء على الأهداف المنوطة بالودادية كجمعية قضائية مهنية مواطنة بمقتضى قانونها الأساسي ونظامها الداخلي، والمحددة أساسا في السهر على احترام كرامة القضاة وضمان حقوقهم ومصالحهم المهنية والدفاع عن كل ما يمس بها، وصيانة حرمة القضاء وتعزيز استقلالية السلطة القضائية والدفاع عنها وحمايتها من كل ما قد ينال من سمعتها وكرامتها ضمانا لحقوق الأشخاص وحرياتهم.
واعتبرت الودادية أن التصريح لا يسيء فقط إلى السلطة القضائية المغربية ويمس باستقلاليتها المكفولة لها بمقتضى الدستور والقانون والمواثيق الدولية لاستقلال السلطة القضائية، بل يطال شعور وشرف وكرامة جميع قضاة وقاضيات المملكة المغربية قاطبة وجميع العاملين والمشتغلين بحقل العدالة المغربية.
كما يمس التصريح في العمق بثقة المواطنين والمواطنات في عدالة بلادهم، على اعتبار أن استقلالية القضاء ليست امتيازا أو تشريفا للقاضي، بل واجبا عليه وحقا للمواطن.
وعبرت الودادية عن استغرابها الشديد لعدم استحضار التصريح الأمريكي لبلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، المنشور للعلن بتاريخ 12 يوليوز 2021، ضمن زمرة التقارير المتوصل بها من طرف وزارة الخارجية الأمريكية، والذي قدم من خلاله للرأي العام في إبانه شروحات وتوضيحات وافية ودقيقة عن حقيقة مجريات محاكمة المواطن سليمان الريسوني المتابع من أجل جرائم الحق العام لا علاقة لها إطلاقا بعمله الصحفي، وبين كيف وفرت له جميع ضمانات المحاكمة العادلة، ودحض مجموعة من المغالطات والأراجيف التي روج لها بسوء نية من طرف بعض الجهات والهيئات المسمومة والمعلومة التي تتعامل مع حقوق الإنسان بمنطق فئوي وفي قضايا بعينها خدمة لأجندات مفضوحة فارغة المحتوي وعديمة الجدوى، وتفضل عدم المواجهة والترافع خارج قاعات المحاكم، مستفيدة من واجب التحفظ الذي يقيد القضاة عن الرد والجواب عن أباطيلهم وأكاذيبهم، خارج مزاولتهم لمهامهم.
هذه الجهات، تتابع الودادية، ليس لها من هم سوى الاجتهاد في تشويه صورة القضاء المغربي والتنكيل به وتبخيس وتسفيه عمله، ومحاولة المس بالوضع الحقوقي في المغرب والتجني على مكتسباته ومنجزاته المعترف بها إقليميا وعالميا وعلى صعيد جميع المستويات.
وأكدت الودادية، وفق البلاغ، على أن استقلالية وسيادة القضاء المغربي، على غرار الأنظمة القضائية المقارنة، تعتبر خطا أحمر لا يجب تجاوزه من طرف أي جهة كانت، وفق ما يكفله له الدستور المغربي والمواثيق الدولية الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، من بينها المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية المعتمدة من طرف مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين (ميلانو 1985).
وأكدت الودادية أنه ليس من المتصور على الإطلاق أن تعلق على قضية من صميم اختصاص قضاء مستقل لدولة أخرى ذات سيادة، مشددة على أن لكل بلد شأن يغنيه، والحقيقة لا ترى من زاوية واحدة، مذكرة ، في هذا الصدد، بقضية إطلاق السلطات الأمريكية سراح ثلاثة رجال في مدينة بالتيمور، بعد قضائهم 36 عاما داخل السجن، وذلك عقب اتهامهم خطأ، وفقا لتقرير قناة إخبارية، بقتل طالب داخل ساحة مدرسته بدافع السرقة.
من جانب آخر، أعربت الودادية عن قوة متانة العلاقات القضائية المغربية الأمريكية الضاربة في التاريخ والمتطورة، قدم وتطور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عندما كانت المملكة المغربية أول من اعترف باستقلال الولايات المتحدة سنة 1777، وكذا طبيعة وحجم التعاون القضائي المهم بين البلدين، والذي أثمر على سبيل المثال عن توقيع اتفاقية التعاون القضائي الثنائي في الميدان الجنائي الموقعة بالرباط في 1983.
كما أكدت الودادية وضع مكتبها المركزي، برئيسه وكافة أعضائه، رهن إشارة المسؤولين عن التواصل بسفارة الولايات المتحدة بالرباط، للتواصل وإجلاء أي لبس أو غموض وتقديم أية توضيحات ممكنة حول ما قد يثير اهتمام الولايات المتحدة بخصوص العدالة في المغرب، في حدود ما يسمح به الدستور والقانون.
وجددت الودادية الحسنية للقضاة التذكير باستعدادها الدائم والمتواصل، طبقا لأهدافها كجمعية قضائية مهنية مواطنة، للتصدي لكل ما من شأنه محاولة النيل من سمعة القضاة وشرفهم وكرامتهم وهيبة ووقار واستقلالية السلطة القضائية التي يمثلونها بكل فخر واعتزاز خدمة للمواطن والوطن، وفق ما يحب ويرضى ويحرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس لشعبه ورعاياه.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية