المكتب السياسي لحزب “الوردة” يرفض مشروع قانون 22.20
أرجأ المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إصدار بلاغ لاجتماعه الذي دام يومين، إلى اليوم الإثنين، وذلك بسبب وفاة الكاتب الأول الأسبق للحزب وقائد حكومة التناوب الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي.
وجاء في بلاغ قيادة حزب الوردة بعد تقديم كاتبه الأول إدريس لشكر لقراءة في الوضعية الحالية للعالم والمغرب أن ان الحجر الصحي وضع المنظومة التربوية أمام تحديات جديدة تضاف إلى مهامها المعتادة كالتعليم عن بعد، أو البحث العلمي في الميادين المرتبطة بالوباء ومخلفاته. مما بين بالملموس الدور المحوري لمنظومة التعليم العمومي من جهة ومحدودية الاختيارات النيو–لبرالية في السنوات الأخيرة من جهة أخرى.
واعتبر المكتب السياسي للحزب أنه وبغض النظر على التشويش الذي جاء من بعض أرباب المدارس الخاصة وعن إشكاليات تكافؤ الفرص أمام الولوج للإنترنت والحواسيب، فإن أسرة التعليم المغربية كانت في مستوى اللحظة. ووجب التذكير بمنظور في الاتحاد الاشتراكي لمنظومة التربية التي يتعبرها الوسيلة الأساسية لبناء المواطن. لذلك يعتبر الاتحاد أن مجانية التعليم حق للشعب المغربي والتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، ونشدد على ضرورة توفير العدالة الرقمية واللغوية لكافة فئات الشعب المغربي، كما ان محو الفوارق الطبقية يمر عبر تكافؤ الفرص في التعليم لتمكين كل أبناء الشعب من الحصول على أدوات المعرفة ذاتها وبنفس الطريقة والوسيلة، مع اعتماد برامج ومناهج لتملك أدوات التفكر العقلاني والنقدي وتمكين الجيل الجديد من الوسائل والمفاتيح لانخراطه في الثورة العلمية راهنا ومستقبلا.
أضافت قيادة الحزب أنه وبما أن المغرب والعالم أمام أزمة اقتصادية فريدة من نوعها، هي في آن واحد أزمة عرض وأزمة طلب فإن الخروج منها في حالة المغرب خصوصا لا يمكن أن يكون عبر سياسة إنعاش اقتصادي تقليدية تقتصر على ضخ الأموال في المنظومة المالية وتوزيع المساعدات على المقاولات المتضررة. بل يجب علينا أن نعلن عن قطائع نهائية فيما يتعلق بتدبير المالية العمومية.
ومن ضمن الإجراءات التي قدمها لشكر بالنسبة للأسر، يقول البلاغ التسريع بإخراج السجل الوطني والوكالة الوطنية للسجلات ليستمر تقديم المساعدة الاجتماعية بشكل مباشر للفئات المعوزة أو الفئات التي تعيش في وضعية هشاشة. بالنسبة للشركات، إمكانية شراء ديون بعض المقاولات أو حتى الدخول في رأسمالها لتخفيف عبئ المديونية على ميزانيتها والسماح لها بالاستمرار في الاستثمار والتشغيل، وربما تأميمها كليا ولو بشكل مرحلي لحمايتها من الإفلاس. بالنسبة لميزانية الدولة وتدبير احتياطي العملة، اتخاذ تدابير للحد من واردات المواد الكمالية ومراجعة اتفاقيات التبادل الحر التي فيها غبن للفاعل الاقتصادي المغرب نظرا لوضعية ميزان الأداءات وتفاقم عجزه جراء تراجع قيمة الصادرات أكثر بكثير منها في الواردات والتراجع المرتقب في عائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج وتراجع الاستثمار الأجنبي ما ينبئ بصدمة لن يخففها حتى انخفاض الفاتورة الطاقية.
وخلص الكاتب الأول للحزب، الى أن سن سياسة جبائية منصفة ومتوازنة له ضرورة حيوية في مغرب ما بعد “كورونا” حتى نكون مؤهلين لمواجهة أزمات مستقبلية بشكل أنجع وأقل كلفة على المالية العمومية وليكون لسياستنا الاقتصادية مفعول أكبر. فقد أظهرت الأزمة حدود ظاهرة “لبريكول” وأجابت الذين كانوا يتسألون عن جدوى دفع الضرائب أو جدوى تقييد الشغيلة في صناديق الحماية الاجتماعية، كما إن المقاولة الصغيرة والمتوسطة يجب أن تكون في مركز السياسات النقدية والاستراتيجيات القطاعية وهاجس تدبير مناخ الأعمال، كي نطورها ونحميها ونرفع من قدرتها التنافسية بما يمكن من ضمان مناصب الشغل وتوفير حاجيات السوق الداخلية ثم التوجه للتصدير. إن تشجيع رأس المال الوطني المنتج والمشغل والمبدع يقتضي القطع التام مع اقتصاد الريع والمضاربة والاحتكار وغيرها من ظواهر الربح السريع الذي يخلق الثروة للقلة القليلة لكنه لا يخلق أية قيمة مضافة للوطن والمواطن.
ولأن المجتمع الحداثي المتضامن الذي ننشد ليس متضامنا هنا والآن فقط وإنما هو متضامن جيلا بعد جيل، أكد الكاتب الاول أن الاقتصاد الأخضر يعد أحد الروافع الأساسية التي يمكن أن نأسس عليها نموذجنا التنموي. ومن تم نحتاج لتصور شامل لكل السياسة الوطنية يتوخى التنمية المستدامة التي تحمي رأس المال الطبيعي وتضمن العيش الكريم للمواطنين أينما تواجدوا بالتراب الوطني خاصة سكان المناطق المعزولة في الجبال والواحات والمواطنين الرحل، قائلا “ونحن لا نطالب بتنفيذ مخططات جاهزة لدى المنظمات الدولية بل نأمل في أن الإبداع المغربي سيظهر مهارته من جديد في هذا المجال وأن رأس المال الوطني – بتحفيز من الدولة – سيرقى ببعض التجارب الجنينة الى مستوى أكبر وأكثر فعالية بحيث تتحسن سبل العيش وتخلق فرص العمل وتحد من الفقر والهجرة. نقترح في المغرب أن يكون مدخلنا لاقتصاد أخضر عبر قطاع الفلاحة وذلك بتشجيع الزراعات العضوية ودعم الفلاحين الصغار بتمليك الأراضي وتوفير التمويل والمواكبة التقنية“
واعتبر لشكر انه من المستعجل طرح تعديل قانون المالية 2020 على البرلمان والبدء بإعداد سيناريوهات مشروع قانون المالية 2021 “فنحن في سباق دائم مع الزمن لتدبير هذه الازمة وتبعاتها. إن أي ضخ للأموال لا يجب أن يعتبر شيكا على بياض توقعه الدولة لأرباب العمل. بل هو العكس تماما، على الحكومة أن تكثف من وسائل المراقبة والتتبع وأن تقوم بدورها بتقديم تقارير دورية للبرلمان بخصوص تدبير الجائحة وتبعاتها وبمآل كل درهم يصرف من ميزانية الدولة أو من “صندوق كوفيد19″، على حد تعبير لشكر.
واعتبر المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن قانون المالية التعديلي مناسبة للتعبير عن ضرورة بذل مجهود وطني جماعي، تتم بشأنه القطيعة مع كل مناهج تحضير قوانين المالية السابقة، وضرورة انخراط كل القوى الحية في البلاد في بلورته وترجمته في أجوبة دقيقة وشاملة وناجعة، تحد في وهلة أولى من مخلفات الوباء، وتحدد أجندة رفع الحجر الصحي، على أن تضمن في مرحلة تالية الإقلاع الاقتصادي الذي يخدم التنمية الاجتماعية والاستقرار المعيشي والسلم الاجتماعي. كما أن قانون مالية 2021 يجب أن يشكل المنطلق الحقيقي للإصلاحات المهيكلة للمالية العمومية ولموضوع الإصلاح الضريبي علما أن عدد من مخرجات المناظرة الوطنية حول الجبايات أصبحت متجاوزة في ظل الازمة الحالية.
ودعا المكتب السياسي، تأكيدا لمبدأ التضامن المجتمعي، أن يتم في قانون المالية إقرار قاعدة قانونية بمقتضاها لا يستفيد الشخص من المالية العمومية الا بالتقاعد الواحد المختار، مذكرا المكتب السياسي بضرورة منع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية، للمساهمة في تخليق الحياة العامة، ومحاربة المظاهر السلبية التي تتناقض مع مبادئ الحكامة الجيدة، وحسن التدبير وترشيد النفقات العمومية.
وأضاف المكتب السياسي للحزب على ضرورة تفعيل عمل هيئات الحكامة المختصة بمحاربة الرشوة والفساد لما يجب أن تلعبه من أدوار في مواجهة هذه الظواهر التي تكلف الاقتصاد المغربي الشيء الكثير.
ويشدد المكتب السياسي لحزب “بوعبيد“ على ضرورة التخفيض من نفقات التسيير، والحد من مظاهر البذخ العمومي لتوفير الموارد المالية واستثمارها في الخدمات العمومية وتلبية المطالب المتزايدة للفئات الهشة أو السائرة في طريق الهشاشة. ويشيد المكتب السياسي بالانخراط التام والمسؤول والمتجرد لكافة المسؤولين الاتحاديين والمسؤولات الاتحاديات على المستوى الترابي، المحلي والاقليمي والجهوي والوطني، واستماتتهم في تعميم الاستفادة من المجهود الوطني العام في تدارك الخصاص وتقديم الدعم والمساعدة الاجتماعية وفي توفير شروط السلامة والوقاية من الوباء. داعيا للتدخل لإعادة المغاربة العالقين في العالم.
وبعد نقاش حول مختلف مشاريع القوانين التي تشكل مطلبا لتفعيل الدستور وتنزيل مقتضياته المصاحبة، وما يتطلب من مجهود تنسيقي في الواجهتين الحكومية والبرلمانية، يؤكد المكتب السياسي رفضه كل مشاريع ومقترحات القوانين التي من شأنها أن تتعارض مع القيم التي ناضل الحزب من أجل ترسيخها في مختلف محطاته النضالية وواجهاته المؤسساتية تنفيذيا وتشريعيا.
ويسجل المكتب السياسي التفاعل الواسع والعميق، المتسم في جوهره برفض أي تراجعات والمساس بحقوق التعبير والتفكير والمبادرات المدنية والاجتماعية لا سيما ذات الصلة بالحريات الاساسية في ابداء الرأي والتعبيرعنه ، والتواصل ذي الطبيعة الملتزمة بقضايا المجتمع وحقوق المواطنات والمواطنين في الاختيار وبناء القناعات ، سواء في المواقف العامة أو في المعيش اليومي والسلوك الاستهلاكي.. ويحيي المكتب السياسي عاليا، الروح الحقوقية الأصيلة، في صفوف الاتحاديات والاتحاديين، فرادى وجماعات، وفي كل الهيئات التنظيمية والسياسية والجماهيرية، والتي تفجرت طاقاتها النضالية، بشكل رائع حمى المكتسبات والتاريخ النضالي المجيد لحزب القوات الشعبية.
ويعتبر المكتب السياسي ان الاحتكام الى المرجعية الحزبية الحداثية والتقدمية والحقوقية كانت وستظل بالنسبة لكافة الاتحاديات والاتحاديين، مسالة مفصلية في قوانين الحزب وميثاقه الأخلاقي، ذلك ان هذا الاحتكام فضلا عما يشكله من بوصلة توجيهية في أداء التزاماتهم النضالية، فانه يعتبر سلوكا ملزما لكل من يمارس مهمة انتدابية في مختلف الواجهات الحكومية والبرلمانية والمؤسساتية والنقابية والجمعوية، وانطلاقا من هذه القاعدة المبدئية فان المكتب السياسي يعبر عن رفضه التام لأي مشروع لتقنين شبكات التواصل الاجتماعي يتضمن مقتضيات تنتهك حقوق الانسان وتمس بحرية الرأي والتعبير و يوصي الاتحاديين والاتحاديات في البرلمان بان ينخرطوا بقوة في تصريف المرجعية الاتحادية اثناء مناقشة كل مشاريع ومقترحات القوانين.
وسجل المكتب السياسي أخيرا بأسف عميق، وبقلق بالغ، التعامل اللامسؤول والمشبوه أحيانا، لطرف داخل مكونات الاغلبية الحكومية مما أوحى إلى المواطنين والمواطنات أن السلطة التنفيذية ما هي إلا ساحة لتصفية الحسابات السياسية وتدبير شؤون الدولة بأعراف المكيدة والتربص. وهو ما قد يضعف المصداقية المطلوبة في جهاز دستوري من أجهزة الدولة في ظروف هي في أمس الحاجة الى كل أذرعها لمواجهة الصعوبات الناجمة عن الجائحة.