الكنبوري: إعفاءات الملك بداية للتغيير في المغرب
قال ادريس الكنبوري، محلل سياسي، أن الملك محمد السادس صنع الحدث الذي كان الكثير من المغاربة ينتظرونه، مشيرا إلى أن بلاغ الديوان الملكي ـ الذي صار معروفا الآن لدى الجميع ـ أعطى لأول مرة إشارة واضحة وصريحة أنه لا أحد فوق المحاسبة، والمسؤولية ليست مرعى.
وأضاف الكنبوري في تدوينة على صفحته الخاصة بالفايسبوك “إنها بداية التغيير الصعب في المغرب، لأن تحريك الثقافة الفاسدة من مكانها يتطلب وقتا وتدريبا. الإجراءات الملكية الأخيرة هي بمثابة تدريب جديد على تغيير الأسلوب. الجميع في المغرب يشكو من الجبل، ولكن تحويل الجبل من مكانه ليس أمر سهلا ويتطلب عملا طويل النفس”.
وأضاف الكنبوري أن “ما يثير في هذه الإجراءات أن المحاسبة طالت أمين عام حزب سياسي، ذي الوزارتين”، مؤكدا أن “رئيس الحزب السياسي يجب أن يكون قدوة”.
وأوضح الكنبوري “تأخرنا طويلا، ومع التأخر تراكم الفساد وصار المفسدون في المغرب يعتبرون المسؤولية ضيعة ورثوها عن أجدادهم، وتكونت طبقة من المفسدين بعضهم يغطي على بعض حتى ضاق المكان بالمواطن، ولم يعد أحد بقادر على محاسبة أحد لأنه يخاف من محاسبته أيضا، بعد أن صار الفساد في بلادنا مثل السلسلة الغذائية chaîne alimentaire، ولكن الإجراءات الأخيرة خطوة على طريق الألف ميل”.
وأكد الكنبوري أن الإجراءات التي اتخذها الملك محمد السادس في حق أربعة من الوزراء وعدد من المسؤولين في الدولة، وتلك التي ستأخذ طريقها إلى التنفيذ عبر رئيس الحكومة بتكليف ملكي، تعيد ربط التقاليد الملكية بالتقاليد السلطانية السابقة في المغرب، بالرغم من أنه لم يكن منصوصا على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في الماضي إلا أن هذا المبدأ كان مطبقا في المغرب بطريقة أو بأخرى، بل كان المبدأ يطبق بشكل أكثر جرأة، إذ كان يتم اعتقال الموظف في الدولة/المخزن وتجريده من ممتلكاته، وهو ما كان يسمى بـ”التتريك”.
وقال الكنبوري إن “القرار الملكي بحرمان عدد من المسؤولين من تولي أي مهام في الدولة مستقبلا قرار مهم جدا وفي غاية الحكمة. السؤال هو: هل ينطبق نفس الأمر على الوزراء المعفيين؟ فهؤلاء أيضا أخلوا بمسؤولياتهم ومن الصعب أن يراهم المواطن غدا على رأس المسؤولية في الدولة.
وختم الكنبوري تدوينته قائلا “في جميع الأحوال، هناك ثورة هادئة يقودها الملك. إنها بذرة طيبة في حقل كبير، لكن الحصاد يتطلب عاما، وعلينا أن نتسلح بالأمل في المستقبل، لأن السياسة كالفلاحة، تتطلب صبرا ووقتا، المهم في كل هذه العملية أن تدخل كلمة “العقاب” في قاموس الدولة، وأن تتطور أشكال العقاب بشكل تدريجي لتشمل المحاسبة والتدقيق في الممتلكات واستعادتها إلى المغاربة. لقد طور الفساد نفسه في ظل غياب القانون، والمفسدون لم يعودوا يخافون من السجن طالما أن أملاكهم تبقى على حالها. آن الأوان لنعود إلى سياسة “التتريك”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية