المهدي الزوات يكتب: إكراهات قانونية واقتصادية تواجه المقاولات المغربية جراء تمديد الحجر الصحي

المهدي الزوات: محامي متمرن بهيئة الدار البيضاء وباحث بسلك الدكتورة في القانون

في خضم الانتكاسة الاقتصادية التي يعيشها المغرب، والتي تبقى طبيعية حيث أنها تضع جميع الدول، المتنافسة اقتصاديا، على نفس خط الإنطلاق بعد هذه الأزمة العالمية، يطرح السؤال عن ما مدى قابلية المغرب لتجاوز الآثار السلبية لها، وإلى أي حد سيستفيد من هذه الإنطلاقة من نفس الخط مع باقي الدول المنافسة له صناعيا وتجاريا إقليميا ودوليا. لكن، عندما تنهي جميع الدول تدابير الحجر الصحي تدريجيا، بل منها من أعلن عن نهايته، في حين أن المغرب لازال في نقاش حول المناطق 1 و 2 وأماكن وضع المخالطين والتدابير الاحترازية من أجل “الرفع التدريجي” للحجر الصحي “مستقبلا”، فهذا يضع المغرب أمام تحديات اقتصادية وقانونية سيكون لها تأثير كبير على المقاولات الوطنية، خصوصا المتوسطة منها والصغرى.

اقتصاديا : الاقلاع الاقتصادي والتنافسية الإقليمية والدولية

بداية الاقلاع الاقتصادي من جديد لدول مثل تونس وتركيا والصين بالإضافة إلى إسبانيا وفرنسا منذ أكثر من أسبوعين، هو بمثابة ضربة قوية لاقتصادنا الوطني الذي لازال يعرف ركودا كبيرا بسبب جائحة كورونا إلى حدود كتابة هذه الأسطر، على اعتبار أن هذه الدول من أقوى منافسيه وشركائه، فالمنافس سيظفر بالشركات العالمية التي فتحت مصانعها ببلادك، والشريك سيظفر بعملتك الصعبة جراء ارتفاع الطلب وانعدام العرض، مما سيدفع بتجارك إلى استيراد حاجياتهم من عنده.

إن معالم الاقلاع بالمغرب لازالت متعثرة، بل إننا لا زلنا أمام بعض التدابير الموجهة لدعم المقاولات في فترة الأزمة، أي لا زلنا في مرحلة “تدبير الأزمة” ولم نصل بعد إلى استشراف “ما بعد الأزمة”، أما برامج دعم الاقلاع الاقتصادي وتدابير إعادة انتعاش السوق الداخلي فمعالمها لا زالت لم تتضح بعد، بل حتى القطاعات ذات الأولوية لم يتم تحديدها بعد.

قانونيا : الالتزامات التعاقدية مع الشركاء الأجانب

من الناحية القانونية، فقريبا سينطلق مسلسل المشاكل التعاقدية بين الشركات المغربية والأجنبية، خصوصا إذا لم تحسم المحاكم الأجنبية (التي يوكل لها غالبا اختصاص البث في هذه النزاعات تعاقديا) في طريقة التناول القانوني للإخلالات التعاقدية الناتجة عن تأثر الشركات بأزمة كورونا. فالنقاش لا زال محتدما حول اعتبار كورونا قوة قاهرة أم لا، وكيفما كانت نتيجة هذا النقاش، فليس هناك ما يجبر الشركات الأجنبية على تحمل وزر استمرار الحجر الصحي تضامنيا مع الشركات المغربية، خصوصا أن هناك شركات أخرى في دول منافسة استأنفت عملها بشكل عادي وعلى أتم الاستعداد من أجل تقديم نفس الخدمات.

من ناحية أخرى، كل الآجالات المرتبطة بالآداءات سيتم استئنافها في الدول الأخرى بالموازاة مع تدابير رفع الحجر الصحي، مما سيكون له أثر مباشر على التزامات الشركات المغربية التي لم تستأنف بعد عملها بشكل طبيعي. فهل ستأخذ المحاكم الأجنبية، ذات الاختصاص التعاقدي، بعين الاعتبار هذا الفرق الزمني المرتبط بقرار الحكومة رفع الحجر الصحي في البلدين؟ فالحلول الحبية تبقى دائما رهينة بطبيعة العلاقة بين الشريكين ومدى إمكانية التوافق بينهما. في حيت تبقى الحلول المنصوص عليها قانونا أكثر نجاعة واحتراما لجميع الأطراف فيما يتعلق بحل النزاعات التجارية التي يمكن أن تترتب على مثل هذه الاختلالات.

ختاما، يجب تسريع تنزيل تدابير وحلول الإقلاع الإقتصادي وكذا مراعاة الالتزامات التعاقدية للشركات المغربية خصوصا على المستوى الدولي. فالمقاولة الوطنية تبقى الرافعة الأساسية للاقتصاد الوطني كيفما كان حجمها.

يجب أيضا، إعادة ترتيب الأولويات والتوجه نحو حلول ناجعة، تعطي للاقتصاد الوطني دفعة قوية توازن بين إشكالية العرض والطلب كي يستطيع اللحاق بمنافسيه ويخرج بأقل الخسائر من هذه الأزمة.


أشرف حكيمي يفضح هجوم باريس سان جيرمان

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى