أزمة حشيش

فعلها عبد القادر مساهل “بجرة لسان”، وخرج عن صواب الكلام، وأوقع نفسه في مأزق حقيقي يفترض، لو كان يحترم موقعه رئيسا لدبلوماسية بلاد “المليون شهيد”، ألا يخرجه منه إلا بـ”اعتذار” يبدو أنه حذف من قاموس قيادة دولة يمكن أن تقول أي شيء للتغطية على “أزمة حكم” بادية للعيان.

الرجل الأول في الدبلوماسية الجزائرية وقع في شراك استفزاز رجال الأعمال الجزائريين، ولم يجد من جواب لهواجسهم سوى اللجوء إلى فزاعة المغرب، ليصرح بأن الأبناك المغربية تستعمل أموال الحشيش، وأن الطيران المغربي ينقل الممنوعات (هكذا بدون مسؤولية).

“أزمة الحشيش”، التي فجرها مساهل، تظهر، أولا وأساسا، حجم الأزمة التي تعيشها الجزائر في إيجاد أجوبة مقنعة للمستثمرين المحليين ورؤوس الأموال الأجنبية، بعدما أصابها الذعر بسبب الأجواء المسمومة في قصر المرادية، الأمر الذي انعكس على كل البلاد، وعلى صورتها في الخارج، رغم كل الغاز والبترول الذي تنام عليه البلاد، والذي كان يمكن أن يحسّن أوضاع الجزائريين، ويجعلهم من الشعوب الإفريقية الأكثر رفاهية، لكن العكس هو الحاصل، بعدما تم تبديد كل تلك الثروات، على امتداد عقود، بالفساد والإنفاق العسكري، والتجييش في حرب اللوبيات ضد المغرب، وليس بسبب “حشيش المغرب” الذي لا يوجد إلا في مخيلة سعادة الوزير، الذي يبدو أنه لم يكن في “حالة طبيعية” تجعله لا ينزل باللغة الدبلوماسية بين الدول إلى القاع.

واقع الاقتصاد الجزائري لا يلزمه لا حشيش كتامة ولا قرقوبي وهران، ولا حتى هروين كولومبيا.. الجزائر يلزمها أن تهتم بشؤونها الداخلية، وتبتعد عن الحروب، المعلنة وغير المعلنة، وغير المجدية، والتي تضيع عليها، وعلى المغرب، وكل دول شمال إفريقيا، وقتا ثمينا كان يمكن أن يخدم مصالحها، بدل هذه “اللغة العُصابية” غير اللائقة.

البنك الدولي، في تقريره لسنة 2017 حول مؤشر مناخ الأعمال (داونغ بيزنس)، صنف الجزائر في المرتبة 156 من ضمن 190 دولة، مع أداء ضعيف انحصر في 47,76 نقطة من أصل 100، متخلفة عن المغرب، الذي جاء في المركز 68 بمجموع 68,5 نقطة، تليه تونس في المرتبة 77 بـ64,89 نقطة.

هذا هو الواقع الذي يجب على مساهل أن يخبر به رجال الأعمال في الجزائر، عوض الجواب على هواجسهم بـ”وهم الزطلة” المغربية.

وإن كان حل هذه الأزمة، ديبلوماسيا، تقديم الرجل لاعتذار بيّن للمغرب، فحلها بالنسبة للأبناك المغربية وشركة الطيران المغربية واحد لا شريك له، اللجوء إلى القضاء، وليس التلميح به في وسائل الإعلام.

سمعة المؤسسات المالية المغربية والخطوط الجوية أصابها اليوم “دخان جوان” مساهل، وقد يؤثر ذلك على صورتها في الأسواق العالمية، ولا يجب أن تنتظر هذه الشركات مزيدا من الوقت للتحرك قانونيا، لكي لا تصير عقاب سجارة تحت حذاء الخصوم، وضحية حشيش يطير مفعوله بعد حين.

وعلى كل حال، الشكر لعقلاء الجزائر، من مثقفين وأكاديميين، ودبلوماسيين، الذين رفضوا اللغة الساقطة لرئيس دبلوماسية دولتهم، التي صارت تعيش تحت وقع أزمات متتالية، وتحتاج حلا سياسيا، لا فرقعات وتصريحات شاردة هنا وهناك.


انخفاض أسعار اللحوم الحمراء المستوردة ومهني يوضح لـ “سيت أنفو”

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى