سعيد نعيم يكتب: الجفاف.. الخطر القادم
سعيد نعيم: مهندس معلوميات مقيم في فرنسا
منذ الإستقلال، أطلق المغفور له الحسن الثاني سياسة السدود لتدبير الموارد المائية لمواجهة التساقطات المطرية الغير كافية وولتدببر سنوات الجفاف، لتصبح هذه الاستراتيجية توجها رئيسيا للمملكة المغربية الشريفة واكبه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمجموعة من البرامج، آخرها البرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 الذي خصص له غلاف مالي قدره 115 مليار درهم.
ويتعلق الأمر، بتنمية العرض المائي لاسيما من خلال بناء السدود (61 مليار درهم)، وتدبير الطلب وتثمين الماء خاصة في القطاع الفلاحي (25،1 مليار درهم)، وتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي (26،9 مليار درهم)، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء (2،3 مليار درهم)، والتواصل والتحسيس من أجل ترسيخ الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استعمالها (50 مليون درهم).
رغم كل المجهودات المبذولة، تحتل المملكة الترتيب 22 في قائمة الدول الأشد نقصاً في المياه، حسب تقرير صادر في غشت الماضي عن المعهد الدولي للموارد، الذي يراقب الموارد العالمية و تظل %85 من الأراضي الفلاحية خاضعة لتقلبات التساقطات المطرية و لا تغطي سوى 66%من حاجيات الساكنة من الماء الشروب مع تباينات كبيرة بين المناطق.
فيما يخص منطقة مليلة إقليم ابن سليمان، تعرف هاته المنطقة نقصا حادا في هاته المادة الحيوية والضرورية لإستمرارية الحياة وكما لو أن الجفاف و قساوة الطبيعة في تحد مستمر ، توّقفت السماء عن ريّ أراضٍ تقتات من الفلاحة البورية ، وتحولت أحلام القرويين في الزراعة إلى كابوس انتهى بحصد الخسائر بدل درّ الأرباح، فأضحت البهائم سبيلًا وحيدًا للعشرات منهم، حتى يضمنوا استمرارَ الحياة في موطن الأجداد، غير أن أنين الدلو الذي يُرمى في الآبار رغم قلتها لا يقدم غير الفراغ…
بعد سنوات من التصريحات المطمئنة للساكنة والطموح والتفاؤل بغد أفضل منذ عام 2011 بشأن بناء سد عين القصب، أعلنت وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء بتاريخ 10 ماي 2019 جوابا على السؤال الكتابي رقم 10984 للسيدة أمينة الطالبي عن حزب الاتحاد الإشتراكي دخول المنطقة في مرحلة الفقر المائي، وذلك بالتزامن مع إعلان وصول المفاوضات مع الساكنة المجاورة إلى طريق مسدود بسبب رفضهم نزع الملكية وربما كانت أسباب أخرى يجهلها العامة تبقى خلف الكواليس، مما يهدد الساكنة بالعطش وينذر بسنوات عجاف بسبب إستنزاف مخزون المياه السطحية والجوفية.
وحسب التعاريف الدولية تدخل أي منطقة مرحلة الفقر المائي عندما يصبح نصيب الفرد أقل من ألف متر مكعب في السنة.
ويعاود السؤال المقلق للتداول : لماذا بعد عدة سنوات من العطش والمعاناة ، لم تجد الجهات المسؤولة حلا نهائيا لهذا المشكل ، من أجل رفع شبح العطش عن الساكنة ؟
فهل يا ترى لا توجد أراضي كافية لإنشاء السد في منطقة تمتد على مساحة تناهز 316 كلم مربع ؟
أم أن هذا الموضوع غير مطروح ضمن أوليات المسؤولين، بالرغم من الرعاية الملكية التي يحظى بها ملف السدود في المغرب..
وما هي العراقيل التي تواجه تطبيق التوجيهات السامية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله؟