محمد خمريش يكتب: إعادة مباراة عمادة كلية الحقوق بسطات هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟
بعد أن تم إحباط جميع المحاولات اليائسة الرامية إلى تنصيب عميد جديد بكلية الحقوق بسطات على المقاس، وبعدما تعاملت الوزارة الوصية بكل الحزم المطلوب للتصدي لهذه المسرحية المفضوحة التي رافقها جدل كبير على صفحات مختلف الجرائد الوطنية والرأي العام، يمكن اعتبار أن إلغاء المباراة السابقة بقرار معلل وفتح باب الترشيح من جديد يثير العديد من المساءلات القانونية التي لا بد لوزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر أن يأخذها بعين الاعتبار وذلك وفق التبويب الآتي:
1- اقتراح وتعيين أعضاء اللجنة:
مباشرة بعد انتهاء فترة إيداع ملفات الترشيح، يقترح رئيس الجامعة على الوزير المعني أعضاء اللجنة المكلفة بدراسة وترتيب الترشيحات كما هو محدد في الملحق رقم 2 من المذكرة الوزارية عدد 1040/01 بتاريخ فاتح غشت 2012 مصحوبة بسيرة ذاتية لكل عضو مقترح، يليها قيام أعضاء اللجنة بإجراء المداولات وترتيب المرشحين حسب الاستحقاق، وما دام أن الجهة الطاعنة أسست طعنها الإداري في المباراة السابقة على أساس قانوني سليم والمتمثل أساسا في تركيبة اللجنة وعدم أهلية أحد أعضائها على مستوى الرتبة والدرجة والتخصص، ولكون النتائج المحصلة كانت غير عادلة وغير منصفة، نظرا لكون بعض المرشحين الذين يتوفرون على تجربة مهمة في التدبير الإداري ومشاريع متكاملة للنهوض بالمؤسسة، ثم إقصائهم عمدا أو ترتيبهم في مقام لا يليق بملفاتهم المتوازنة والقوية، لتأثيث المشهد السينمائي الاحتفالي ببعض مساحيق وتوابل المساواة وتكافؤ الفرص، ونزولا عند المقتضى القانوني القاضي بالتشكك المشروع في نتائج ترتيب المرشحين، فإن المنطق القانوني السليم يقتضي من الوزير التدخل لتعيين لجنة محايدة للمباراة المرتقبة مباشرة دون التقيد باقتراحات أية جهة أخرى. وضمانا لمعايير الكفاءة والاستحقاق ومبدأ تكافؤ الفرص يستحب أن تجرى المباراة بالإدارة المركزية خارج أسوار الجامعة تفاديا للتوافقات التدليسية والتدخلات المباشرة وغير المباشرة في صميم أعمال اللجنة التي ينبغي أن تبقى أسماء أعضائها سرية للغاية إلى حين إجراء المباراة، خاصة في ظل تواجد تيار مستبد يسعى بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة للإبقاء على الوضع القائم ومحاولة الهيمنة على كل الهياكل الإدارية والمنتخبة بالمؤسسة، من خلال الإبقاء على الشعب واللجنة العلمية تحت امرته وكذا مجلسي المؤسسة والجامعة، هذا المعسكر يقوده مهندس مقنع غير ظاهر للعيان، يعمل في الخفاء يوزع الابتسامات والتحايا على الجميع ظاهرها التأدب وباطنها الحقد والجفاء، وما خفي كان أعظم. لكن تنفيذ هذه المخططات وتنزيلها على أرض الواقع يعهد بها إلى آليات تنفيذية تدين له بالولاء والتبعية العمياء.
2- شبكة تقييم الترشيحات:
وتتكون هذه الشبكة من ثلاث مكونات:
– تقييم السيرة الذاتية.
– تقييم مشروع تطوير المؤسسة.
– تقييم المقابلة.
يلاحظ في المباراة السابقة أنه تم الإجهاز على معايير شبكة التقييم في حق مجموعة من المرشحين الذين تم إقصائهم بشكل ظالم رغم أنهم راكموا تجربة إدارية وبيداغوجية مهمة، ومشهود لهم بالكفاءة والمهنية والإسهامات العلمية، تأسيسا على ذلك وجب الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تعيين لجنة مغايرة كليا غير مستنسخة محايدة، لأن الإبقاء على ذات اللجنة السالفة الذكر، يندرج في إطار شرعنة عمل مادي غير مشروع سبق وأن تم تجريحه وإعمال الطعن بشأنه، خاصة أن التظلم الإداري أو القضائي لا بد أن ينبني على سبب مادي واقعي يبرره، وما دام أن الوزارة الوصية استجابت للطعن وقامت بترتيب آثاره القانونية القائمة على إعدام نتائج المباراة السابقة وكأنها لم تعلن أصلا وجب عليها ضمانا لسيادة وسمو القانون، أن تأخذ بعين الاعتبار حيثيات وملابسات قرار اللجنة المذكورة المطعون عليها، ومن خلال القراءة الاستنطاقية والتأويلية للنصوص القانونية ذات الصلة يلاحظ أن اللجان التي يعهد إليها بانتقاء المرشحين الثلاثة سواء كانوا عمداء أو رؤساء جامعات تحدد لهم معايير الاختيار بناء على شبكة تقييم معدة سلفا من قبل الوزارة الوصية، تنزح نزوحا تاما عن الضوابط القانونية الضامنة لحسن الاختيار بناء على الاستحقاق، لتقيم بدلا عنها معايير شخصية تغلب فيها اعتبارات شتى غير معيار الاستحقاق في خرق سافر ومتعمد لتنصيصات القانون التنظيمي المحددة لضوابط الاختيار الموضوعية، والذي يلزم الإدارة المعنية بتطبيقه وضرورة التقيّد به نصيا دون تجاوزه بوضع شبكة للتقييم من صنعها واجتهادها والتي لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تتعارض مع نص قانوني صريح واجب التطبيق، لأن ذلك مخالف للنظام العام وللتسلسل الهرمي للقوانين، فإذا كانت معايير الاختيار شروط حصرية يجب توفرها في المرشح كالكفاءة العلمية والتجربة الإدارية في كل من القطاعين العام والخاص، فإن التقديرات التي تضمنتها شبكة التقييم تجعل من هذه الشروط مسألة ثانوية طالما أن السيرة الذاتية للمرشح خصص لها حيز الثلث على مستوى التنقيط الإجمالي والثلث الآخر يهم المشروع المقدم للترشيح، والذي يبقى مجرد شرط للانتقاء فقط، ليستقيم العبث في الشبكة بإعطاء ثلث آخر لتقديم المشروع شفهيا أمام لجنة الانتقاء، مما يعدم في الأساس المعايير المحددة حصريا في القانون التنظيمي، وذلك بالإنتصار للإعتبارات الشخصية على حساب الضوابط العلمية والمهنية والكفاءة الإدارية، وهو ما يزكي التجاوزات التي عرفتها عملية الترشيح لعمادة كلية الحقوق بسطات، حيث تم انتقاء مترشحين لا تتوفر فيهم الشروط المتطلبة قانونا، وتم إقصاء البعض منهم الذين استجمعوا كل الشروط المطلوبة في اغتصاب ممنهج للنصوص القانونية المعمول بها.
بناء عليه، وبعد أن رفضت الوزارة الوصية نتائج المباراة السابقة يجب أن تكون بعد إعادتها حريصة على بسط رقابتها على أعمال اللجنة المرتقبة ضمانا للنزاهة والشفافية والكفاءة والاستحقاق وترسيخا لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، وذلك بإسقاط الانتماءات السياسية وتوظيفها للظفر بمقعد العمادة دون وجه حق، خاصة إذا ساد الإعتقاد عند البعض أن حضور مؤتمر الحركة الشعبية والانتماء إلى أحد فروعه في آخر لحظة كفيل بتعبيد الطريق للظفر بتأمين المنصب المذكور.
واستخلاصا لما سبق، فإن العميد المقبل مهما كانت توجهاته أو لونه السياسي مطالب بترتيب الأولويات وتدبير الطموحات والاختلافات من خلال:
– رد الاعتبار للشعب وإعطائها المكانة اللائقة بها على المستوى البيداغوجي واحترام استقلاليتها في علاقتها بالإدارة.
– توحيد صفوف الأساتذة، ومحاربة الاتجاه الاستبدادي الذي يريد أن يحول الكلية إلى فرق كلامية متناحرة كملوك الطوائف، هذا الأخير لا ينتعش إلا من خلال خلق الأزمات.
– الحد من تغول رئاسة الجامعة وتدخلها السافر في تدبير شؤون الكلية، خاصة على مستوى ترقيات الأساتذة، حيث أن نظام المحاصصة بين المؤسسات التابعة لجامعة الحسن الأول يميل لصالح مؤسسات أخرى على حساب كلية الحقوق وحالة كل من الأستاذين حسن الخطابي وعبد الرحيم العماري جد دالة.
– إحداث دليل عملي كإطار مرجعي معتمد لتنظيم طبيعة العلاقة بين العمادة والكتابة العامة وباقي المصالح الأخرى.
– تدبير شكايات وتظلمات الطلبة داخل آجال معقولة بمعالجتها الكترونيا.
– تمكين المختبرات من اعتماداتها المالية التي يخولها القانون لتوظيفها في المجال البحثي لرد الاعتبار للمؤسسة.
– التحفيز المادي والمعنوي للأساتذة والأطر الإدارية الجادة ترسيخا لثقافة الاعتراف.
– القدرة على اتخاذ القرارات في حينها لأن القرار بصفة عامة كالفاكهة، إذا تم قطفها قبل الآوان يكون مذاقها مرا أو مفعما بالحموضة،وإذا تم جنيها بعد فوات الأوان تكون فاسدة، لذا ينبغي قطفها في الوقت المناسب، عسى أن يصلح العطار ما أفسده الدهر.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية